السومرية نيوز / بغداد
كلما انخفضت أسعار الذهب في العراق، يتنفس عاشقوه الصعداء وبالذات النساء منهم، لكن حين يكون الانخفاض قياسيا وغير مسبوق منذ سنوات، كما حصل قبل أيام، فهو يعزز الدينار أمام العملات الصعبة، ويؤكد أن حجم التضخم مسيطر عليه وضمن النسب الطبيعية.
الذهب كما يقال "زينة وخزينة"، وثمة آراء تدعو الحكومة الى استغلال انخفاض أسعاره من أجل شراء سبائك وتعزيز مخزون البلد، أما الأطراف المتعاملة به فهي متباينة المواقف، إلا أن الثابت أن وفرة الذهب مع قوة الدينار العراقي أدت الى انخفاض أسعاره محليا، هي عامل عافية للاقتصاد الوطني، بحسب متخصصين.
تقشف أعقبه انخفاض
ويلقي محمد غني، وهو صائغ في منطقة الكرادة وسط بغداد، باللائمة في انخفاض أسعار الذهب على "سياسة التقشف التي دعت إليها الحكومة خلال العام الحالي، والتي تسبب بدورها بانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين".
ويقول غني في حديث لـ السومرية نيوز، إن "قيمة الذهب مرتبطة بالبورصة العالمية وبالعرض والطلب"، لافتا الى وجود "ضعف في شراء الذهب من قبل المواطنين".
أما الصائغ جليل محمد فيقول لـ السومرية نيوز، إن "الصائغين لا يتعرضون لخسارة في ظل الانخفاض"، مبينا أنهم "يشترون الذهب ويبيعونه وفقا لسعر صرف الدولار، زد على ذلك أن سوق الذهب لا يتعرض للكساد، وهي حالة مؤقتة".
احتيال يعوض الخسارة
"بعض الصاغة يحتالون على الزبائن، من خلال فرض أسعار عالية على صياغة الذهب، وبالتالي فهم يعوضون انخفاض سعر الذهب"، هكذا يقول نزار لفتة وهو زبون فرح بهبوط أسعار الذهب واصطحب زوجته لشراء بعض المخشلات لها.
ويرى لفتة أن "عدم الإقبال على شراء الذهب حاليا، ربما يعود للركود الاقتصادي الذي يشهده العراق".
انخفاض يثبت قوة الدينار
ويقول المستشار الاقتصادي لمجلس الوزراء مظهر محمد صالح في حديث لـ السومرية نيوز، إن "كميات كبيرة من الذهب تدخل للعراق سنويا، وتتراوح ما بين 60 - 70 طنا"، مشيرا الى أن "وفرة الذهب مع قوة الدينار العراقي أدت الى انخفاض أسعاره في الأسواق المحلية".
ويضيف صالح أن "أسعار الذهب عالميا انخفضت بشكل كبير، والانخفاض جعل أسعار الذهب حاليا أقل مما كانت عليه عام 1978"، عازيا السبب الى "القوة الشرائية للمواطن والتي كانت منخفضة آنذاك قياسا بالوقت الحالي الذي يتمتع به العراقيون بقدرة شرائية عالية".
ويوضح صالح أن "الأسباب الأخرى التي أدت الى انخفاض أسعار الذهب، هي استقرار وارتفاع الدينار العراقي المرتبط بالدولار المرتفع هو الآخر عالميا أمام العملات الأخرى"، مؤكدا أن "انخفاض الذهب يعطي دلالة على قوة الدينار العراقي".
فرصة لتعزيز الاحتياطي
ودعت عضو لجنة الاقتصاد البرلمانية نورة البجاري البنك المركزي، الى "شراء سبائك الذهب، خاصة مع انخفاض أسعاره عالميا لتعزيز احتياطياته من الذهب الى جانب العملات الأجنبية الأخرى"، مبينة أن "ذلك يوفر عاملا مساعدا في دعم الدينار العراقي".
وتوضح البجاري، أن "العراق إذا كان يمتلك سياسة اقتصادية جيدة، عليه استغلال هبوط الأسعار مثلما استغلت دول العالم انخفاض أسعار النفط وقامت بشرائه وتخزينه"، مؤكدة أن "شراء العراق للذهب ممكن الاستفادة منه حين ترتفع أسعاره مستقبلا".
وبدوره يؤكد رئيس مركز الإعلام الاقتصادي ضرغام محمد علي في حديث لـ السومرية نيوز، إن "سوق الذهب العراقي مرتبط مباشر بالبورصات العالمية، ونادرا ما يخضع لمبدأ العرض والطلب".
ويضيف محمد علي، أن "الانتعاش الاقتصادي الأوروبي والأميركي والآسيوي بسبب انخفاض أسعار النفط، جعل الذهب يفقد جاذبيته في العالم كملاذ امن للاستثمار"، مبينا أن "تراجع جاذبية الذهب كملاذ استثماري قلل حجم الطلب عليه، وبالتالي تراجعت أسعاره الأسبوع الماضي الى مستويات قياسية هي الأدنى منذ سنوات".
ويلفت محمد علي الى أن "أسعار الذهب الحالية فرصة للشراء من أجل الزواج أو كادخار للقيمة بدل المال حيث من المتوقع أن يعاود الارتفاع خلال فترة بسيطة"، مشيرا الى أن "الاستقرار الاقتصادي ما يزال هشا في ظل غموض مستقبل اليونان في منطقة اليورو وتداعيات ذلك على قوة منطقة اليورو واستثماراتها".
يذكر أن أسعار الذهب في الأسواق العراقية انخفضت الى ما دون 200 ألف دينار للمثقال الواحد بعد أن كانت تتراوح ما بين 250 - 300 ألف دينار للمثقال، وهو تراجع لأدنى مستوى له منذ أكثر من خمس سنوات.