ولم يكن الشوط الأول على مستوى التطلعات، إذ ظهر المنتخب العراقي بلا هوية واضحة أو تنظيم تكتيكي، فغابت خطوط اللعب، وتراجعت الروح القتالية، في وقت فرض فيه المنتخب الإندونيسي أسلوبه على أرض الملعب من خلال الاستحواذ والضغط العالي والتمريرات السريعة.
وأظهرت الإحصائيات أن السيطرة كانت تميل بشكل واضح لمصلحة الفريق الإندونيسي بنسبة استحواذ بلغت 58% مقابل 42% للعراق، فيما جاءت التسديدات 7 مقابل 2 لصالح الخصم، إضافة إلى تفوقه بعدد الهجمات بـ38 مقابل 25، ما يعكس حجم المعاناة الدفاعية والارتباك في التحولات.
وصف محللون الشوط الأول بأنه "الأسوأ" للعراق في عهد المدرب
الأسترالي غراهام
أرنولد، الذي بدا عاجزاً عن إيجاد التوازن بين الخطوط أو الحد من خطورة الأجنحة الإندونيسية التي شكلت مصدر تهديد مستمر للحارس
جلال حسن.
مع بداية الشوط الثاني، لجأ أرنولد إلى إجراء تغييرات قلبت الموازين، وكان دخول الثنائي
زيدان إقبال ويوسف الأمين نقطة التحول الأبرز في اللقاء. فقد منحا الفريق حيوية في وسط الميدان وقدرة أكبر على التمرير السريع والتحكم بإيقاع اللعب.
وفي الدقيقة (76)، تمكن
زيدان إقبال من تسجيل الهدف الوحيد للعراق، ليكسر الجمود ويمنح "
أسود الرافدين" نقاطاً ثمينة في سباق التأهل.
ورغم الهدف، واصل المنتخب الإندونيسي ضغطه في الدقائق الأخيرة، مستفيداً من بعض الأخطاء الدفاعية، إلا أن صلابة الدفاع وتألق الحارس جلال حسن ساهما في الحفاظ على النتيجة حتى صافرة النهاية.
خيارات فنية تثير الجدل
أبرز ما أثار الجدل في اللقاء كان استبعاد منتظر ماجد من قائمة المباراة وجلوسه في المدرجات، رغم تألقه اللافت في
الدوري السويدي مع هاماربي، واختياره كأحد أكثر اللاعبين مراوغة في أوروبا هذا الموسم.
هذا القرار فتح باب التساؤلات حول رؤية أرنولد في إدارة المواهب الشابة، خصوصاً أن الفريق بدا بحاجة إلى حلول هجومية إضافية في الشوط الأول، وهو ما جعل الجماهير تطالب بمراجعة شاملة للخيارات الفنية قبل موقعة
السعودية.
ورأى محللون وجماهير أن الأداء الباهت في الشوط الأول كان نتيجة مباشرة لخيارات فنية غير موفقة، إذ بدا المنتخب العراقي من دون حيوية أو تنظيم هجومي، رغم وجود أسماء أثبتت جاهزيتها مثل زيدان إقبال،
يوسف الأمين، منتظر ماجد، وماركو فرج، الذين جلسوا على دكة الاحتياط أو خارج القائمة تماماً.
وبهذا الفوز، رفع
العراق رصيده إلى 3 نقاط، ليبقى ضمن المنافسة على إحدى بطاقات التأهل إلى نهائيات
كأس العالم 2026. وستكون مواجهة السعودية الثلاثاء المقبل بمثابة معركة الحسم، إذ يحتاج "أسود
الرافدين" إلى الفوز فقط لضمان العبور إلى المونديال.
وسيدخل المنتخب العراقي اللقاء المقبل تحت ضغط كبير، خصوصاً في ظل الأداء غير المقنع أمام إندونيسيا، لكن المؤشرات الفنية تؤكد أن الفريق يمتلك الإمكانيات اللازمة لتقديم مستوى أفضل إذا ما تم تصحيح الأخطاء في التشكيلة والبناء الهجومي.
يرى محللون أن المنتخب العراقي مطالب في المرحلة المقبلة بـ3 أمور أساسية قبل مواجهة السعودية وهي تعزيز الانسجام في خط الوسط عبر إشراك اللاعبين أصحاب الخبرة والتمرير الدقيق مثل زيدان إقبال ويوسف الامين منذ البداية. وكذلك تصحيح الثغرات الدفاعية التي ظهرت في التغطية الجانبية والكرات العرضية، بالإضافة الى استعادة الروح القتالية والضغط العالي الذي ميّز المنتخب في تصفيات المجموعات السابقة.
ورغم الانتقادات، تبقى الجماهير العراقية متفائلة بإمكانية تحقيق الحلم المونديالي، خاصة بعد نجاح المنتخب في اقتناص النقاط الثلاث من مباراة صعبة أمام خصم متطور.
ويرى مراقبون أن المنتخب العراقي، رغم تراجعه في الأداء، يمتلك عناصر قادرة على الحسم في المباريات الكبرى، مثل
أيمن حسين، زيدان إقبال، ومنتظر الماجد ويوسف الامين وعلي جاسم، شرط توظيفهم تكتيكياً بشكل صحيح.
الفوز على إندونيسيا أعاد العراق إلى أجواء المنافسة، لكنه في الوقت نفسه كشف عن حاجة الفريق لإعادة ترتيب أوراقه قبل خوض
الامتحان الحقيقي أمام السعودية. وبين الانتقادات والتفاؤل، يبقى الأمل قائماً بأن يستعيد "أسود الرافدين" بريقهم ويقتنصوا بطاقة التأهل إلى كأس العالم 2026، ليكتبوا صفحة جديدة في تاريخ الكرة العراقية.