Alsumaria Tv

33 دولة تتمسك بحق الأرض.. ترامب يشعل صراع "المواطنة بالولادة" والسيناريوهات مفتوحة

2025-07-24 | 09:30
Alsumaria Tv https://www.alsumaria.tv/authors
33 دولة تتمسك بحق الأرض.. ترامب يشعل صراع "المواطنة بالولادة" والسيناريوهات مفتوحة

منذ يناير/ كانون الثاني 2025، دخلت الولايات المتحدة في صراع سياسي وقانوني حاد حول واحد من أعمق ركائز هويتها الوطنية وأكثرها رسوخًا عبر التاريخ: مبدأ المواطنة بالولادة، الذي يضمن لكل طفل يولد على الأراضي الأمريكية أن يصبح مواطنًا فور ولادته.

ظلّ مبدأ المواطنة بالولادة لأكثر من قرن ونصف حجر أساس في تكوين الأمة، أصبح اليوم ساحة مواجهة مفتوحة يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد أن اتخذ خطوة تمثلت في إصدار أمر تنفيذي قلب المعادلة رأسًا على عقب.
في 20 يناير/ كانون الثاني 2025، وبعد ساعات فقط من أدائه القسم الدستوري، وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا يحمل الرقم EO 14160، يقضي بإلغاء منح الجنسية التلقائية للأطفال المولودين لأبوين مهاجرين غير نظاميين أو حاملي تأشيرات مؤقتة. القرار أحدث صدمة واسعة، إذ سارعت 22 ولاية أمريكية إلى تقديم طعون قضائية، وانضمت إليها منظمات حقوقية كبرى مثل الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU) وCASA de Maryland، معتبرة أن الإجراء يمثل خرقًا واضحًا للتعديل الرابع عشر من الدستور الأمريكي الذي كفل هذا الحق منذ أكثر من 150 عامًا.
لم تمر سوى أيام حتى تدخلت المحاكم الفدرالية بشكل متتابع لتعليق القرار. في ولاية ماريلاند، أكدت القاضية ديبورا بوردمان أن كل طفل يولد على الأراضي الأمريكية هو مواطن منذ لحظة ولادته، مشددةً على أن النص الدستوري لا يمكن تعديله بأمر رئاسي. وفي سياتل، وصف قاضٍ فدرالي القرار بأنه غير دستوري بشكل واضح، بينما أصدرت محكمة نيوهامشير أمرًا أوليًا يحمي آلاف الأطفال المتوقع ولادتهم من فقدان الجنسية. حتى محكمة الاستئناف للدائرة التاسعة في سان فرانسيسكو تدخلت، مؤكدةً أن الرئيس لا يملك سلطة تعديل الدستور عبر أوامر تنفيذية، وأصدرت حظرًا دائمًا على تنفيذ القرار.
أقرّ التعديل الرابع عشر عام 1868 في أعقاب الحرب الأهلية الأمريكية، وكان هدفه الأساسي حماية حقوق العبيد المحررين وتوحيد الهوية الوطنية. ينص التعديل على أن كل الأشخاص المولودين أو المتجنسين في الولايات المتحدة والخاضعين لولايتها القضائية هم مواطنون للولايات المتحدة وللولاية التي يقيمون فيها. ورغم محاولات عدة عبر العقود لتقويضه أو إعادة تفسيره، بقي هذا التعديل أساسًا دستوريًا ثابتًا يضمن مبدأ المواطنة بالولادة.
في عام 1898، أصدرت المحكمة العليا حكمًا تاريخيًا في قضية United States v. Wong Kim Ark، أقرت فيه أن ونغ كيم آرك، المولود في سان فرانسيسكو لأبوين صينيين غير مواطنين، يعد مواطنًا أمريكيًا كامل الحقوق. فسرت المحكمة حينها عبارة الخاضعين لولايتها القضائية بمعناها الواسع، أي الخضوع للقانون الأمريكي بغض النظر عن وضع الأبوين، وهو التفسير الذي شكل أساس الدفاع عن مبدأ المواطنة بالولادة لأكثر من قرن.
تنقسم أنظمة الجنسية عالميًا إلى مبدأين أساسيين:
حق الأرض (Jus Soli): يمنح الجنسية لكل من يولد على أراضي الدولة بغض النظر عن جنسية والديه.
حق الدم (Jus Sanguinis): يمنح الجنسية وفقًا لجنسية أحد الوالدين أو كليهما بغض النظر عن مكان الولادة.
