السومرية نيوز/ بغداد
انطلقت رسميا فعاليات أكبر مؤتمر دولي حول المناخ في باريس بحضور 150 رئيس دولة وحكومة على أمل التوصل إلى "اتفاق تاريخي" للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، والحفاظ على الأراضي الرطبة، وهي مناسبة العراق أحوج ما يكون لها من أجل كسب الدعم لتحسين بيئته المنهكة وإنعاش الأهوار التي يهددها الجفاف، إلا أن المشاركة "خجولة" بغياب وزارة البيئة العراقية، بحسب مختصين.
والهدف من المؤتمر الذي يستمر أسبوعين هو إعداد الاتفاق الأول الذي تلتزم بموجبه الأسرة الدولية بخفض انبعاثات غازات الدفيئة من أجل الحد من ارتفاع حرارة الغلاف الجوي إلى درجتين مئويتين مقارنة بالفترة ما قبل الثورة الصناعية، وذلك بمشاركة عشرة ألاف مندوب ومراقب وصحافي ليكون بذلك أكبر مؤتمر للأمم المتحدة حول المناخ يضم أكبر عدد من قادة الدول خارج الجمعية العامة السنوية للمنظمة الدولية، وأكبر تجمع دبلوماسي في تاريخ فرنسا.
وصرح وزير الخارجية لوران فابيوس الذ تولى رئاسة المؤتمر، قائلاً "إنه مؤتمر الأمل الذي يمكن أن يغير الكثير من الأمور"، في حين دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى "التفاؤل حول ما يمكننا تحقيقه" في رسالة قصيرة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
ابتعاد عن دائرة الضوء
وفق ذلك يقول النائب قتيبة الجبوري في حديث لـ السومرية نيوز، إن "هذا المؤتمر مهم وجرى الاستعداد له كان قبل ما يقارب العام"، موضحا أن "وزارة البيئة العراقية قبل إلغائها كانت جزء من المناقشات التي حصلت بباريس".
ويوضح الجبوري، إنه "عندما كان وزيرا للبيئة زار باريس والتقى بمسؤولين هناك، ضمنهم مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون البيئة"، مؤكدا أن "العراق له أهمية في جلسات المؤتمر وتفاصيله، لأنه يعيش كارثة بيئة بكل المقاييس".
ويؤكد الجبوري "وجود وعي عالمي لأهمية الأجهزة التنفيذية المسؤولة عن ملفات البيئة"، لافتا الى أن "كل رؤساء الدول الذين حضروا المؤتمر كان معهم وزراء بيئة، وما يتخمض عنه سيكون عمليات دعم للدول الأكثر تضررا من الاحتباس الحراري وتغير المناخ".
وأبدى الجبوري أسفه لـ"خطوة الحكومة في إلغاء وزارة البيئة"، مشيرا الى أنها "كانت واجهة للبلد وحلقة الوصل بين العراق والعالم بما يخص الكوارث، وكانت وحدة الاتصال الوطنية بملف الكوارث سواء مع الأمم المتحدة أو المنظمات الإنسانية".
ويوضح الجبوري، أن "إلغاء الوزارة جعل العراق يخرج من دائرة الضوء بهذا المؤتمر"، داعيا رئيس الجمهورية فؤاد معصوم والوفد المرافق الى "تكثيف لقاءاتهم مع الأمين العام للأمم المتحدة ورؤساء الدول التي تستطيع دعم العراق".
ويشدد الجبوري على "أهمية أن يكون العراق جزء من المنظومة الدولية التي تعنى بالشأن البيئي وأن لا يكون بعيداً عن ما يدور وتطورات عالمية"، مجددا تأكيده على أن "إلغاء الوزارة قرار مجحف، لأنه جعل العراق بعيد عن دائرة الضوء".
