وتقدمت القوات الأوكرانية ببطء وحذر إلى داخل المدينة بعد ساعات قليلة فقط من إعلان
روسيا انسحابها، ووجدت في انتظارها على جوانب الطرق، الدبابات المدمرة السكان المحليين المتبقين، الذين لوحوا وبكوا فرحا لعودة جيش بلادهم.
"كنا في انتظاركم منذ فترة طويلة!" تصيح إحدى السيدات، مع وصول الجنود الذين كانوا يرتدون شرائط صفراء حول أذرعهم لتعريف أنفسهم على أنهم أوكرانيون، بحسب
واشنطن بوست.
ودعت روسيا، قواتها إلى الانسحاب من مدينة خيرسون، في نكسة كبرى لاجتياحها أوكرانيا، في خضم هجوم مضاد شنته القوات الأوكرانية طيلة الأسابيع الأخيرة.
وأمر
وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، قواته بالانسحاب من
الضفة الغربية لنهر دنيبرو في مواجهة الهجمات الأوكرانية، بالقرب من مدينة خيرسون في جنوب أوكرانيا.
وكانت
موسكو قد تعهدت قبل أسابيع بالدفاع عن خيرسون باعتبارها "أرضا روسية"، وقال القادة العسكريون الروس إنهم لن يتركوا أماكنهم فيها.
وتمثل مغادرة خيرسون واحدة من أكبر عمليات الانسحاب الروسية، وقد تشكل حسب مجموعة من المتابعين، نقطة تحول في الحرب التي تقترب الآن من اتمام شهرها التاسع.
تقدم حذر
وبعد يوم من إعلان وزير الدفاع الروسي عن انسحاب قوات بلاده من الضفة الغربية لنهر دنيبرو، يتحرك الجيش الأوكراني بحذر في المناطق التي تركتها القوات الروسية على طول خط المواجهة بخيرسون.
وتأتي أهمية خيرسون بشكل كبير من رمزيتها باعتبارها أول عاصمة إقليمية أوكرانية – والوحيدة – التي يحتلها الروس، كما أنها المدينة الأقرب إلى
القرم، حيث تنتشر قوات احتلال روسية منذ عام 2014.
وأشارت
واشنطن بوست، إلى أن تقدم الجنود الأوكرانيين يتم بسلاسة، موضحة أنه رغم استمرار القتال في بعض الأماكن، إلا أن الروس يتراجعون بالفعل.
وشكك المسؤولون الأوكرانيون في البداية، من خدعة روسية بعد إعلان الانسحاب، خاصة أنه أعقب تصريحات غامضة من الجانب الروسي، لم تكشف حقيقة نواياهم.
وأعلن الجيش الأوكراني، عن استعادة 12 بلدة في منطقة خيرسون؛ ست منها في اتجاه منطقة بيتروبافليفكا-نوفورايسك، وست أخرى باتجاه بيرفومايسكي-خيرسون، أي إجمالي ما يزيد عن 260 كيلومترا مربعا.
وقال الجيش في بيان "العدو يعيد تجميع صفوفه ويتخذ إجراءات لسحب القوات جزئيا إلى الضفة اليسرى لنهر دنيبرو"، في إشارة إلى الضفة الشرقية للنهر، حيث يبني الجيش الروسي خطا دفاعا احتياطيا.
وقال إيهور، قائد وحدة للاستطلاع، عرف نفسه باسمه الأول فقط لأسباب أمنية، إن بعض الجنود الروس كانوا على الأرجح مختبئين في سنيوريفكا، موضحا "لدينا هدف هو القبض عليهم أو دفعهم للخارج".
وتقدمت القوات الأوكرانية في خيرسون في الأسابيع الأخيرة، مستخدمة مدفعية بعيدة المدى لضرب الجسور عبر نهر دينبرو، وعزلت إلى حد كبير آلاف الجنود الروس داخل المدينة وحولها.
وأشاد الأمين العام لحلف
الناتو،
ينس ستولتنبرغ، بالجيش الأوكراني بعد تقدمه في منطقة خيرسون.
وقال في مؤتمر صحفي في
روما "الواضح أن روسيا تتعرض لضغوط شديدة وإذا غادروا خيرسون فسيكون ذلك انتصارا آخر لأوكرانيا." وقال إن الناتو سيواصل دعم كييف.
مخاوف قائمة
وحتى مع تراجع القوات الروسية في منطقة خيرسون، تظل المخاوف قائمة من أنها لن تخلي سوى مناطق محدودة، وستتراجع للدفاع عن عاصمة المقاطعة.
وفي نفس السياق، حذر محللون عسكريون من أن روسيا قد ترد على خساراتها في خيرسون، بتصعيد قصفها بالصواريخ والطائرات المسيرة على المدن الأوكرانية الأخرى، في حملة لإضعاف معنويات الأوكرانيين، وتسبب القصف في الأسابيع الأخيرة انقطاع الكهرباء عن 4.5 مليون شخص وأثار مخاوف من شتاء بارد وقاس.
واعتبر مسؤولون عسكريون أوكرانيون، أن الانسحاب الروسي من البلدات حول خيرسون كان "أكثر منهجية وأقل فوضوية بكثير"، من انسحابها، شهر سبتمبر من منطقة خاركيف في شمال شرق أوكرانيا.
وأوضح أحد القادة الميدانيين: "لقد كانت عملية الانسحاب منظمة بشكل جيد"، وتابع "غادر الجنود في قوافل على مدى يومين إلى ثلاثة أيام. كانوا يطلقون نيران المدفعية لتغطية انسحابهم حتى النهاية ".
وفيما أكد سكان المدينة، أن الروس سحبوا أسلحتهم الثقيلة ومعظم الجنود من سنيوريفكا في وقت سابق هذا الأسبوع. توقع محللون عسكريون، أن عملية الانسحاب وإخراج جميع القوات قد ستستغرق" عدة أيام أو ربما أسابيع".
واستقبل السكان المحليون الجنود الأوكران، بالبكاء والتلويح، وركض بعضهم إلى المركبات لمعانقة الجنود بعد دخولهم إلى المدينة.