تطبق 32 دولة إلى جانب الولايات المتحدة مبدأ حق الأرض غير المشروط، منها: أنتيغوا وبربودا، الأرجنتين، بربادوس، بليز، بوليفيا، البرازيل، كندا، تشيلي، كوستاريكا، كوبا، دومينيكا، الإكوادور، السلفادور، غامبيا، غرينادا، غواتيمالا، غيانا، هندوراس، جامايكا، ليسوتو، المكسيك، نيكاراغوا، بنما، باراغواي، بيرو، سانت كيتس ونيفيس، سانت لوسيا، سانت فنسنت والغرينادين، ترينيداد وتوباغو، توفالو، الأوروغواي، فنزويلا. أغلب هذه الدول تقع في الأمريكيتين، حيث لعب تاريخ الهجرة والاستيطان وسياسات النمو السكاني دورًا محوريًا في ترسيخ هذا المبدأ.
تشير بيانات مركز بيو للأبحاث إلى أن نحو 400 ألف طفل وُلدوا في الولايات المتحدة عام 2024 لأبوين غير مواطنين، بينهم 300 ألف من مهاجرين غير نظاميين و72 ألفًا من حاملي تأشيرات مؤقتة. ورغم ضخامة الرقم، فقد تراجعت نسبة المواليد لأبوين غير نظاميين مقارنة بذروتها عام 2007 التي سجلت نحو 390 ألف حالة. دراسة لمعهد سياسات الهجرة (MPI) حذرت من أن إلغاء المواطنة بالولادة قد يؤدي إلى ارتفاع عدد عديمي الجنسية في الولايات المتحدة بمقدار 2.7 مليون شخص بحلول 2045، ليصل إلى 5.4 مليون بحلول 2075، ما ينذر بأزمة اجتماعية وإنسانية ممتدة.
الرأي العام الأمريكي يعكس حالة انقسام حادة؛ إذ أظهر استطلاع لمركز بيو أن 56% من الأمريكيين يعارضون إلغاء المواطنة بالولادة، بينما يؤيد 50% استمرار منح الجنسية للأطفال بغض النظر عن الوضع القانوني للوالدين. المعارضون يرون النظام الحالي مشجعًا لما يصفونه بـ«سياحة الولادة»، بينما يحذر المؤيدون من أن حرمان الأطفال من الجنسية سيخلق فئة واسعة من المهمشين بلا هوية قانونية تواجه الإقصاء الاجتماعي.
ليست هذه المرة الأولى التي يحاول فيها رؤساء أو مشرعون أمريكيون إعادة النظر في مبدأ المواطنة بالولادة. شهدت تسعينيات القرن العشرين مقترحات لتعديل الدستور، لكنها فشلت في الحصول على التأييد اللازم. وفي 2018، أعلن ترامب خلال حملته الأولى نيته إصدار أمر تنفيذي مشابه، لكنه تراجع أمام معارضة قانونية واسعة. المحاولات السابقة اصطدمت جميعها بالحاجز الدستوري الذي يتطلب موافقة ثلثي الكونغرس وثلاثة أرباع الولايات لتعديل التعديل الرابع عشر، وهو شرط شبه مستحيل في ظل الاستقطاب السياسي الحالي.
يرى خبراء القانون الدستوري أن معركة ترامب تواجه عائقًا أساسيًا يتمثل في قوة السوابق القضائية. يقول البروفيسور ديفيد كول من جامعة جورجتاون إن التعديل الرابع عشر وضع ليكون حاجزًا ضد التمييز ويضمن المساواة منذ الولادة، ومحاولة إضعافه بأمر تنفيذي هي انتهاك مباشر لروح الدستور. على الجانب الآخر، يعتقد بعض خبراء الهجرة أن القرار قد يجد دعمًا لدى المحكمة العليا إذا نجح مؤيدوه في إعادة تفسير عبارة الخاضعين لولايتها القضائية بشكل أضيق.
إلغاء المواطنة بالولادة في الولايات المتحدة، لو تم، قد يشجع دولًا أخرى على إعادة النظر في سياساتها. تشير تقارير منظمات الهجرة الدولية إلى أن ملايين المهاجرين حول العالم يختارون وجهاتهم بناءً على إمكانية حصول أطفالهم على الجنسية، وأن أي تغيير في السياسة الأمريكية قد يؤدي إلى إعادة توجيه تدفقات الهجرة نحو بلدان أمريكا اللاتينية التي لا تزال تطبق حق الأرض.

في قضية Plyler v. Doe عام 1982، قضت المحكمة العليا بأن حرمان الأطفال غير الموثقين من التعليم العام ينتهك مبدأ المساواة في الحماية الذي يكفله التعديل الرابع عشر. اعتبر الحكم أن تكاليف إقصاء الأطفال من التعليم تفوق بكثير أي مكاسب مالية، وهو ما عزز من مكانة التعديل كحامٍ للحقوق الأساسية بغض النظر عن الوضع القانوني للوالدين.
