السومرية نيوز /
ديالى
نجح العديد من المتسولين في مدينة
بعقوبة مركز
محافظة ديالى، في إضفاء اطر مستحدثة على عالم التسول، فملابس أنيقة، وكلمات مؤثرة، ووجه تظهر عليه علامات الخجل، كل ما يحتاجه المتسول الذي يطلق عليه "المتسول الأنيق"، حيث لا يقصد أحداً، إلا وأستحوذ على مشاعره بمظهره الجميل، ليعطيه ما يريد من مال، بحجة أنه أضاع نقوده ولا يريد إلا الرجوع لمنزله البعيد، محترماً.
ويُعد هذا الابتكار بطريقة التسول إستحداثاً لتجاوز الأساليب التقليدية التي أصبحت مفضوحة ومعروفة لدى الناس ولا تؤمّن مورد
مالي جيد للمتسولين.
ويقول سائق إحدى مركبات الأجرة في مدينة بعقوبة،
فؤاد جميل
العبيدي، في حديث لـ"
السومرية نيوز" إن "رجلاً في العقد الرابع من عمره يرتدي ملابس انيقة، طرق نافذة مركبتي وتحدث الي بصوت خافت قائلاً لي: أنه اضاع نقوده ويحتاج مبلغ 6 الاف دينار للعودة الى منزله في العاصمة
بغداد"، مشيراً إلى أن "الشك لم يبادرني ولو لوهلة بأنه متسول بسبب ثيابه الأنيقة وبادرت بإعطائه المبلغ".
ويضيف العبيدي أن "شاهدت نفس الرجل بعد أيام قليلة وهو يقترب من سائق مركبة خصوصي، وقد اعطاه مبلغا من المال بعد حديث قصير بينهما، ما دفعني للفضول وسؤال سائق المركبة عن الحديث الذي دار بينهما، وقد تفاجئت بأنها نفس العبارات التي طرقها على اذنيّ قبل اسبوع".
ويؤكد العبيدي أنه عرف حقيقة هذا الرجل الذي اسماه بـ"المتسول الانيق" فيما بعد وأدرك انه "يخدع الكثير من الناس في طريقه يوميا مستغلا مظهره الأنيق الذي لا يدعو للشك، وذرائع وهمية وعطف الناس ونخوتهم ليحصد مالا وفيراً من خلال طرق ملتوية".
من جانبه يقول الباحث الاجتماعي ظاهر اللهيبي في حديث لـ"السومرية نيوز" إن "التسول ظاهرة برزت بعد الاضطرابات الامنية التي مرت بها اغلب مناطق ديالى بعد عام 2003"، مبيناً أن "دراسة ملف التسول في بعقوبة تحديدا يظهر بان نسبة تصل الى 30% منهم هم من الغجر وخاصة النساء فيما يزيد عن 60% من اجمالي المتسولين الذين يصل عددهم الى اكثر من 120 متسولا هم من خارج المحافظة".
ويرى اللهيبي أن "المتسول الانيق ابعد العديد منهم عن الهواجس الامنية وخطورة الطرق والكلمات الجارحة التي يطلقها البعض عندما يجدوا المتسول وهو في كامل صحته لذا اصبحت مقصد الكثيرين وجميعهم في نهاية المطاف يستغلون نخوة الاهالي من اجل تحقيق مآرب مادية".
فيما يشير صاحب أحد المحال التجارية في بعقوبة، بدر
علي القيسي، إلى أن "هناك تطور لافت في عالم التسول وخاصة النساء اللائي يحاولن تغير نمط التسول واطر التقليدية من اجل كسب تعاطف الاهالي وهذا يمثل الخطوة الاولى في تأمين الحصول على المال".
ويؤكد
القيسي أن "إمرأة في منتصف العقد الثالث من عمرها زارت محلي وكانت ترتدي ملابس انيقة واستخدمت ذريعة أنها فقدت المال وتحتاج لمن يساعدها للعودة الى منزلها"، مبيناً أن "أحد أقاربي فاجئني حين أخبرني بان هذه المراة مخادعة وما تفعله هو اسلوب تسول جديد يعتمد الكذب والظهور بشكل أنيق لأقناع الناس".
ويشير القيسي إلى أن "المتسول الانيق بات يطرق ابواب اغلب المحال التجارية بينهم شبان ونساء وحتى مسنين والجميع يستخدم ذات الذريعة اضاعة النقود والبعض الآخر بات يستخدم ملفات طبية مزورة لكسب تعاطف الاهالي".
وكانت منظمات انسانية وقيادات حكومية في ديالى اكدت تنامي معدلات التسول في اغلب مدن المحافظة الرئيسية وخاصة بعقوبة بسبب ارتفاع معدلات البطالة والفقر الا انها اشارت الى ان بعقوبة باتت تستقطب الكثير من المتسولين من خارج المحافظة.
وتشهد مختلف مناطق البلاد ظاهرة انتشار عشرات المتسولين من كلا الجنسين وبجميع الأعمار عند مفترقات الطرق والتقاطعات الرئيسة والأسواق والمقاهي وقرب دور العبادة والمستشفيات، وأغلب حالات التسول يقمن بها نساء برفقتهن أطفال أو عاجزين.