السومرية نيوز/ كركوك
في أعلى بناية حديثة وسط كركوك، ووسط رائحة القهوة، وحيث لا تسمع أي صوت سوى همس اللواتي يبحثن عن الخصوصية في ظل فريد وفر خصوصية أنثوية نادرة في العراق، تحت سماء الصيف المحرقة.
ورغم غرابة المكان، في بلد طالما اشتهر بالمقاهي ذات الطابع الذكوري البحت، إلا عشرات النساء لا يجدن العناء في الصعود عشرة طوابق للاستمتاع بمنظر بانورامي لكركوك في مكان يعج بالجنس اللطيف ومحظور مطلقاً على الرجال.
على مدخل عمارة بلازرمول الأعلى في كركوك، ينتشر عناصر أمن وحراس يتولون تدقيق وتفتيش الداخلين الواحد تلو الآخر، وفي الأعلى يتربع مقهى "الأميرات".
وفي المقهى النسائي الفريد، تنهمك العاملات في تنظيف الطاولات وتلبية طلبات الزبونات الملتفات حول بعضهن، وتسرعن بالخدمة التي ترسم البهجة على وجوه الباحثات عن فسحة راحة بعيدا عن ضغوط الحياة.
بعد إمعان في التفكير والرغبة في مكان أنثوي خالص خالي من الرجال، تفخر رباب عباس (32 عاماً)، بإشرافها على المشروع الأول من نوعه في المحافظة والبلد.
وتقول الثلاثينية بحماسة لـ السومرية نيوز، "كانت فكرة بسيطة، أصبحت واقعا في الطابق العاشر بأعلى عمارة في كركوك، حيث السماء والأجواء الساحرة"، مبينة أن "المقهى لم يفتتح إلا بعد موافقة دوائر الصحة والبيئة والدوائر المختصة".
ملتقى جامع وحرية تامة
توضح عباس، أن "المشروع يهدف الى جمع النساء في مكان يمكنهن فيه أخذ حريتهن بعيداً عن تدخل الرجال، ويجمع الصديقات اللواتي يرغبن بقضاء بعض الوقت وتناول المشروبات وبعض الوجبات الخفيفة"، لافتة الى أن "جميع نساء كركوك من مختلف القوميات يلتقين في المقهى، ويتفقن على إجراء حفلات عيد الميلاد والحفلات الخاصة".
وتؤكد عباس، أن "المقهى يشهد إقبالا كثيفا، وهذا الأمر يحدث للمرة الأولى في كركوك، وحتى في ساعات المساء ثمة زبونات كثيرات يحضرن لالتقاط الصور، خاصة وأن جزء من المقهى يطل على منظر بانورامي جميل لكركوك".
لا "تحرش" لا "رجال مزعجين"
تقول إحدى مرتادات المقهى وتدعى مروة الطيب لـ السومرية نيوز، إن "المقهى يعد مكاناً مثاليا للشابات الطالبات، اللواتي يجتمعن للقراءة أو رؤية بعضهن"، معتبرة أن "الجميل في الأمر هو عدم وجود رجال مزعجين، الذين عادة ما ينغصون على النساء في الأماكن العامة".
"ممنوع دخول الرجال"، عبارة بارزة ثبتت في مدخل المقهى، وعلى ذلك تعلق مرة الطيب، قائلة، "هذا الأمر هو الأجمل، لأننا وحدنا ولن يزعجنا رجل أو يتعرض لنا بتحرش".
وتشير أن "المقهى يوفر أجواء ساحرة خاصة في المساء، ولا يوجد فيه شيء يعكر المزاج، فهو للاستجمام وخالٍ من التدخين تماماً".
رقابة صارمة ويقظة
لا يجري شيء في كركوك بشكل عفوي دون علم الجهات المختصة، تجنباً لأية سلبيات أو مخاطر قد تنجم.
وتقول مديرة الرقابة الصحية في دائرة صحة كركوك دنيز أنور في حديث لـ السومرية نيوز، إن "أية مقهى يفتتح يجب أن يحصل على رخصة مزاولة المهنة ويخضع العاملين فيه لشروط العمل الصحي"، مؤكدة وجود رقابة دورية على جميع المقاهي، وخاصة موضوع التدخين والاركيلة التي تسبب الكثير من الأمراض".
وتشدد أنور على أن "أي مقهى لا يطبق شروط الصحة سيجد نفسه أمام المحاسبة القانونية عبر الغلق والغرامات المالية".
يذكر أن دائرة صحة كركوك، سبق وأن أطلقت حملة على مقاهي المحافظة للحد من ظاهرة تدخين الأركيلة ومنعت السجائر الالكترونية، محذرةً النساء من مخاطر الإصابة بالعقم بسبب زيادة معدلات التدخين بين نساء المحافظة.
وتشهد العديد من محافظات العراق وبالذات بغداد تنافسا محموماً بين المقاهي، العديد منها أصبح الى معالم شهيرة ومصدر استقطاب للمشاهير والمثقفين نظرا لما تمتع به من تاريخ وخدمة محافظة على نمطها الأصيل.