دعا خبراء زراعيون في محافظة البصرة الى انشاء محميات لحفظ التنوع النباتي وحماية الأنواع المهددة بالفقدان من البيئة المحلية، وأكدوا اختفاء عشرات أنواع النباتات التي كانت شائعة محليا خلال العقود القليلة الماضية.
السومرية نيوز / البصرة
دعا خبراء زراعيون في محافظة البصرة الى انشاء محميات لحفظ التنوع النباتي وحماية الأنواع المهددة بالفقدان من البيئة المحلية، وأكدوا اختفاء عشرات أنواع النباتات التي كانت شائعة محليا خلال العقود القليلة الماضية.
وقال أستاذ تصنيف النباتات في جامعة البصرة عبد الرضا أكبر علوان المياح في حديث لـ السومرية نيوز، إن "البصرة فقدت مجموعة كبيرة من نباتاتها البرية (الطبيعية) والاقتصادية (الزراعية) لأسباب من أبرزها تفاقم التلوث البيئي، والتأثيرات الكارثية التي خلفتها الحروب وعمليات تجفيف الأهوار"، مبينا أن "العوامل الثانوية من ضمنها الرعي الجائر، والتغير المناخي، والاستثمار المفرط للأراضي".
ولفت المياح، وهو مؤلف كتاب (بيئة ونباتات البصرة) والعديد من الكتب العلمية الأخرى عن النباتات، الى أن "النباتات الاقتصادية التي اختفت كليا أو بشكل شبه كامل من المحافظة تشمل أشجار المشمش التي كانت تزرع بكثرة في مناطق المخراق والسيبة والدورة، وكانت ثمارها تباع بالجملة، إضافة الى التفاح الأبيض، وغالبية أنواع الحمضيات، والأعناب التي كانت البصرة تنتج الأطنان منها سنويا، وأيضا أشجار المانكو التي كانت تتركز زراعتها في قرية جيكور، فضلا عن شجيرات الموز"، مضيفا أن "هذا التدهور انعكس أيضا على زراعة النخيل، حيث كان يوجد في المحافظة 300 صنف من النخيل، لم يتبق منها إلا 35 صنفا".
وأشار المياح الى أن "النباتات البرية التي كانت تنمو تلقائيا في البصرة واختفت من البيئة المحلية من بينها نباتات تسمى (الجعدة) و(الغرة) و(العلندة) و(الغظى)، وتلك الأنواع كانت موجودة في القاطع الصحراوي من المحافظة، وبعضها لها استخدامات طبية"، موضحا أن "بيئة الأهوار الواقعة شمال المحافظة تكبدت أيضا خسائر فادحة، حيث فقدت نباتات من ضمنها (البربخ خور) و(الزامرة) و(الجرخت)، وتوجد نباتات في الأهوار تحت التهديد من بينها نبات (الكعيبة)، وإذ استمرت الأوضاع على حالها سيكون مصيرها الانقراض من البيئة المحلية".
وأكد المياح أن "(الشمبلان) الذي كان يعد من النباتات المائية الغاطسة الشائعة محليا، وكان ينتشر في شط العرب والأنهار المتفرعة منه، قد تلاشى تدريجيا خلال الأعوام القليلة الماضية"، معتبرا أن "شط العرب لم تعد تعيش فيه حاليا نباتات غاطسة بسبب ملوحة مياهه وتلوثها".
ودعا المياح الجهات المتخصصة الى "الاسراع بإنشاء محميات طبيعية للنباتات في البصرة للحفاظ على النباتات الأصلية المهددة"، مضيفا أن "البصرة بحاجة ملحة الى انشاء محمية من هذا النوع في الأهوار، وأخرى في البادية".
من جانبه، قال نقيب المهندسين الزراعيين في البصرة علاء هاشم البدران في حديث لـ السومرية نيوز، إن "أكثر من 100 نوع من النباتات اختفت من بيئة المحافظة، والتغير المناخي على رأس الأسباب التي أدت الى فقدانها"، موضحا أن "الحفاظ على النباتات المهددة يتطلب انشاء حديقة نباتية لحفظ الأنواع، ويمكن الاستفادة منها علميا وسياحيا".
وأضاف البدران، وهو أيضا سكرتير لجنة انعاش الأهوار في مجلس المحافظة، أن "البصرة كانت توجد فيها حديقة من هذا النوع تقع في قضاء شط العرب وتابعة الى جامعة البصرة، ولكنها أغلقت مع بداية الحرب مطلع الثمانينيات"، مبينا أن "جميع دول الجوار لديها حدائق نباتية من هذا النوع تقع داخل بيوت زجاجية ضخمة للتحكم بدرجات الحرارة ومعدلات الرطوبة".
وبحسب كتاب (بيئة ونباتات البصرة) الذي يعد مرجعا أساسيا للباحثين والمتخصصين في تصنيف النباتات المحلية فإن نباتا عشبيا يسمى (Potamogeton berchtoldii Fieb) وجد مرة واحدة في البصرة قبل 50 سنة، كما ان نباتا عشبيا آخر اسمه (Sagittaria sagittifolia L.) وجد مرة واحدة في البصرة قبل أكثر من 130 سنة، كما جاءت في الكتاب معلومات عن شجيرة التفاح الأبيض مع ملاحظة تؤكد أن هذا النوع من الشجيرات كان قبل ثلاثة عقود يزرع بشكل واسع في مناطق قضاء الفاو، ولكنه اختفى كليا بعد تدمير غابات النخيل خلال الثمانينيات، وبالمقابل وردت معلومات عن أنواع قليلة من النباتات لم تألفها البيئة المحلية في السابق لكنها أصبحت شائعة، منها شجرة (Conocarpus lancifolius Engl) التي قال المؤلف عنها انها أدخلت حديثا وأصبحت تزرع في كل أنحاء البصرة والعراق كأشجار زينة على جوانب الشوارع وفي الحدائق.
يذكر أن بيئة البصرة تتميز بوفرة التنوع الأحيائي، ومن ناحية الغطاء النباتي تنتشر زراعة النخيل منذ مئات السنين في المناطق الواقعة على جانبي شط العرب والأنهار المتصلة به، وكان يشتهر قضاء الفاو بزراعة شجيرات الحناء، فيما تشتهر المناطق الواقعة شمال المحافظة بزراعة بعض محاصيل الحبوب، وفي القاطع الصحراوي من المحافظة توجد الآلاف من مزارع الطماطم وبعض المحاصيل الموسمية، أما مناطق الأهوار ففيها الكثير من أنواع النباتات الطبيعية، وأكثرها انتشارا القصب والبردى والكولان والهوصان والعنكر والمران وزهر البط.