اللحظة التالية للانتخابات.. ذاكرة 2022 والولاية الثانية "ينغصان" مسار الاطار
كان المسار السياسي واضحا منذ قبل اجراء الانتخابات، فهو يدور بالعموم حول محورين أساسيين، محور
السوداني والولاية الثانية، ومحور
المالكي ورفض الولاية الثانية، وبالرغم من ان الحكومة الحالية تشكلت من رحم التوافق كرد فعل على الخروج من أزمة مشروع "الأغلبية" والتحالف الثلاثي، يبدو أن الامر عاد ليتكرر من جديد، وما وجد الاطار التنسيقي نفسه في مواجهته أمس، قد يكون في مواجهته اليوم أيضا، لكن المعطيات الأخرى وانتصار الاطار في 2022 قد يجهض التفكير حتى في أي مشروع مشابه، فهذا المشروع من "الخطوط الحمراء" في ادبيات الاطار التنسيقي.
مع الحكم الا للتوافق.. التفكير بمشروع الأغلبية "خط احمر" والاطار سيجهضه
حصد السوداني اعلى الأصوات والمقاعد في هذه الانتخابات وبلغ عدد مقاعده اكثر من 45 مقعدا، لكن في الامس كان التيار الصدري لديه أكثر من 72 مقعدا، وعندما جاء بتجربة مشروع الأغلبية، لم ينجح بكسر "العادة السياسية" الثابتة التي تنص على "توافق قوى الاطار" على اسم
رئيس الوزراء وعدم سماحهم بتشكيل حكومة ليس لهم فيها رأي، او ان تكون "الكتلة الأكبر" مشكلة من طوائف وقوميات متعددة عابرة للهوية، فالكتلة الأكبر يجب ان تكون شيعية، لذلك فإن ما لم يتمكن منه زعيم
التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر حينها بالرغم من قوته الجماهيرية، ليس من المتوقع ان ينجح به السوداني، خصوصا وان بعض القوى الكردية والسنية شاهدت بنفسها كيف كانت نهاية الاصطفاف مع مشروع ضد مشروع الاطار، بل ان
الحلبوسي يرى ان إخراجه من منصب رئاسة البرلمان كان بمثابة "عقوبة" على اصطفافه مع مشروع
الصدر، وكذلك التضييق على رواتب الكرد وإيقاف تصدير النفط كانت أيضا عقوبة على اصفاف البارتي مع الصدر.
تحالف عابر للهويات.. ما ذهب من يد الصدر لا يمكث بيد السوداني
وقبل أيام من الانتخابات قال زعيم حركة عصائب اهل الحق
قيس الخزعلي ان "الكرد والسنة فهموا درس 2022، وان رئاسة الحكومة لا يجب ان تتجاوز الاجماع الشيعي"، وهي رسالة واضحة بأن الكرد والسنة لن يكرروا مع السوداني ما فعلوه مع الصدر، أي لن ينصروا تيارا شيعيا ضد اخر، وبعد خروج نتائج الانتخابات، شهدت الساحة السياسية تبادل الزيارات بين اطراف الاطار التنسيقي شملت الخزعلي والمالكي والمندلاوي وعمار
الحكيم، اما السوداني فلم يلتقي بعد الأيام الأولى لإعلان النتائج سوى باعضاء كتلته، رغم كونه الفائز الأكبر، بل ان
فالح الفياض الحليف الأبرز للسوداني والذي حصل على 10 مقاعد من اجمالي مقاعد السوداني، ظهر وهو يجلس مع زعيم عصائب اهل الحق قيس الخزعلي، ما منح إشارات لـ"عزلة" يريد ان ينفذها الاطار تجاه السوداني بشكل مبكر.
الشركاء فهموا الدرس..
رئاسة الوزراء يحددها الاجماع الشيعي ومن يخرج "سيُعزَل"
ربما لن يكون امام السوداني سوى الذهاب الى طاولة الاطار ليساعدهم باختيار رئيس الوزراء الجديد، او يحاول ان يبقى معزولا في محاولاته التي لا يتوقع نجاحها في حشد الدعم للحصول على ولاية ثانية، واذا حصل ذلك، فهذا يعني ان الاطار التنسيقي حكم على الدورة السياسية الجديدة بـ"التوتر"، فبعد هيمنته الواضحة على البرلمان، ستكون هيمنته على الحكومة القادمة محط قلق للمجتمع الدولي والإقليمي، وهو بمثابة زيادة الأعداء، خصوصا وان التيار الصدري والتيار المدني، بات كلاهما بلا تمثيل سياسي في البرلمان، ولن يكون امامهما الا الشارع والاحتجاج مجددًا، اما اذا أراد الاطار التنسيقي "تخفيف حدة" القلق والشكوك والمعارضة الداخلية والخارجية، فليس امامه الا ان يجدد الولاية للسوداني، ومن غير المعروف أي الطريقين سيختار.