تجنيد عراقيين
وقال السفير الاوكراني في
العراق إيفان دوفهانيتش في مقابلة مع
السومرية نيوز، ان "الجهة الوحيدة التي تقوم بتجنيد مواطنين عراقيين للقتال في الحرب مع
روسيا هي روسيا نفسها"، مبينا ان "أوكرانيا لا تُجنّد عراقيين في صفوف قواتها المسلحة، لأن ذلك يُعد خرقًا للتشريعات الوطنية العراقية ولمبادئ القانون الدولي".
وأضاف "عندما هاجم
بوتين أوكرانيا، لم يكن يخطط لحرب تمتد لسنوات؛ بل كان يتوقع أن يقيم عرضًا عسكريًا في كييف خلال أسبوعين، لكن تبيّن على نحو غير متوقع بالنسبة له، حيث ان الاوكرانيين هم خصم شديد البأس، وخلال أقل من أربع سنوات، خسرت روسيا نحو مليون عسكري بين قتيل وجريح"، مشيرا الى ان "هذه الخسائر الكارثية تدفع بوتين للبحث عن وقود للمدافع في الخارج".
وذكر ان "الحكومة الروسية تستدرج شباب بوعود الكسب السريع والأراضي والجنسية، لكن في الواقع يجد الشاب العربي القادم من العراق نفسه في بلد أجنبي بظروف غير مقبولة للمسلم وبمناخ قاسٍ والأسوأ من ذلك أن الضباط الروس لا يبدون اهتمامًا ببقائه على قيد الحياة؛ بل يرسلون الأجانب عمدًا إلى أخطر جبهات القتال، لذلك فإن الشاب الذي يوقّع عقدًا يكون في الغالب، مآله الموت بلا مجد في حرب لا يحتاجها أحد سوى بوتين"، موضحا ان "أوكرانيا تقدر عاليًا الموقف الحازم للحكومة العراقية ومنظمات
المجتمع المدني في العراق بمكافحة هذا التجنيد الإجرامي".
وبين ان "حكم محكمة
النجف خلال أيلول الماضي والذي قضى بالسجن المؤبد على أحد المجمّدين، يمثل إشارة مهمة إلى أن العراق لا يتاجر بمواطنيه"، معربا عن اسفه "لما تقوم بيه الحكومة الروسية من تجنيد عراقيين في جيش عدونا، حيث انني لا أشعر بالعداء تجاههم؛ بل أشعر بشفقة إنسانية عميقة على أولئك الشبان".
وذكر ان "معظمهم ضحايا خداع وظروف اقتصادية قاسية، وليسوا خصومًا أيديولوجيين لأوكرانيا، حيث استُدرجوا بوعود كاذبة عن الأرباح والحياة الأفضل ثم خُدعوا"، مخاطبا
الحكومة العراقية بالقول "احموا مواطنيكم من شبكات التجنيد الإجرامية هذه، وعلى
المجتمع العراقي والقادة والمرجعيات بعدم السماح لأبنائكم بأن يصبحوا ضحايا آلة الموت الروسية".
اسر عراقيين
واكد السفير الاوكراني ان "مقاتلو اللواء 120 للدفاع الإقليمي الأوكراني أسروا في تشرين الأول الماضي قرب فوفشانسك في مقاطعة خاركيف، مواطنًا عراقيًا يبلغ 26 عامًا من مدينة
كركوك يُدعى عليماري كمال نبيل خلف".
قصة العراقي الأسير لدى اوكرانيا
واوضح ان "قصة هذا العراقي تجسّد بوضوح كيف تستخدم روسيا الخداع والإكراه، حيث جاء إلى روسيا بتأشيرة سياحية وعمل في مطعم، ثم أوقفته الأجهزة الروسية لعدم امتلاكه تأشيرة عمل، واقتادته إلى
مركز الشرطة وأجبروه على توقيع عقد مع
وزارة الدفاع تحت تهديد السجن 20 عامًا"، لافتا الى ان "عليماري وأجانب آخرون من كينيا وغانا خضعوا لتدريب لم يتجاوز ثلاثة أسابيع، حيث تعرّضوا خلالها للضرب وسوء المعاملة، ثم نُقلوا إلى مقاطعة خاركيف، ضل طريقه أثناء هجوم بطائرات مسيّرة ووصل إلى قواتنا".