كانت أستراليا من بين الدول التي طبقت لفترة طويلة مبدأ حق الأرض غير المشروط. قبل تعديل قانون الجنسية عام 1986، كان كل من يولد على الأراضي الأسترالية يحصل تلقائيًا على الجنسية. لكن الحكومة الأسترالية عدّلت القانون لتشترط أن يكون أحد الوالدين مواطنًا أو مقيمًا دائمًا لحظة الولادة. الدافع الرئيسي كان الحد من ما اعتبرته السلطات استغلالًا ممنهجًا للنظام، إذ شهدت البلاد حالات لمهاجرين مؤقتين يسعون لإنجاب أطفالهم هناك لضمان الجنسية. ورغم مرور ما يقرب من أربعة عقود على التغيير، ما زال النقاش قائمًا حول ما إذا كانت السياسة الجديدة قللت بالفعل من معدلات الهجرة أم أنها أوجدت فئة من الأطفال عديمي الجنسية الذين يواجهون صعوبات في الاندماج.
أيرلندا كانت آخر دولة في الاتحاد الأوروبي تمنح الجنسية تلقائيًا لأي طفل يولد على أراضيها. لكن في حزيران/يونيو 2004، أيد 79% من الناخبين تعديل الدستور لإلغاء هذا الحق، بعد موجة جدل حاد حول ما وُصف حينها بـسياحة الولادة وازدياد أعداد النساء القادمات خصيصًا للولادة. ينص النظام الجديد على أن الطفل لا يُعتبر مواطنًا إلا إذا كان أحد والديه مواطنًا أيرلنديًا أو مقيمًا إقامة قانونية لمدة ثلاث سنوات على الأقل في السنوات الأربع السابقة للولادة. أثار القرار ردود فعل متباينة؛ فبينما اعتبره مؤيدوه ضرورة لحماية النظام القانوني، رأى معارضوه أنه تحول جذري عن تقليد تاريخي كان يميز أيرلندا عن جيرانها الأوروبيين.
حتى عام 1983، كان كل طفل يولد في المملكة المتحدة يحصل تلقائيًا على الجنسية البريطانية. لكن التغيير جاء مع قانون الجنسية البريطاني لعام 1981، الذي اشترط أن يكون أحد الوالدين مواطنًا بريطانيًا أو مقيمًا بشكل دائم. تبرر السلطات البريطانية هذا التعديل بالرغبة في مواءمة النظام مع سياسات الهجرة المتغيرة واحتواء ما رأت أنه استغلال متزايد للقانون. منذ ذلك الحين، بات الأطفال المولودون لأبوين غير مستقرين قانونيًا يعيشون وضعًا هشًا، إذ قد يظلون بلا جنسية لسنوات، وهو ما أثار انتقادات منظمات حقوقية حذرت من اتساع الفجوة بين فئات المجتمع.
النقاش الدائر في الولايات المتحدة يتقاطع مع هذه التجارب؛ فالدول الثلاث واجهت ضغوطًا مرتبطة بالهجرة وقررت أن المواطنة التلقائية لم تعد تتناسب مع واقعها الديموغرافي والسياسي. مؤيدو قرار ترامب يستشهدون بهذه النماذج كأدلة على أن تعديل حق الأرض لا يعني بالضرورة التخلي عن مبادئ العدالة، بل تكييفها مع المتغيرات. أما المعارضون فيرون أن السياق الأمريكي مختلف جذريًا، إذ يمثل حق المواطنة بالولادة جزءًا من الهوية الوطنية التي تشكلت تاريخيًا على قيم الانفتاح والمساواة، وأن السير في اتجاه مماثل قد يقوض الأساس الذي بنيت عليه الدولة الحديثة.
رغم تعليق المحاكم للقرار التنفيذي، تواصل إدارة ترامب الدفع نحو إعادة تفسير التعديل الرابع عشر، فيما تتمسك المحاكم بحماية نص دستوري صمد أكثر من 150 عامًا. إذا قررت المحكمة العليا النظر في القضية، فإن أي تغيير يتطلب تعديلًا دستوريًا كاملًا، وهو مسار شديد التعقيد سياسيًا وقانونيًا في ظل الانقسام الحاد. حتى ذلك الحين، سيظل مبدأ المواطنة بالولادة قائمًا، لكنه يعيش تحت تهديد دائم.
