السومرية نيوز/
صلاح الدين
في يوم مشمس، لكنه قارص البرد في ناحية يثرب ذات الطابع الريفي (76 كم جنوبي تكريت)، بدا الوضع هادئا، عندما كان مصطفى سمير، يريد أن يحذرنا، من أن دخول الناحية يعد "انتحاراً ومجازفة بالحياة، بعد انتشار الوباء فيها".
سمير ذو الـ(22) عاماً، يعرف الوباء جيداً، وما يمكن أن يمثله من خطر ليس بالنسبة له فقط وإنما أيضا لمن يأتون لزيارة أقاربهم أو يريدون مساعدة المصابين بالفيروس الخطير أو يريدون تسليط الضوء على المشكلة، ليلاحظون فوراً ارتفاع نسب الإصابة، فسكان يثرب طالهم الوباء بشكل جماعي، ولا تكاد عائلة هناك تسلم منه، ولهذا السبب اتخذ سمير قراراً ببيع منزله والانتقال لمنطقة أخرى "خوفاً على عائلته، خاصة بعد وفاة عدد من المصابين".
انتشار وباء الكبد الفيروسي الخطير في ناحية يثرب وتفشي العدوى بين سكانها، جعل دخول السليمين لها "مجازفة" ودفع من لم تطالهم العدوى هناك الى التفكير جدياً بترك المنطقة، خشية التقاط العدوى ومواجهة مصير قاسٍ، فهل ينذر هذا بوباء تصعب السيطرة عليه في الناحية التابعة لقضاء بلد؟
العادات العشائرية والخجل تعيق جهود العلاج
قبل ما يناهز العامين بدت ملامح انتشار الوباء في ناحية يثرب، لكنها تفاقمت مؤخراً، ويؤكد قائم مقام بلد مالك لفته في حديث لـ"
السومرية نيوز"، أن "وباء الكبد الفيروسي ينتشر بشكل غير مسبوق في ناحية يثرب"، موضحاً أن "الإحصائيات المتوفرة تؤكد وفاة 7 أشخاص وإصابة 400 بالوباء في صلاح الدين".
ورجح لفته "ارتفاع أعداد المصابين بالفيروس"، لافتاً الى أن "أغلب الذين خضعوا للفحص تم التأكد من إصابتهم بوباء الكبد الفيروسي نوع (C) الذي يعد من اخطر الأنواع".
ويقول مدير صحة صلاح الدين الدكتور
رائد الجبوري، إن "مواجهة انتشار الفيروس من قبل الجهات المختصة بحاجة لوعي ونشر ثقافة المراجعة للدوائر والمراكز الصحية بالنسبة للمصابين"، مبيناً أن "الكثير من العوائل المرضى تعده عيبا وتستحي منه، ولهذا يمتنع اغلب المصابين من التوجه إلى المراكز الصحية للكشف عليهم، والنتيجة كانت زيادة انتشار الوباء في المنطقة".
ويضيف
الجبوري في حديثه لـ"السومرية نيوز"، إن "المصابين بالكبد الفيروسي يجب أن يخضعون للحجر الصحي من اجل علاجهم ومنع انتشار المرض، لكن تقاليد المجتمع والعشائر وقلة الوعي، تمنع المصاب من التوجه الى
المؤسسات الصحية".
ويؤكد الجبوري "اتخاذ الإجراءات الطبية والوقائية اللازمة من قبل الجهات المختصة بالتعاون
وزارة الصحة، عن طريق توزيع فرق طبية وعمل مسح ميداني للمنطقة في قضاء بلد"، مبيناً أن "هذه الفرق اكتشفت وجود الوباء في هذه المناطق، وفرضت إجراءات إجبارية للأطباء في القضاء لفحص مراجعيهم قبل أجراء أي عملية جراحية و فحص مريض، من اجل ضمان عدم انتقال العدوى".
ممارسات خاطئة فاقمت حدة الوباء
ويشير الدكتور الجبوري الى أن "الفرق الصحية شخصت أسباب انتشار هذا الفيروس، وتبين أن أبرزها هو
اللجوء الى الحجامين غير المجازين صحياً لممارسة هذه المهنة، كونهم يستخدمون أدوات غير معقمة ولا يتبعون الطرق التعقيمية
الوقائية قبل إجراء الحجامة".
ويوضح أن "من بين الاسباب الأخرى هي عدم وجود أنظمة لتعقيم المياه في تلك المناطق، فضلا عن عدم تعقيم الأجهزة المستخدمة في قلع وحشو الأسنان في عيادات أطباء الاسنان المنتشرة في الناحية".
ويؤكد الجبوري أن "أغلب الحالات المصابة تتلقى اللقاحات اللازمة من قبل الفرق الطبية الجوالة، إلا أن المواطنين في تلك المناطق يفتقرون إلى الوعي الصحي، وهناك عوائل ومصابين يمتنعون من مراجعة لأخذ اللقاحات نتيجة المستحى".
الوباء موجود على مستوى اوسع في صلاح الدين
ويوضح أخصائي الباطنية والقلبية الدكتور
خير الله حبيب
العزاوي، أن "الوباء منتشر في
محافظة صلاح الدين وليس في قضاء بلد فقط، ولكن الذي اختلف هو نسبة الكشف عن الفيروس".
وبين أن "الفحوصات المكثفة أدت إلى الكشف عن حالات كثيرة من الإصابات بهذا الفيروس، لكن المرض بالواقع كان يتفشى في السابق"، لافتاً الى أن "فيروس الوباء ينتشر عن طريق اللعاب والاتصال الجنسي، ويزداد انتقاله بين أفراد العائلة الواحدة".
وأكد العزاوي اهمية "الالتزام باللقاح واتباع الإجراءات الوقائية والاهتمام بالصحة العامة، من أجل تجنب الاصابة بالفيروس".
وتتراوح فترة حضانة الالتهاب الكبدي (C) بين أسبوعين و6 أشهر، ولا تظهر على 80% تقريبا ممّن يصابون بعدوى المرض الأولية أي أعراض، في حين قد تظهر على المصابين بعدوى المرض الحادة أعراض الحمى والتعب وقلة الشهية والغثيان والتقيؤ وآلام في البطن والادرار الداكن اللون والبراز
الرمادي اللون وآلام في المفاصل واليرقان "اصفرار الجلد وبياض العينين".
يذكر أن الالتهاب الكبدي (C) مرض كبدي معدٍ ينجم عن الإصابة بعدوى فيروس الالتهاب الكبدي (C) ويمكن أن تتراوح شدة الإصابة به بين خفيفة تدوم لبضعة أسابيع وأخرى خطيرة تصاحب المريض مدى الحياة، وقد تؤدي الى حصول تليف بالكبد وحتى الوفاة.