والتقى الزعيمان الاثنين على هامش "قمة مجموعة العشرين" المنعقدة اليوم الثلاثاء في إندونيسيا، وهو أعلى لقاء سياسي منذ أن بدأ شرق آسيا في الانزلاق نحو ما يخشى الكثيرون في المنطقة أنه مواجهة جديدة على غرار الحرب الباردة.
وفي هذا الصدد، ذكرت وكالة أنباء "بلومبيرغ" الأمريكية أن "بايدن وشي اتخذا "أكبر خطوة" منذ سنوات لمنع الصدام الأمريكي الصيني"، معتبرة أن "نتائج القمة جاءت متناقضة بشكل كبير مع توقعات المسؤولين الأمريكيين الذين قللوا من شأن تحقيق أي تقدم ملموس في الاجتماع".
وأشارت الوكالة إلى أنه "في نهاية اجتماع استمر حوالي ثلاث ساعات، تم الإعلان عن أن القوتين العظميين ستستأنفان التعاون في قضايا من بينها تغير المناخ والأمن الغذائي، كما انتقد الزعيمان الكرملين بسبب "حديثه الفضفاض عن حرب نووية بشأن أوكرانيا".
وكانت العلاقات بين البلدين قد وصلت إلى مستوى متدن للغاية قبل أربعة أشهر فقط عندما قامت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، بزيارة مثيرة للجدل إلى تايوان، مما دفع بكين إلى قطع المحادثات العسكرية والمناخية مع واشنطن، فضلاً عن إجراء تدريبات عسكرية طوقت الجزيرة.
تصافح علني رغم الخلافات
وقالت "بلومبيرغ" إن الزعيمين - وكلاهما مدعوم بالنجاحات السياسية في الداخل– قد تصافحا خلال قمة شاهدها العالم أجمع، حيث قال بايدن إن كلا البلدين يتحملان مسؤولية "منع المنافسة من أن تصبح أي شيء قريب من الصراع على الإطلاق"، بينما أكد شي أن الجانبين "بحاجة إلى إيجاد الاتجاه الصحيح والارتقاء بالعلاقات الثنائية".
في المقابل، قالت الوكالة الأمريكية إنه "لا يزال هناك الكثير من الخلافات بين البلدين، بما في ذلك الخلافات حول تحركات تايوان والولايات المتحدة للحد من التقدم الاقتصادي والتكنولوجي للصين".
وأضافت: "على المدى القصير، لدى كلا الزعيمين حافز للعمل معًا. في حين أن شي هو الآن أقوى زعيم في الصين منذ ماو تسي تونغ، وأعد نفسه لحكم مدى الحياة تقريباً، لكنه يتعامل أيضًا مع اقتصاد ضربته سياسة (صفر كوفيد) الصارمة وأزمة العقارات".
وتابعت: "في الوقت نفسه، يريد بايدن طمأنة الحلفاء والشركاء الأمنيين في آسيا بأن الولايات المتحدة لا تحاول استفزاز الصين وجرها إلى صراع عسكري، حيث كان الكثيرون في المنطقة ممن يدعمون وجودًا عسكريًا أمريكيًا مترددين في مشاركة واشنطن للحد من صادرات الرقائق المتقدمة إلى الصين، التي تهدد بتقسيم سلاسل التوريد العالمية".
وتابعت الوكالة: "السؤال الآن هو ما إذا كان بإمكان الولايات المتحدة والصين البناء على هذا الاجتماع لوضع علاقتهما - والعالم - على أساس أكثر استقرارًا. وفي إحدى علامات التفاؤل، يعتزم وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، السفر إلى الصين في أوائل العام المقبل لمتابعة مخرجات الاجتماع".
كما أشارت الوكالة إلى أن "بايدن أخبر شي بما يريد سماعه، والعكس صحيح. ونقلت عن بيان صيني عقب الاجتماع قوله إن الولايات المتحدة "تحترم نظام الصين ولا تسعى إلى تغييره، كما أنها قدمت تأكيدات بأنها لا تريد تشكيل تحالفات ضد الصين أو فصل اقتصاداتها أو احتواء صعود الأزمة".
وأردفت الوكالة: "تبقى المشكلة الأكبر هي تايوان، على الرغم من تطمينات بايدن. وسيتم اختبار ذلك قريبًا بما فيه الكفاية حيث ينظر الكونغرس الأمريكي في قانون سياسة تايوان، الذي من شأنه أن يصنف الجزيرة رسميًا على أنها حليف رئيسي من خارج الناتو".
وفي بكين، أشادت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية بالقمة، قائلة إن "بايدن وشي التقيا في وقت "يسعى فيه العالم لمزيد من اليقين"، حيث اعتبر الزعيمان أن الاجتماع كان "متعمقاً وصريحاً وبناءً"، وأنهما وجها فرق البلدين لمتابعة التوافق الرئيسي الذي توصلا إليه، لاتخاذ إجراءات ملموسة لدفع عودة العلاقات الصينية الأمريكية".
ورأت الصحيفة الصينية – الناطقة بالإنجليزية – أن "مثل هذه التصريحات والقمة نفسها تعكس درجة معينة من الإيجابية في العلاقات الثنائية، التي دخلت في دوامة الهبوط بسبب "استراتيجية الاحتواء" الأمريكية المتزايدة باستمرار ضد بكين، وخاصة بعد زيارة بيلوسي "الاستفزازية" إلى تايوان".
وقالت الصحيفة إن "القمة قلصت الكثير من المخاطر، خاصة أن العالم - مع مخاوف متزايدة بشأن توتر العلاقات الثنائية بين القوتين العظميين - قد راقب باهتمام أي إشارات إيجابية على أن البلدين سيحاولان العمل على خفض التوترات والتعاون في القضايا العالمية".
ونقلت الصحيفة عن محللين صينيين قولهم إن "القمة بعثت بإشارة إيجابية إلى العالم مفادها أنه على الرغم من وجود توترات، فإن أكبر اقتصادين في العالم لا يزالان على اتصال ويشتركان في الإجماع على تجنب الصراع المباشر، ويحاولان أيضًا البحث عن إمكانية التعاون".