السومرية نيوز / دهوك
تتسلل أشعة شمس ساخنة من بين عنقودي عنب إلى بشرة خورشيد صالح المتعرقة جراء الجهد الذي يبذله من أجل الحفاظ على كمية محصوله، فتوقظ فيه حس عناد يحفزه على مواصلة العمل وسط الأشجار التي يأمل جني ثمارها لاحقا.
يقضي صالح ذو الـ63 عاما معظم وقته في مزرعته الصغيرة بمنطقة بامرني (60 كم شمالي مركز محافظة دهوك)، ويعمل بجهد متواصل للاهتمام بزراعة أشجار العنب المنتشرة بكثافة في المزرعة.
ويقول لـ السومرية نيوز إن "حبي للأرض والزراعة متجذر في أعماقي". ولم يفكر يوما بترك مهنته التي ظل يزاولها على مدار 30 عاما على الرغم من تعرضه لصعوبات وخسائر مالية متكررة، فهو يعتبر المهنة هي الحياة.
وتنتشر زراعة العنب في كل أجزاء العراق ولكن بنسب متفاوتة، إذ تتركز زراعة هذه الفاكهة في محافظات دهوك وأربيل والسليمانية الشمالية حيث تتوافر التربة الجيدة والظروف المناخية المناسبة.
وتسهم محافظة دهوك (460 شمال بغداد) على وجه الخصوص بنسبة 15% من إجمالي الإنتاج الزراعي في العراق من العنب، كما تشير إحصائيات مديرية الزراعة في المحافظة إلى أن نمو الإنتاج المحلي بلغ نحو 50% خلال العامين الماضيين.
ويقول مسؤول إعلام مديرية زراعة محافظة دهوك محمد آميدي لـ السومرية نيوز إن "حجم إنتاج زراعة العنب في المحافظة سجل ارتفاعا ملحوظا خلال العام الماضي"، عازيا ذلك إلى "اهتمام المزارعين والدوائر المعنية بتطوير الإنتاج في المحافظة".
وتتمتع دهوك بوجود أكثر من سبعة ملايين شجرة عنب تتوزع على نحو 58 صنفا محليا وإقليميا وعالميا، وتضاعف إنتاج العنب في المحافظة خلال السنوات العشر الماضية بنسبة 50% مقارنة ببداية التسعينيات.
لكن هذا النمو المشجع لم يمنع من إطلاق دعوات للحصول على دعم حكومي.
ويقول المزارع إسماعيل حاجي لـ السومرية نيوز إن "زراعة العنب بحاجة إلى دعم حكومي ليتمكن المزارعون من تحسين محاصيلهم".
تفضيل الإنتاج المحلي
يفضل المستهلكون العنب المزروع محليا في دهوك لأسباب تتعلق بالدرجة الأساس بأسعاره المنخفضة مقارنة بالمستورد.
ويقول صالح الذي أنتجت مزرعته خلال العام الماضي أكثر من 45 طنا من العنب إن "هناك إقبالا كبيرا على العنب المحلي من قبل المستهلكين".
ويضيف أن "سعر الكيلو الواحد من العنب المحلي يباع حاليا في الأسواق ما بين 1200-1500 دينار عراقي"، معتبرا أن "هذا السعر مقبول لدى المستهلكين".
وتمكن صالح الذي بدت يداه ممتلئتين بشقوق خطتها أدواته الزراعية من تحسين أوضاعه المالية وتوفير احتياجاته الضرورية على مدار السنتين الماضيتين نتيجة اهتمامه بمزرعته.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن غالبية تجار الفواكه والخضروات في إقليم كردستان يستوردون المحاصيل من إيران وتركيا وسوريا، وتسد نحو 50% من احتياجات السوق المحلية.
مكافحة حرارة الجو
يحتاج العنب كبقية الفواكه الى مخازن مبردة لتجنيبه الذبول، ويشكو المزارعون من عدم قدرتهم على توفير هكذا مخازن ويأملون أن تتكفل الجهات الحكومة بتوفيرها.
ويدعو حاجي إلى "إقامة مخازن مبردة لحماية الفواكه من التلف، فضلا عن إقامة مشاريع للصناعات الغذائية لتسهم في تطوير الإنتاج الزراعي".
إلا أن آميدي يقول إن "دائرتي أقامت عدة مخازن مبردة لحفظ المحاصيل الزراعية في عموم محافظة دهوك خلال الأعوام الماضية، كما أنها تقدم تسهيلات للمزارعين والمستثمرين الراغبين بإقامة مشاريع زراعية تسهم في تطوير قطاع الإنتاج الزراعي".
وبلغت نسبة إنتاج الكروم المحلي 70% خلال العام الماضي بواقع أكثر من 2700 طن، في حين سجل حجم العنب المستورد 1217 طنا.