أثبتت المرأة الإيزيدية قدرتها على الصمود في وجه الصعاب التي تعرضت لها ولاسيما الإرهاب الممنهج، وأدركت أن ما تتعرض له جزء مما يستهدف الوطن، وأمام واجباتها لم تغب عن دورها في تأمين لقمة العيش في مخيمات النزوح وفي أي موقع كانت فيه.
السومرية نيوز/ دهوك
أثبتت المرأة الإيزيدية قدرتها على الصمود في وجه الصعاب التي تعرضت لها ولاسيما الإرهاب الممنهج، وأدركت أن ما تتعرض له جزء مما يستهدف الوطن، وأمام واجباتها لم تغب عن دورها في تأمين لقمة العيش في مخيمات النزوح وفي أي موقع كانت فيه.
في الطريق إلى زيارة منزل سيفي جكو غير المكتمل، في مجمع خانكي السكني (25 كم جنوب غرب دهوك)، الذي يضم مجموعة إيزيديين نازحين من سنجار، يلفت الانتباه المئات من الخيام المنصوبة عشوائيا في أراضٍ زراعية مترامية الأطراف، ولافتات تحوي توجيهات لتسهيل تنقل النازحين.
عائلتها المكونة من 11 فردا يتحدثون عن مثابرتها واندفاعها للعمل وإعانتهم ماديا بعد أن فقدوا كل مصادر رزقهم، ولعل ما حدث معها حين هاجمت المجموعات التي تحمل الفكر التكفيري المنطقة التي تقطنها جكو وأسرتها في قضاء سنجار، دفعها للعمل في صناعة "تنانير" الطين وبيعها، وهذه الظروف كانت نقطة تحول كبيرة في حياة جكو، فباركت العائلة هذه الخطوة، وينتظرون بشغف مجيء الزبائن ليشتروا منها تنانير.
سيفي جكو ذات الـ(51 عاما)، تخشى من هطول المطر كونه يعطل عملها وربما يتسبب بإتلاف صناعتها، تقول لـ"السومرية نيوز"، إنها "لم تجد خيارا أفضل من صناعة التنانير الطينية لمساعدة أسرتها"، مبينة أنها "الوحيدة التي أخذت مهام العمل لتوفير لقمة العيش لأسرتها عقب النزوح".
وتوضح جكو أن "مشوارها مع صناعة التنور بدأت عندما كنت صبية، حيث تعلمت هذه المهنة على أيدي والدتها التي كانت تعمل التنانير لأسرتها والجيران والأقرباء بدون مقابل".
وتضيف جكو، أنها "معدل إنتاجها يتراوح مابين (2 ــ 3) تنور اسبوعيا"، مبينة أن "التنور الواحد تحتاج لعدة أيام كي يجف ومن ثم يباع بسعر 25 ألف دينار".
وتعتبر جكو، أن "هذا السعر رخيص جدا مقابل الجهد الذي يذل اثناء عملية صنع التنور"، مؤكدة أنها "باعت حتى الآن نحو 20 تنورا، ومعظم زبائنها من النازحين".
وتشير جكو إلى أنها، "محظوظة بامتلاكها خبرة صناعة تنانير الخبز لتساعد أسرتها في ظروف صعبة".
أما انتصار خلف (45 عاما)، وهي تساعد جكو في عملها، فهي تسرد مراحل صناعة التنور، بالقول، إن "المرحلة الأولى تبدأ بجلب وتنظيف التراب المخصص لصنع التنور، ومن ثم خلط التراب وإبقائها في الماء لمدة يومين، وتضاف إليه الملح والتبن وشعر الماعز لجعل الطين متماسكا".
وتقول خلف، أن "المرحلة الأخرى هي تشكيل الأساس ثم الوسط وصولا الى الفوهة ويعدها يعرض التنور للشمس لمدة أسبوع على الأقل حتى يجف".
وكان آلاف الإيزيديين نزوحوا الى محافظة دهوك عقب اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي لمناطقهم في سنجار واستباحته لأموالهم وممتلكاتهم، علاوة على تسببه بمقتل المئات منهم، ومعظمهم حاليا يسكنون حاليا المدارس والمباني العامة ومخيمات أعدت لهم.
يذكر أن تنور الطين في العراق يمتاز بجودته التي تؤدي الى صنع خبز لذيذ معروف بطعمه المميز، وبحسب مصادر تاريخية يرجع استخدامه الى العصور السومرية والبابلية 2000عام (ق.م).