يأمل النازحون في كركوك بحياة كريمة، بعيدا عما هدد حياتهم في محافظاتهم الأصلية، غير أن بدء موسم الأمطار باغت أماكن سكنهم، كاشفا النقاب عن حجم معاناتهم.
السومرية نيوز/ كركوك
يأمل النازحون في كركوك بحياة كريمة، بعيدا عما هدد حياتهم في محافظاتهم الأصلية، غير أن بدء موسم الأمطار باغت أماكن سكنهم، كاشفا النقاب عن حجم معاناتهم.
آلاف اللاجئين الذين توافدوا على كركوك، في محاولة للحصول على ملاذ آمن، يمكن رصد عذاباتهم نتيجة المياه التي أغرقت مساكنهم، وأفادت إحصاءات رسمية لدائرة الهجرة والمهجرين في المحافظة، بأن عدد النازحين في كركوك تجاوز الـ55 ألف عائلة، وهم بحاجة لكل مساعدة ممكنة لتجاوز محنة الأمطار التي زادت همومهم.
معاناة بالغة
في منطقة حي الواسطي جنوبي كركوك، تقع عشرات المنازل قيد الإنشاء والتي تبرع أصحابها بها لإيواء العوائل النازحة مؤقتا دون مقابل، المنازل تبدو كئيبة ومعزولة عن محيطها، والوجوه بداخلها تبدو شاحبة ومرهقة، إلا أن التواصل بين المقيمين فيها جيد بسبب حدة محنتهم، ومنهم من يشكو من ضغوط نفسية هائلة جراء ما تعرضوا له من مشقة أثناء نزوحهم من مدنهم التي اجتاحها تنظيم "داعش".
ويقول محمود جاسم، وهو رب عائلة نازحة من الفلوجة الى كركوك، "لم نرى النوم منذ أن انهار سقف الهيكل السكني الذي نسكن فيه بسبب الأمطار"، ويوضح قائلا، "سقفنا كان عبارة عن فراش بلاستيكي لم يصمد طويلا".
ويصف جاسم وهو في العقد الخامس من عمره، وضع عائلته، بأنها "تواجه موتا بطيئا بسبب قلة الخدمات وتدهور صحتهم بسبب الأمراض الجلدية والانتقالية التي تهددهم"، لافتا الى أن "الحكومة فشلت في تقديم الرعاية اللازمة للنازحين".
نازح آخر من محافظة صلاح الدين، سامي الجبوري (42 عاما)، يقول بينما يقف أمام مجموعة أطفال نازحين وهو يلهون بمياه الأمطار التي تجمعت في حيهم السكني، إن "الأمطار أتلفت طعامنا وملابسنا".
ويستطرد الجبوري قائلا، إن "النازحين لم يتوقعوا البقاء أشهرا طويلة، بعيدا عن مساكنهم"، محذرا من أن "الأمراض ستفتك بهم".
دعوات لتحرك سريع
ويقول الناشط المدني في كركوك عبد الرحمن علي، إن "النازحين يعيشون وضعا انسانيا صعبا، وعلى الحكومة ولجنة التعويضات التحرك بسرعة لمنع حدوث كارثة إنسانية بعد تساقط كميات كبيرة من الأمطار في كركوك".
ويضيف علي، أن "كركوك فيها أكثر من 57 ألف عائلة نازحة، تعيش في المدارس والهياكل قيد الإنشاء"، موضحا أن "الأمم المتحدة لم تقدم الرعاية الكافية لنازحي كركوك ولم تقيم مخيمات لإيوائهم".
وبين، أن "إدارة كركوك تعمل على تنفيذ مشروع مجمع للنازحين في ناحية ليلان (35 كم شرق كركوك)، لإيواء 1500 عائلة"، مشيرا أن "هذا الرقم لو تم قياسه على حجم العوائل النازحة فهو يشكل نسبة 1% من حاجة النازحين للسكن".
ومن جهته يقول مدير دائرة الهجير والمهجرين عمار صباح في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "عدد النازحين في المحافظة، تجاوز الـ55 ألف عائلة"، مؤكدا أن "هذا الرقم يفوق اقدرات الحكومة المحلية".
أما محافظ كركوك نجم الدين كريم، قال في بيان صدر على هامش اجتماع عقده مع لجنة النازحين في المحافظة، إن "كركوك ستشهد إنشاء مخيم يتسع الى ألف و500 نازح"، مؤكدا أن "كركوك لم تتسلم أي مساعدة للنازحين عدا منحة المليون دينار، وهي مساعدة بسيطة لا تسد تكاليف السكن والعيش".
وأشار كريم الى، أن "إدارة كركوك ومواطنيها يكنو الاحترام للنازحين، ويعرفون جيدا معنى الترحيل والنزوح، لأنهم مروا بنفس الوضع قبل عقود".
يذكر أن آلاف الأسر من محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين والانبار نزحت باتجاه المحافظات الوسطى والجنوبية، وكركوك ومحافظات إقليم كردستان، هربا من تنظيم "داعش" بعد أن سيطر على مساحات واسعة بشمال البلاد منذ العاشر من شهر حزيران الماضي، وهي بحاجة ماسة للمنح المالية والمساعدات.