السومرية نيوز/ بغداد
أزمة الموازنة خلقت أجواء من الاحتقان بين المدافعين عنها ومعارضيها من الكتل السياسية، انفجرت عقب وصولها الى البرلمان نتيجة انقسام نيابي "حاد"، جعل من الموازنة تبدو كأنها لعبة لشد الحبل، كلُ يريد جره لجهته، والمحصلة "مناكفات" و "مزايدات" و"تأخير".
وعادة ما يتكرر الخلاف حول الموازنة في كل عام، إلا أنه اقترن الآن بنهاية عمر البرلمان الحالي، فالبنود الواردة بها لم تروق للكُرد الذين يرون أن بغداد تتغول عليهم وتريد تمريرها رغماً عنهم، بينما يعتقد التحالف الوطني وكتل بارزة أخرى، أن الكُرد آخذو حقهم، لكنهم يعرقلونها للحصول على المزيد، لتشتعل "أزمة"، حذر خبراء من تضرر اقتصاد البلد بشدة في حال استمرارها، فكان السؤال الأبرز الى متى يستمر الخلاف حول الموازنة وهل يمكن تمريرها وسط معترك سياسي محتدم؟.
ويؤكد عضو اللجنة المالية البرلمانية أمين هادي، أن "المزايدات والشعارات السياسية متوقعة من قبل بعض الكتل السياسية في كل موازنة سنوية لإغراض دعائية وانتخابية"، موضحاً أن "المشاكل التي تواجه الموازنة ليست معقدة ويمكن حلها عن طريق الحوار".
ويبين هادي أن "اهم المشاكل هي الخلافات بين المركز والإقليم حول تصدير النفط، اضافة الى مشكلة تخصيصات البترودولار للمحافظات وإمكانية زيادتها".
الكُردستاني: لا نعرقل الموازنة بل نريد إنصاف الكُرد
الكُرد يشعرون بأنهم مغبونون في الموازنة، ويعلنون صراحة معارضتهم لها بشدة في حال بقائها على صيغتها الحالية، وهذا يظهر جلياً في معظم تصريحات نواب التحالف الكُردستاني، ومنهم النائبة نجيبة نجيب، التي تطالب الحكومة العراقية بـ"إنصاف الشعب الكردي في الموازنة العامة للدولة".
وتشير الى أن "التحالف الكردستاني مع إقرار الموازنة، ولكن ليس على حساب الكُرد"، لافتة الى أن "الحكومة عليها عدم قطع حصة الإقليم البالغة 17٪ من الموازنة بسبب الخلاف القائم حول تصدير 400 ألف برميل يومياً من الإقليم، خاصة مع افتقار العراق لقانون النفط والغاز".
وترى نجيب أن "القضية يمكن حلها بالحوار، كون الموازنة تتعلق بأرزاق الشعب الكردي، والتحالف الكردستاني حريص على إقرارها بأسرع وقت"، معتبرة "الخلاف حول الموزانة طبيعي، لكنه سبب تأخرها".
وتبدي نجيب رفضها "لاتهام نواب التحالف الكردستاني بالتغيب عن جلسات البرلمان لعرقلة إقرار الموازنة".
غياب لا يؤثر على إقرار الموازنة
ويلفت عضو القائمة العراقية إبراهيم المطلك الى أن "غياب القائمة العراقية عن جلسات البرلمان لا يؤثر على إقرار الموازنة"، مؤكدا إمكانية توفر "نصاب كامل في جلسات البرلمان، على الرغم من غياب القائمة".
ويوضح المطلك أن "عدم إقرار الموازنة، يعود لتأخر إرسالها من قبل الحكومة للبرلمان والأخطاء الكبيرة الموجودة فيها، فضلا عن الخلافات بين المركز والإقليم حول تصدير النفط، ومطالبة المحافظات المنتجة للنفط بزيادة البترودولار".
خسارة تقدر بـ 25٪ شهريا بسبب تأخر الموازنة
ويحذر عضو مجلس النواب هيثم الجبوري، من "خسارة 25٪ من إجمالي الموازنة في كل شهر لا تقر فيه الموازنة"، مبينا أن "تأخرها عطل عجلة التنمية الاقتصادية في العراق".
ويشير الجبوري في حديثه لـ"السومرية نيوز"، الى ان "البرلمان يحرص على عدم إعادة الموازنة الى الحكومة، لكي لا تتأخر أكثر"، مبينا أن "التعديلات الأخيرة التي اقرها مجلس الوزراء سيتم تضمينها بكتاب لاحق ليتم قراءتها من قبل مجلس النواب".
بيئة طاردة للمستثمرين
ويقول الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان، إن "احد السلبيات الكبيرة في الموازنة، خضوعها للمناكفات السياسية، مما يودي الى تعطل القسم الاستثماري للموازنة مع استمرار الموازنة التشغيلية بصرف رواتب الموظفين"، مؤكدا ان "تعطل القسم الاستثماري من شأنه أن ينعكس على تعطل المشاريع وازدياد البطالة بالنسبة للعاملين بأجر يومي".
ويتابع انطوان أن "الموازنة الاستثمارية من شأنها خلق فرص عمل جديدة"، محذرا من أن "عدم إقرارها هو توقف الحركة الاقتصادية للبلد".
ويلفت الى أن "الخطة الخمسية للبلد مرتبطة بالموازنة وتتأثر بها مباشرة، لذلك فإن تأخرها يؤثر سلبا على تقدم البلد وعلى مستوى الخدمات الخدمات"، مؤكداً أن "المناكفات السياسية بشأن الموازنة سيؤدي الى تردد المستثمر الأجنبي، وتدفعه الى عدم التفكير في دخول السوق العراقي".
واتهم رئيس البرلمان اسامة النجيفي، في (1 شباط 2014)، مجلس الوزراء بتحويل قانون الموازنة بمشاكله الى البرلمان، مبينا ان الموازنة وصلت الى البرلمان يوم الـ26 من كانون الثاني الماضي، في حين أعلن ائتلاف دولة القانون، عن تشكيل لجنة خاصة للاتصال ببقية الكتل السياسية من أجل حل الإشكالات العالقة في قانون الموازنة، محملاً رئاسة البرلمان مسؤولية تأخير إقرارها.
وبدأ مجلس النواب، في (28 كانون الثاني 2014)، القراءة الأولى لقانون الموازنة العامة لسنة 2014 في جلسته الثامنة من الفصل التشريعي الثاني للسنة التشريعية الرابعة والأخيرة برئاسة رئيس البرلمان أسامة النجيفي وحضور 191 نائبا، لكنه أخفق في انجاز تلك القراءة، فيما اتهم ائتلاف دولة القانون الكرد بعرقلة تمرير الموازنة.
يذكر أن مجلس الوزراء صادق في (15 كانون الثاني الحالي)، على مشروع الموازنة العامة للعام الحالي 2014، وأحاله إلى مجلس النواب لإقراره.