وفي هذا الإطار، أفاد موقع "لوبلوغ" الأميركي بان الأوضاع في الخليج العربي تشهد توترا كبيرا خلال الأسابيع الماضية، وهو ما دفع باللاعبين الدوليين لتكثيف جهودهم في المنطقة. وهنالك تركيز كبير من قبل الولايات المتحدة والدول الأوروبية على تطوير قوات بحرية مشتركة، بهدف ضمان سلامة الملاحة وطرق التجارة التي تمر عبر مضيق هرمز، وبشكل خاص ردع إيران عن التدخل في حركة السفن.
وأورد الموقع أن روسيا من جانبها، تحرص في هذه الأثناء على تكثيف جهودها الدبلوماسية، حتى لا يتم استبعادها من المشهد، أو إقصائها من أي تطورات قد تشهدها المنطقة في الأشهر القادمة. وعلى المستوى الدبلوماسي، قدمت موسكو العديد من المقترحات المتعلقة بتسويات الأمن الجماعي في منطقة الخليج، بمشاركة كل الدول الإقليمية، وإشراف الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.
وأضاف أن روسيا اقترحت أيضا إطارا أمنيا للمنطقة، يشبه منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وتسعى روسيا أيضا لتقديم نفسها على أنها وسيط بين إيران ودول الخليج العربي، حيث تحدثت وسائل إعلام على أن بوتين سيكون الوسيط المثالي بين إيران والسعودية بفضل علاقته الجيدة بالطرفين.
وأشارإلى أن الأنشطة الروسية في منطقة الخليج لا تقتصر على الدبلوماسية وتقديم المقترحات الأمنية، بل إنها تسعى بالتوازن مع ذلك إلى اتخاذ إجراءات عملية لفرض نفسها في شؤون المنطقة، والحصول على مكان فيها، ودور أساسي في القرارات المستقبلية المتعلقة بالأمن الإقليمي، جنبا إلى جنب مع القوى العظمى، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وفي هذا السياق، تمثل إيران جزء أساسي من الاستراتيجية الروسية، حيث أن طهران تربطها علاقات تقارب كبيرة بموسكو، وخلال الحرب الأهلية في سوريا أثبتت طهران دورها الأساسي في دعم الموقف الروسي المساند لبشار الأسد، كما أنها كانت مناسبة لإيران للسماح للطيران الروسي باستخدام قواعدها لتسيير الطلعات الجوية فوق سوريا.
وذكرالموقع الامريكي أن القائد في البحرية الإيرانية داريادار حسين خنزادي، كان قد أجرى زيارة لمدة أسبوعين إلى موسكو، جاء على إثرها في الصحافة الإيرانية أن البلدين وقعا على اتفاق عسكري سري، لم ترشح تفاصيله بعد.
وبقطع النظر عن مدى صحة هذه الأخبار أو تفاصيل الاتفاق، فإن زيارة خنزادي إلى موسكو ستكون لها نتيجة ملموسة واحدة، وهي أن إيران وروسيا سوف تنفذان مناورات عسكرية مشتركة في الخليج بنهاية العام الجاري.
وذكرايضا أن الصحفي سايمون واتكينز، كان قد كشف أن إيران وافقت على أن تقدم لروسيا حقوق استغلال قواعد عسكرية في ميناء بندر بوشهر وميناء شاباهار. كما قال هذا الصحفي إن موسكو تخطط لوضع أسلحة متطورة في هذه الموانئ. وتسعى موسكو أيضا لوضع غواصة في ميناء شاباهار. وإذا صحت هذه التقارير، فهذا يعني أن فلاديمير بوتين حقق أخيرا حلم القيصر بيتر العظيم، بالوصول إلى المياه الدافئة في المحيط الهندي والخليج.
وأشار إلى جملة من العوائق التي قد تعرقل حصول روسيا على مبتغاها، وهي أولا الدستور الإيراني الذي يمنع منح موسكو هذا الامتياز، وثانيا حرص الجمهورية الإسلامية على التباهي دائما بأنها مستقلة عن كل القوى الكبرى، وبالتالي فإن السماح بحضور عسكري روسي في موانئها سوف يقوض مصداقيتها كدولة مستقلة عن القوى العظمى.
وأكد أنه رغم كل هذه العوائق، فإنه لا يجب أبدا استبعاد تحقق هذه الفرضية، حيث أن إيران تئن تحت وطأة العقوبات الأمريكية، وهي تشعر بالخوف من هجوم عسكري وشيك. ولذلك فإنها قد تقرر تجاوز الشكليات المتعلقة بالاستقلالية، وتسمح بحضور روسي قوي من أجل ردع واشنطن. خاصة وأنها شاهدت كيف أن الحضور الروسي في سوريا جعل الولايات المتحدة تفكر أكثر من مرة قبل التدخل عسكريا ضد بشار الأسد.
ويرى تقرير الموقع الامريكي، أنه بقطع النظر عما إذا كانت روسيا ستنجح في تحقيق رغبتها القديمة في الحصول على ميناء في الخليج، فإنه من الواضح أن السياسة العدائية الأمريكية تجاه طهران هي التي فتحت الفرص أمام موسكو لتعزيز نفوذها وحضورها في هذا البلد.
واعتبرأن الوقت لم يفت بعد لتتدارك الولايات المتحدة وأوروبا هذا الوضع، وتمنع تحقق هذا السيناريو. وقد يتم ذلك من خلال تخفيف حدة اللهجة الأمريكية تجاه إيران، والعودة إلى الاتفاق النووي الموقع في 2015، وتخفيف ثم رفع العقوبات، والتشجيع على المصالحة العربية الإيرانية في منطقة الخليج، وهي كلها إجراءات قد تخفف من حدة التوتر، وبالتالي تحد من قدرة روسيا على تعزيز حضورها في المنطقة.
والأهم من ذلك بحسب التقرير، هو أن تحافظ الولايات المتحدة على موقعها الفريد، بوصفها الحكم الوحيد في إدارة شؤون المنطقة الخليجية.