وتابع ان "عليماري يقول اليوم "بسبب الروس تضرّر بصري وسمعي، لقد دمّروا حياتي. أنا ممتن للأوكرانيين الذين ساعدوني"، موضحا ان "أوكرانيا تلتزم بجميع قواعد القانون الدولي الإنساني في معاملة أسرى الحرب، وإذا كان بين المحتجزين مواطنون عراقيون، يمكن للبعثات القنصلية التواصل عبر القنوات الرسمية لتقديم المساعدة القنصلية، ونحن مستعدون للتعاون مع الحكومة العراقية في هذا الشأن".
وبين ان "هذه القصة تظهر الوجه الحقيقي لما تُسميه روسيا "نظام التجنيد" فهو ليس تطوعًا، بل في جوهرة اتجار بالبشر وتعبئة قسرية للأجانب، وأفضل سبيل لوقف ذلك هو توعية الشباب العراقي بالمخاطر الحقيقية وتعزيز مكافحة المجمّدين داخل العراق".
محاولات العراق التدخل لخفض التصعيد الروسي الاوكراني
واكد دوفهانيتش ان "أوكرانيا تُقدّر أي مبادرات سلام، لكن من المهم إدراك أن السلام الحقيقي لا يكون إلا على أساس احترام القانون الدولي ووحدة أراضي أوكرانيا ومبدأ لا قرارات بشأن أوكرانيا من دون أوكرانيا"، مشددا على "ضرورة أن تستند أي مبادرات سلام إلى ميثاق
الأمم المتحدة وصيغة السلام التي طرحها الرئيس زيلينسكي".
وبين انه "لا يمكن أن يعني خفض التصعيد الاستسلام أو الاعتراف بضم الأراضي الأوكرانية، حيث ان العراق أكثر من غيره، يدرك أن أي شعب لا يمكن أن يقبل بخسارة جزء من أراضيه لذلك نأمل تفهّم موقفنا"، لافتا الى ان "السلام لا يتحقق بالتخلي عن الأرض أو الحرية؛ بل يجب أن يكون سلامًا عادلًا قائمًا على احترام السيادة وهي مبادئ تحمي أيضًا استقلال العراق نفسه".
وذكر ان "أوكرانيا والعراق دولتان تعرفان أكثر من غيرهما في عالم اليوم أهوال الحرب، وتطمحان بشدة إلى السلام والاستقرار، وفي كل مرة ألتقي فيها بسياسيين عراقيين أو بمواطنين عاديين، ألمس صدق تمنياتهم بالسلام لأوكرانيا واستعدادهم للمساهمة في إنهاء الحرب، وأنا ممتن للشعب العراقي على ذلك".
موجات نزوح اوكرانية
وبين السفير "عدم رصد أي موجات انتقال كبيرة من أوكرانيا إلى المنطقة العربية أو العراق، بل على العكس ورغم الحرب، يُظهر الأوكرانيون صمودًا استثنائيًا ويبقون في بلدهم أو يعودون إليه بعد خروج مؤقت"، لافتا الى ان "معظم من غادر بسبب الحرب موجودون في دول أوروبية مجاورة بولندا وألمانيا والتشيك والغالبية الساحقة تخطط للعودة بعد النصر، فهذه ليست هجرة دائمة، بل نزوح مؤقت".