>> تابع قناة السومرية على منصةX 
+A
-A
facebook
Twitter
Whatsapp
telegram
Messenger
telegram
Alsumaria Tv
أحدث الحلقات
Biotic
Play
اسباب تأخر الحمل، التبول اللاارادي - م٤ Biotic - الحلقة ١٢ | الموسم 4
15:00 | 2025-07-25
Play
اسباب تأخر الحمل، التبول اللاارادي - م٤ Biotic - الحلقة ١٢ | الموسم 4
15:00 | 2025-07-25
حصاد السومرية
Play
لحظة إنفـ.جار الإهمال المتراكم في الكوت - حصاد السومرية م٢ - حلقة ١٦ | الموسم 2
14:00 | 2025-07-25
Play
لحظة إنفـ.جار الإهمال المتراكم في الكوت - حصاد السومرية م٢ - حلقة ١٦ | الموسم 2
14:00 | 2025-07-25
نشرة أخبار السومرية
Play
نشرة ٢٥ تموز ٢٠٢٥ | 2025
12:45 | 2025-07-25
Play
نشرة ٢٥ تموز ٢٠٢٥ | 2025
12:45 | 2025-07-25
العراق في دقيقة
Play
العراق في دقيقة 25-07-2025 | 2025
12:30 | 2025-07-25
Play
العراق في دقيقة 25-07-2025 | 2025
12:30 | 2025-07-25
الهوا الك
Play
قضايا إنسانية ملحة: من حقوق المعوقين إلى مطالب المتقاعدين - الهوا الك م١٠ - الحلقة ١٦ | الموسم 10
10:30 | 2025-07-25
Play
قضايا إنسانية ملحة: من حقوق المعوقين إلى مطالب المتقاعدين - الهوا الك م١٠ - الحلقة ١٦ | الموسم 10
10:30 | 2025-07-25
كان يا مكان
Play
الله إذا أعطى أدهش! - كان يا ما كان م٣ - الحلقة ١٩ | الموسم 3
08:00 | 2025-07-25
Play
الله إذا أعطى أدهش! - كان يا ما كان م٣ - الحلقة ١٩ | الموسم 3
08:00 | 2025-07-25
علناً
Play
مشاكل بغداد واربيل النفطية - علناً م٤ - الحلقة ١١ | الموسم 4
16:30 | 2025-07-24
Play
مشاكل بغداد واربيل النفطية - علناً م٤ - الحلقة ١١ | الموسم 4
16:30 | 2025-07-24
Celebrity
Play
الشاعر قاسم الحياتي - Celebrity م٤ - الحلقة ١٥ | الموسم 4
15:30 | 2025-07-24
Play
الشاعر قاسم الحياتي - Celebrity م٤ - الحلقة ١٥ | الموسم 4
15:30 | 2025-07-24
أسرار الفلك
Play
اسرار الفلك مع جاكلين عقيقي من ٢٦ تموز الى ١ آب ٢٠٢٥ | 2025
13:00 | 2025-07-24
Play
اسرار الفلك مع جاكلين عقيقي من ٢٦ تموز الى ١ آب ٢٠٢٥ | 2025
13:00 | 2025-07-24
Live Talk
Play
عراقي يحول المواقف اليومية إلى فن ساخر - Live Talk - الحلقة ٨٠ | 2025
10:30 | 2025-07-24
Play
عراقي يحول المواقف اليومية إلى فن ساخر - Live Talk - الحلقة ٨٠ | 2025
10:30 | 2025-07-24
الأكثر مشاهدة
اخترنا لك
الجيش الإسرائيلي يعلن رصد إطلاق صاروخ من اليمن
15:31 | 2025-07-25
تأكيد أوروبي على ضرورة وقف حرب غزة.. بيان غاضب من 3 دول
13:35 | 2025-07-25
الخارجية القطرية تكشف اخر التطورات في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة
12:22 | 2025-07-25
المركزية الامريكية تعلن مقتل قيادي بارز في داعش مع أولاده في سوريا
12:16 | 2025-07-25
إسرائيل تعلن مقتل مسؤول "التجنيد" بحزب الله.. من هو علي قصان؟
12:06 | 2025-07-25
ترامب: حماس لا تريد التوصل لاتفاق وأعتقد أنها تريد الموت
10:46 | 2025-07-25
إشترك بنشرتنا الاخبارية
انضم الى ملايين المتابعين
إشترك
حمل تطبيق السومرية
المصدر الأول لأخبار العراق
Alsumaria mobile app on Android Alsumaria mobile app on Android
Alsumaria mobile app on IOS Alsumaria mobile app on IOS
Alsumaria mobile app on huawei Alsumaria mobile app on huawei
إشترك بخدمة التلغرام
تحديثات مباشرة ويومية