لكن خلف الكواليس، تظهر حقائق صادمة عن بعض المرشحين الذين يسعون للعودة إلى الواجهة السياسية مستغلين نفوذهم وثرواتهم التي جُمعت بطرق غير مشروعة.
واحدة من أبرز القضايا التي بدأت تطفو إلى السطح تتعلق بمرشح بارز، معروف بحضوره المكثف على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنه متهم بالاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي العامة والخاصة عن طريق التزوير والتلاعب بالقانون، في واحدة من أكثر عمليات الفساد العقاري تعقيدًا في السنوات الأخيرة.
أراضٍ مسروقة بوثائق مزورة
وتكشف الوثائق الرسمية التي حصل عليها فريقنا من مصادر داخل مديريات
التسجيل العقاري، أن المرشح المذكور – الذي نتحفظ على اسمه إلى حين انتهاء التحقيقات الرسمية – متورط في تزوير صكوك ملكية لأراضٍ تقع في مواقع استراتيجية في أطراف العاصمة
بغداد، إضافة إلى أراضٍ أخرى في محافظات
كربلاء،
النجف، وديالى.
ووفقًا للتحقيقات الأولية، تم استخدام أسماء أشخاص متوفين أو غائبين عن البلاد، لتسجيل الأراضي بأسماء وهمية ثم نقلها لاحقًا إلى المرشح أو إلى شركات مملوكة له بالباطن.
وأظهرت بعض الوثائق تواقيع غير مطابقة، وأختامًا مزورة، وتواريخ غير منطقية لتسجيلات تمت خارج أوقات الدوام الرسمي.
وأفاد موظفون داخل دوائر التسجيل العقاري، تحت شرط عدم ذكر أسمائهم، أن "هذه العمليات تم تمريرها بدعم مباشر من مسؤولين نافذين في الدولة مقابل مبالغ مالية ضخمة".
ثروة مشبوهة
ما يثير الشك أكثر هو القفزة الهائلة في ثروة هذا المرشح خلال السنوات القليلة الماضية.
إذ تشير البيانات المالية المجمعة من سجلات شركاته الخاصة والعقارات المسجلة باسمه أو باسم أولاده وأقاربه، إلى امتلاكه أصولًا تقدر بعشرات ملايين الدولارات، دون وجود سجل اقتصادي واضح يبرر هذا الثراء المفاجئ.
ويعتقد خبراء قانونيون أن "المرشح بنى ثروته من خلال منظومة فساد متكاملة، تبدأ من التزوير العقاري، وتمر بالابتزاز السياسي، وتنتهي بتهريب الأموال خارج
العراق عبر شركات وهمية مسجلة في دول مجاورة.
السوشيال ميديا أداة لتلميع الصورة
وفي تناقض صارخ مع واقعه، يواصل المرشح بث منشورات يومية على
فيسبوك وتويتر وتيك توك، يظهر فيها وهو يتحدث عن "مظلومية المواطن" و"محاربة الفساد".
كما ينشر صورًا له مع عائلات فقيرة، ويوزع مساعدات، ويموّل حملات تنظيف وإنارة شوارع في بعض المناطق الشعبية.
لكن المعلومات كشفت أن هذه الحملات الإعلامية تُدار من قبل فريق متخصص بالعلاقات العامة، وتُموّل من ميزانية خاصة تتجاوز الـ 500 ألف دولار شهريًا.
كما تبين أن العشرات من الصفحات التي تروج له على السوشيال ميديا ليست عضوية، بل صفحات ممولة تعمل على إزالة أي تعليقات ناقدة، وتهاجم خصومه السياسيين.
ويقول أحد خبراء الإعلام السياسي ان "المرشح يعتمد على استراتيجية تضليل متقنة، تُظهره كمنقذ، بينما يخفي وراء الكواليس شبكة فساد تمتد في مؤسسات الدولة".
تجاهل المحاسبة
ورغم توفر أدلة قوية، لم تتحرك حتى الآن الجهات الرقابية الرسمية بالشكل المطلوب.
ويعود ذلك، حسب إلى نفوذ المرشح المتزايد وعلاقاته الواسعة مع شخصيات بالدولة، بعضها يشغل مواقع حساسة.
ويحذر ناشطون من "خطورة بقاء هذه القضايا دون مساءلة، خصوصًا أن المرشح بات قريبًا من الفوز بمقعد نيابي، ما يمنحه الحصانة القانونية ويصعب من ملاحقته لاحقًا".
استعراض عسكري
واخر ما قام به هذا المرشح والذي نشره بمواقع التواصل الاجتماعي من دون خوف هو ما اشبه بالاستعراض العسكري وصفته قائد لتلك القوات، في موقف واضح وصريح ان لعابه يسيل على مناصب عليا بالدولة لاستكمال سرقاته من
هلال الالتفاف على القانون.
مواطنون تساءلوا "الا من محاسب لهذه النماذج؟".
واكدوا ان "هذا المرشح لايملك اي صفة قانونية ولا اي لقب علمي بل هو مجرد مستثمر لكلية اهلية واقتصاديات بعض الجهات السياسية".
دعوات للتحقيق والمحاسبة
وعلى ضوء هذه الحقائق، أطلقت منظمات مدنية محلية ودولية حملات إلكترونية تطالب بفتح تحقيق فوري، وتجريم تزوير السجلات العقارية، ومعاقبة كل من ساهم في تسهيل هذه الجرائم، سواء من داخل المؤسسات الرسمية أو من خارجها.
كما نُظمت وقفات احتجاجية رمزية في بعض المحافظات، رُفعت فيها لافتات كتب عليها:
"لا للفساد العقاري… لا للحصانة أمام القانون".
الانتخابات ليست غطاءً للفاسدين
وبين الخطاب الشعبوي والممارسات الفاسدة، يقف المواطن العراقي اليوم أمام مسؤولية تاريخية: أن لا يمنح صوته لمن بنى ثروته على أنقاض الدولة وحقوق الآخرين.
حيث إن محاربة الفساد تبدأ من صناديق الاقتراع، ومن رفض أي مرشح يبيع الوهم، ويُخفي جرائمه خلف "بوستات" وعناوين مزيفة.
ولن تتحقق العدالة ما لم يُفتح هذا الملف بالكامل، ويتم تقديم الجناة إلى المحاسبة العلنية أمام القضاء والشعب.