ويتابع الجبوري، "هناك هبة عالمية للاهتمام بالشأن البيئي والوصول الى استراتيجيات من شأنها تقليل حدة ظاهرة الاحتباس الحراري، ما ينعكس ايجابياً على مصادر المياه والحزام الأخضر"، مبينا أن "كل هذه الخطوات كان العراق جزء منها، إذ وضع إستراتيجية للحصول على دعم من الدول المعنية، لكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن".
ويعتبر الجبوري، أن "الحكومة العراقية غيبت وزارة البيئة بقرار خاطئ ولا تعرف أبعاده، وعلى ماذا استند"، موضحا أن "دعا وزراء البيئة العرب لتضمين موضوع العراق ضمن مناقشتهم لبلدانهم، ويعطوا للعراق أهمية".
فرصة سانحة لجلب الدعم
ويقول عضو لجنة الصحة والبيئة النيابية النائب عبد الهادي السعداوي في حديث لـ السومرية نيوز، إن "عقد المؤتمر في باريس يعد من المحافل الدولية المهمة في العالم"، موضحا أن "المؤتمر يوفر فرصة للكثير من الدول من أجل أن تعرض تأثير الحروب على المناخ والبيئة، خاصة ما حدث في العراق وسوريا واستخدام عصابات داعش للمواد المتفجرة والكيماوية بأعمالها الإرهابية التي أثرت على المناخ".
ويرى السعداوي، أن "العراق يفترض أن يكون له دور اكبر بهذا الموضوع وحضور قوي في مثل هكذا مؤتمرات"، معتبراً أن "حضور رئيس الجمهورية للمؤتمر دون وجود مختصين عراقيين من وزارة الصحة والبيئة بالقضايا البيئة والمناخ، يعد شيئا سلبياً".
وأوضح السعداوي، أن "حضور المختصين في مثل هكذا مؤتمرات، يتيح إمكانية تسليط الضوء على المناطق الملوثة في العراق، والتي باتت تشكل رقع واسعة ملوثة بيئياً".
أما الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة "IUCN"، أكد أن "التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية مهددة بسبب التغير المناخي، ويجب الحفاظ على الإدارة المستدامة، وإيجاد حلول عملية تعتمد على الطبيعة للتعامل مع تغير المناخ"، داعيا الى "إبرام اتفاق يعترف بدور الطبيعة في خفض انبعاث الكربون ومساعدة الدول على التكيف مع التغير المناخي".
وقال مدير الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة إنجر أندرسون، إن "النظم الايكولوجية السليمة يمكن أن تكون حليفا قويا يعزز مرونة المناخ ويساعد على التخفيف من آثار التغير المناخي"، مبينا أن "الاستثمار في الحلول القائمة على الطبيعة يجب أن يكون في صميم الكفاح ضد تغير المناخ، الذي يعد من أكبر التحديات التي واجهت البشرية".
الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، بدوره حذر من أن "المخاطر الماثلة" أمام محادثات المناخ الذي افتتح في باريس، أكثر من ذي قبل، وبأن الأرض، والحياة عليها نفسها عرضة للخطر، موضحا أن "حسن المقاصد ليس كافيا، وإنما يجب اتفاق ملزم للحد من ارتفاع درجات الحرارة في العالم".
ويحاول المفاوضون المنتمون إلى 195 دولة التوصل إلى اتفاق جديد للتغير المناخي خلال أسبوعين يرمي إلى تخفيض انبعاثات الكربون عالميا.
وتحدث قادة من 147 بلدا أمام المؤتمر، الذي يعرف باسم "كوب 21"، ومن المقرر الإعلان عن بدء مبادرات تهدف إلى إنعاش التقنيات النظيفة، لكن دول العالم الفقيرة تقول إنها تخشى من "أن تهمش" خلال التدافع نحو معاهدة جديدة.
وخرج آلاف المحتجين في مسيرات مطالبين بالتغير المناخي، في حين أغلقت الشرطة المركز الذي يعقد فيه المؤتمر في لو بورجيه، وأغلقت الطرق وسط إجراءات أمنية مشددة بسبب حضور قادة العالم.