التعاون الاقتصادي مع العراق
وذكر ان "هناك اهتمام بتعزيز العلاقات الاقتصادية والثقافية بين العراق وأوكرانيا، حيث تستطيع أوكرانيا أن تقدم للعراق خبرات في الزراعة والهندسة الميكانيكية وقطاع تكنولوجيا المعلومات"، لافتا الى ان "العراق يُعد شريكًا مهمًا لأوكرانيا في الشرق الأوسط وهذا مسار أكثر وعدًا للعلاقات الثنائية من تدفقات الهجرة".
موقف
بغداد بالقضايا الدولية
وتابع ان "العراق دولة مستقلة تنتهج سياسة خارجية سيادية هدفها الأساس تأمين المصالح الوطنية للشعب العراقي"، لافتا الى انه "وفق ملاحظاتي، باتت الدول الأجنبية في السنوات الأخيرة تُصغي باهتمام متزايد إلى موقف بغداد في القضايا الدولية بما في ذلك
الولايات المتحدة وإيران كما أن دولًا أخرى تأخذ في الحسبان تزايد مكانة العراق إقليميًا ودوليًا، باستثناء روسيا التي يتعامل حاكمها بتعالٍ ليس فقط مع العرب والأوكرانيين".
وذكر ان "هجوم
موسكو على أوكرانيا في 24 شباط 2022 وضع بغداد في موقف صعب، إذ كان العراق تقليديًا صديقًا لكلا البلدين ويرغب في البقاء كذلك"، لافتا الى ان "أوكرانيا تؤكد استعدادها لتطوير التعاون الثنائي مع العراق في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك، حيث نعرض شراكة حقيقية قائمة على الاحترام المتبادل والمساواة".
وتابع "لا نهدف الى جرّ العراق إلى صراعات جيوسياسية، بل بناء علاقات ثنائية تعود بالنفع على الشعبين، مشيرا الى "اننا لا نطلب من العراق اختيار جانب بين أوكرانيا وروسيا أو بين الشرق والغرب؛ بل نطلب دعم المبادئ العالمية المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة وهي المبادئ نفسها التي تحمي سيادة العراق ووحدة أراضيه".
وأكد ان "موقفنا بسيط هو ان العدوان وضم الأراضي وجرائم الحرب الجماعية أمور مرفوضة أيًّا كان مرتكبها، ونلمس في المجتمع العراقي فهمًا عميقًا لعواقب الحرب والاحتلال، إذ يعرف العراقيون من تجربتهم معنى فقدان السيطرة على جزء من أراضيهم وما يرافقه من دمار وخسائر بشرية، ولذلك يتعاطف كثيرون منهم مع الأوكرانيين الذين يقاتلون من أجل البقاء".
مشاركة أوكرانيا في 2003
وتابع السفير الاوكراني ان "مشاركة أوكرانيا في تحالف عام 2003 كانت قرارًا للقيادة الأوكرانية آنذاك، وبوصفي دبلوماسيًا لن أقدّم تقييمات بأثر رجعي لقرارات سياسية اتُّخذت قبل أكثر من 20 عامًا"، لافتا الى ان "ما يمكنني قوله هو أن الكتيبة الأوكرانية في العراق أدّت حصريًا مهام حفظ السلام والمهام الإنسانية وهي إعادة الإعمار، وإزالة الألغام، وتقديم المساعدة الطبية، وحماية المنشآت، ولم نشارك في عمليات قتالية ضد السكان العراقيين بل عمل جنودنا في
محافظة واسط للمساعدة في استعادة الحياة السلمية".
وبين ان "اوكرانيا والعراق اليوم دولتان ذاتا سيادة تبنيان علاقاتهما على أسس الاحترام المتبادل والمساواة والتعاون ذي المنفعة المشتركة، فكلا بلدينا مرّا بظروف قاسية ويعرفان ثمن الاستقلال والسيادة"، مشددا على "ضرورة التركيز ببناء مستقبل مشترك قائم على الثقة المتبادلة والتعاون".