هل تكليف الصحفي الذكاء الاصطناعي الكتابة نيابة عنه ثغرة أخلاقية؟

السومرية نيوز

جنبا الى جنب مع التفكير والنقاش في المخاطر التي من الممكن ان ترافق تفشي استخدام الذكاء الاصطناعي، والتهديد الذي سيلحقه بملايين الوظائف حول العالم، رافق الامر نقاش حول الجانب الأخلاقي من القصة.

يمكن القول ان العلاقة بين الانسان والذكاء الاصطناعي، معقدة حاليًا، فلا هو حليف يمكن استخدامه والاستفادة منه بالكامل فقط، ولا يمكن التعامل معه كعدو مريب، لذلك فإن الانسان اليوم متورط بعلاقة يمكن وصفها بالمريبة، اشبه ما يكون بعلاقة الانسان مع "الجن"، وهي حالات يوجد عليها الكثير من الروايات الشعبية، حيث يجد انسان ما يدخل في علاقة غريبة وربما حميمية مع "شخصية وهمية"، توصف شعبيا بانه "مس" او "متلبس بواسطة جنّي"، فمن هذا المنطلق، يكون الانسان المتلبس سعيدا بعلاقته مع هذه "الروح" التي تبدو لصاحبها بأنها حريصة عليه وتحميه وتحبه، لكنه "تعتاش على ضعفه" وتضره في ذات الوقت، ومن هنا، يصبح الانسان ربما ضحية للذكاء الاصطناعي بذات الطريقة دون ان يعلم.

ولكن كيف ذلك؟، يكون الانسان ضحية للذكاء الاصطناعي كلما استخدمه اكثر، فالامر سيكون اشبه بان يقوم الانسان بـ"نصرة" الالة، على حساب جنسه البشري، كلما استخدمه اكثر، قام بتعليمه اكثر، وجعله متطور اكثر، وهذا احد جوانب الثغرات الأخلاقية ربما اذا صح وصفها بذلك.

اما من الثغرات الأخلاقية الأخرى ربما، ان يكون استخدام الذكاء الاصطناعي ليس بتسهيل عمل أصحاب المهن، بل ان يجعل صاحب المهنة الذكاء الاصطناعي بانه يعمل بدلا منه، دون ان يشعر بالإحراج من ذلك، حيث ان ما يفعله هو اعتراف ضمني بان لا حاجة لوجوده، وان الذكاء الاصطناعي يستطيع ان يفعل ما يفعله هو، وتتضح هذه الثغرة الأخلاقية بشكل اكبر فيما يتعلق باستخدام الصحفيين للذكاء الاصطناعي.

في العراق، بدأ العديد من العاملين بالصحافة بالفعل باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتكليفه بمهام كتابة التقارير في أي موضوع يريدوه، ثم يقومون بنشره كما هو بعد تعديلات ضئيلة جدا فيما يتعلق بترتيب النصوص، في الوقت الذي من الممكن تقبل فكرة ان الذكاء الاصطناعي الة مساعدة يمكن استخدامها في تقليل الوقت للبحث عن المعلومات مثلا او غيرها، وليس تكليفه بالكامل بكتابة التقارير او تكليفه بان يكون بديلا عن الصحفي.

لكن عملية الاعتماد على الذكاء الاصطناعي غالبًا يمكن تمييزها عن التقارير المكتوبة من قبل صحفيين وبجهدهم الشخصي، فعلى سبيل المثال، ان تقارير الذكاء الاصطناعي تتميز بالسرد الجاف وتعجز عن الانتقال الفني او استخدام العبارات الفنية والصياغات والتراكيب في الانتقال بين جملة وأخرى، كما ان لغة الذكاء الاصطناعي واحدة ومميزة ومعروفة، ويمكن التعرف عليها بسهولة غالبًا، ولا تركز على منح المعلومة بشكل مباشر فيما يتعلق بالقضايا الحديثة وربما تقع احيانًا في أخطاء المعلومات القديمة، اما الامر الأكبر هو ان الذكاء الاصطناعي يقوم باستعراض كافة المواد المكتوبة سابقا ربما وتلخيص المعلومات الا انه لا يستطيع استخدام التحليل الصحفي الذي ينفرد به العقل البشري غالبا.