أمٌّ تعمل وقلبها على الارض

"هذا ليس طفلاً ملقى على الارض، انّه قلبي على الارض"، بهذه العبارة أرادت أمّ هنديّة أن تعبّر عن ألمها ومعاناتها لعدم قدرتها على التوفيق بين عملها في المكتب ودورها كأمّ. سواتي شيتلكار، أمّ تعمل لتحصيل لقمة العيش ويتعذر عليها الاهتمام بولدها المريض بالطريقة المناسبة.

نحن نعلم بأن الام تضحي في سبيل أولادها، وهي فعلا متعددة المهام. فمن رعاية المنزل، إلى الاهتمام بالأطفال، والعمل خارج المنزل، ومع ذلك، عليها أن تتحمل كل المسؤوليات في المكتب من دون الكدح أو التعب. ورغم الواقع الصعب، يصبح الامر أكثر قساوة في حال مرض ولدها. وهذا ما حصل بالتحديد مع الأم الهندية.

واثر ذلك، نشرت هذه الام صورة على مواقع التواصل الاجتماعي تعبر فيها عن ألمها، وتظهر فيها ابنها الملقى على أرض مكتبها، بينما هي تعمل على انهاء عمل عاجل. وكتبت على الصورة: "هذا ليس طفلاًعلى الارض، انّه قلبي على الارض. كان طفلي مصاباً بالحمى الشديدة ولم يكن مستعدّا للبقاء مع أي أحد. وليس بإمكاني أخذ اجازة من العمل لأنني كنت أعمل على معالجة قرضا عاجلا. لكنني أستطيع ادارة واجباتي. وأريد فقط أن أوصل صوتي الى الوزراء الذين ينامون في المجالس."

توجّهت شيتلكار الى السياسيين خلال نشرها هذه الصورة على الفايسبوك، بحيث أثارت اهتمام الكثير من الناس وأحرزت ضجّة على وسائل التواصل الاجتماعي، لأنها تسلط الضوء على المعضلات الصعبة والتحديات التي تواجهها الأمهات العاملات. وتبرز هذه الصورة واقع الامهات اللواتي يحاولن تلبية جميع واجباتهن وتسعى قدر المستطاع على التوفيق بينها.

وفي وقت آخر، نشرت شيتلكار جملة أخرى تقول فيها: "الأمومة في حد ذاتها طاقة قوية لرعاية طفلها. وهي لا تتطلب أي تعاطف وشفقة وتقدير أو اعلانات لمتابعة واجباتها. ولكن رسالتي هذه موجهة الى أسياد بلدي الأبطال في المجالس."

تماشيا مع متطلبات العصر الحديث، بات العمل من أولويات الأمور التي تفكر بها المرأة بهدف تحقيق الكثير من متطلبات الحياة، وليس بإمكانها التخلي عن العمل. فهي بحاجة لمساعدة زوجها لتحصيل لقمة العيش وتأمين الحاجات الاساسية لعائلتها. ولكن بات وقتها ثمين للغاية، اذ يتعذر عليها تمضية الوقت الكافي مع أولادها من أجل زيادة دخل الاسرة.

وتدور حول عمل المرأة خارج البيت، الكثير من المغالطات، الأمر الذي بإمكانه أن يعود بالأثر السيئ على استقرار الحياة الزوجية، أو من ناحية أخرى أن ينعكس سلبا على اهتمام ورعاية الأم العاملة لأولادها.

وفي حال أرادت الأم أن تتخلى عن العمل والمال، وأن تبقى مع عائلتها، بات من الصعب جدا تأمين احتياجات أولادها وربما أمر مستحيل. فكيف تتصرف الام في حين غياب القوانين التي تراعي أمومتها؟
هذه الام كانت جريئة للغاية لإيصال صوتها الى السياسيين. ولكن ثمة الكثير من الامهات اللواتي ليس بإمكانهنّ ايصال صوتهن ومعاناتهن للمسؤولين، وهي في الواقع تعاني أكثر بكثير لتحصيل لقمة العيش، وتمضي نهارها في الشارع مصطحبة معها أولادها الصغار.