السومرية نيوز/ بغداد
أمسى تأخر المشاريع وبالذات الإستراتيجية منها عادة مألوفة في العراق، والسبب يعود الى خليط من "الفساد" والعلاقات المعقدة التي تقود في النهاية الى غض الطرف عن المتورطين في تلكؤها، وبالتالي استفحالها.
كثيرة هي المشاريع التي غالبا ما يرسو تنفذيها على شركات كبرى لا يؤخذ سوى الاسم منها، بحسب مراقبين، لتحال بعدها إلى شركات أقل سمعة، ثم أصغر، إلى أن تصل في نهاية المطاف الى مقاولين ينفذونها بشكل سطحي دون حساب وكتاب، وفي المحصلة مشاريع متلكئة وطويلة الأمد بفعل التهاون و"الفساد".
وفق ذلك يقول المتحدث الرسمي باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "تنفيذ عدة مشاريع أحيل لبعض الشركات، التي حصلت على تصنيف أول من خلال بعض عمليات الفساد"، مبينا أن "العديد من الشركات تلكأت في التنفيذ لأن المشاريع المسندة إليها اكبر من إمكانياتها".
ويضيف الهنداوي، أن "المقاولات الثانوية التي تقوم بعض الشركات بمنحها لشركات صغيرة غير كفوءة بدون علم صاحب المشروع، يدخل أيضا في باب الفساد الذي يؤدي الى تلكؤ هذه المشاريع وتأخرها".
سرقات بعشرات المليارات
وكشف محافظ بغداد علي التميمي عن "وجود سرقات بعشرات المليارات في مشاريع المحافظة"، مؤكدا أن "أسماء كبيرة في المحافظة متورطة في هذا الفساد".
ويقول التميمي إن "المحافظة ضبطت العديد من ملفات الفساد في مشاريع العاصمة يصل حجم السرقات فيها الى عشرات المليارات"، مبينا أن "حجم السرقة في احد هذه المشاريع بلغ 80 مليار دينار، ما يعادل بناء 800 وحدة سكنية في بغداد".
ويؤكد التميمي، أن "مشروعين آخرين بلغ حجم السرقة فيهما 28 مليار دينار، فضلا عن كشف عقد تجهيز بلغت السرقة فيه 10 مليارات دينار".
ويبين التميمي، أن "حجم الفساد الكبير في هذه المشاريع أدى الى تأخر تقديم الخدمات للمحافظة"، مشددا على أن "المحافظة لن تتوانى عن تقديم جميع المفسدين الى العدالة".
من جهته يقول عضو لجنة الخدمات في مجلس محافظة بغداد غالب الزاملي، إن "العديد من المشاريع المتلكئة، هي أشبه بالمشاريع الوهمية"، مؤكدا أن "هناك مشاريع إستراتيجية في بغداد تنفذ، ولكن ليس ضمن المواصفات العالمية".
ويضيف الزاملي، أن "الكثير من المشاريع المتلكئة أو المتوقفة تتعلق بحالات فساد مالي وشركات غير قادرة على إدارة المشاريع بسبب قلة خبرتها وإحالة المشروع على شركات فرعية".
ويوضح الزاملي، أن "تأخر المشاريع وتلكؤها ستؤثر سلبا على المواطن وعلى تقديم الخدمات له".
آفة تجري مكافحتها
ويوضح النائب عن دولة القانون خالد الاسدي في حديث لـ"السومرية نيوز"، أن "التأخير في إنجاز المشاريع الخدمية، هو جزء من حالات الفساد المرصودة"، مؤكدا أن "الحكومة تكافح من اجل معالجتها".
ويشير الاسدي الى أن "الكثير من الشركات لاتمتلك الخبرة اللازمة، وقد تدفع الرشاوى لبعض المسؤولين من اجل الحصول على المشاريع، وبالتالي فان التنفيذ سيكون غير مطابق للمواصفات العالمية".
ويرى الأسدي، أن "الحكومة مضطرة إلى منح المشاريع الضخمة لشركات محلية بسبب عزوف دخول الشركات الأجنبية"، موضحا أن "الظروف الأمنية التي مر بها البلد جعلت الكثير من الشركات العالمية تحجم عن الدخول إلى السوق العراقية".
فيما أكدت وزارة التخطيط أن الكثير من المشاريع تلكأت سواء كانت منفذة من قبل الحكومات المحلية أو الوزارات، بسبب الاعتماد على الشركات غير الرصينة وتأخر الموازنة، فضلا عن تفشي الفساد.
وكان العراق قد أدرج في كانون الأول 2013 بين الدول العشر الأكثر فسادا في العالم الى جانب الصومال والسودان وليبيا وسوريا، وفقا لمؤشر الفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2013.
يذكر أن معظم المحافظات العراقية تعاني منذ أعوام عدة، مشاكل كبيرة على الصعيد الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها الكهرباء والمياه والصرف الصحي وزحمة السير، التي غالبا ما تسبب بتصاعد النقمة الشعبية واتهام الحكومة بالتقصير.