السومرية نيوز / بغداد
لطالما كانت الكهرباء التي تتدفق بانتظام على المنازل في الصيف اللاهب، مثار جدل لدى كل من تولى حقيبة وزارة الكهرباء سابقا، لكن الأمر تحول لمعضلة "عويصة" سببت الملل للشارع الباحث عن بصيص أمل يمكن أن يساعد في تقليل حجم المشكلة.
سنوات من الحديث عن مشاريع كبيرة مصحوبة بموازنات ضخمة، أضف الى ذلك تقاذف محموم للاتهامات حول أسباب تلكؤ الكهرباء طوال مسيرة الوزارات السابقة، بينما المواطن يعتمد على المولدات الأهلية لتعويض النقص، وعينه صوب حلول تعمل الوزارة الحالية على إيجادها.
خطط منعدمة
"الحكومة على مدى السنوات الماضية، لم تكن لها خطط واستراتيجيات للطاقة"، هكذا تقول عضو اللجنة الاقتصادية البرلمانية نجيبة نجيب في حديث لـ السومرية نيوز، معتبرة أن "الكهرباء في مراحلها البدائية على الرغم من التخصيصات المالية الكبيرة لها والتي تقدر بمئات المليارات من الدولارات".
وتعزو نجيب سبب تقهقر الكهرباء الى توليفة من العوامل التي تتلخص بـ"الفساد والتقصير وهدر الأموال الكبيرة بدون تأمين الطاقة الكهربائية المرجوة".
وتنصح نجيب بـ"التوجه نحو القطاع الخاص للاستثمار في مجال الكهرباء، وهو ما ذهبت اليه حاليا الوزارة، لكنه يحتاج لوقت"، مطالبة الحكومة بـ"ملاحقة المقصرين الذين أهدروا الأموال الكبيرة التي خصصت لقطاع الكهرباء".
بغداد "مظلومة" كهربائيا
عضو مجلس محافظة بغداد محمد الربيعي يقول إن "الترهل الإداري في الوزارة والفساد المالي في العقود التي أبرمت في فترة الوزراء السابقين، والتي كانت عقودا غير مهنية وغير رصينة، أدت الى تراجع الطاقة بدلا من تحسينها، الى درجة أصبحت في خبر كان"، مبينا أن "بغداد لا تمنح من الطاقة إلا 40% من حاجتها".
ويضيف الربيعي في حديث لـ السومرية نيوز، أن "بغداد تعتبر مظلومة مقارنة بالمحافظات الأخرى"، مؤكدا أن "بغداد لم تمنح كهرباء مستقرة على مدى 12 عاما، ما يؤشر فشلا إداريا لجميع الوزراء السابقين".
ويطالب الربيعي الحكومة العراقية بـ"الإسراع بفك ارتباطها بالمحافظات والذهاب الى الخصخصة والاستثمار وإدارة ملف الكهرباء من قبل شركات عالمية متخصصة تقوم ببيع الكهرباء للمواطنين بأسعار مناسبة على أن تراعي المواطن الفقير".
حلول "ترقيعية"
ويقول الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي في حديث لـ السومرية نيوز، إن "قطاع الكهرباء يعد أكثر القطاعات التي شهدت فسادا في البلاد، حيث أن الإنفاق عليها بلغ مستويات قياسية مقارنة بأي دولة في المنطقة خلال السنوات العشر الأخيرة"، مشيرا الى أن "كل وزير كهرباء يتسنم منصبه يحاول ايجاد حلول ترقيعية سريعة على حساب المهنية والمصلحة العامة".
ويوضح محمد علي أن "وزراء الكهرباء لجأوا الى استيراد وحدات صغيرة قديمة وغير فعالة وتعمل بوقود زيت الغاز، وهو وقود غير متوفر وعالي الكلفة".
ويضيف أن "عدم التنسيق في سياسة التعاقد على الوحدات التوليدية مع وزارة النفط حسب نوع الوقود المتوفر أدى الى شح وقود التشغيل واستيراده، ما تسبب بتراكم الديون على وزارة الكهرباء"، مبينا أن "إهمال تحديث شبكات النقل والتوزيع ساهم هو الآخر بحصول ضياع في الطاقة المتولدة يصل الى 40% أو أكثر".
درجات الحرارة وراء قلة الطاقة
وتعزو وزارة الكهرباء قلة الطاقة الكهربائية الى ارتفاع درجات الحرارة في موسم الصيف، والتي تصل في بعض الأحيان الى أكثر من 50 درجة مئوية.
ويقول المتحدث باسم الوزير محمد فتحي في حديث لـ السومرية نيوز، إن "ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض ضغط الغاز الطبيعي وشح الوقود عرقلا تجهيز المحافظات العراقية بالحصص المقررة من الطاقة".
ويبين فتحي أن "هذه الأمور كلها أدت الى فقدان ما يقارب من ثلاثة آلاف ميغاواط من المنظومة الوطنية التي تبلغ حاليا تسعة آلاف ميغاواط، في حين أن ما يحتاجه العراق يبلغ 18 ألف ميغاواط"، مبينا أن "بعض المحافظات العراقية تتجاوز على حصة بغداد، ما يؤدي الى نقص كبير في العاصمة".
وبدأت مشكلة ضعف إمدادات الطاقة الكهربائية في العراق منذ عام 1991 بعد فرض الحصار الاقتصادي على العراق، وتعاظمت مشكلة الكهرباء بعدها بسبب قدم وسوء عمل محطات توليد الطاقة الكهربائية وشبكات توزيع الطاقة في البلد، لتستمر هذه الأزمة بشكل اكبر بعد عام 2003.
وعلى الرغم من توجه العراق بعد 2003 نحو الاعتماد على الطاقة البديلة، كالطاقة المتولدة من أشعة الشمس، لكن هذه الطاقة البديلة لا تغطي إلا نسبة قليلة من الإنتاج المحلي وتستعمل في أكثر الأحيان فقط لإنارة الشوارع.