بدأت التمثيل في مسرحية (كفاح في الجزائر) من تأليف الكاتب الراحل سميع رشودي، لقد كانت انطلاقتها الأولى التي قلبت الموازين في الوسط الفني في حينها لظهور ممثلة ممتازة من الكادر النسائي في
البصرة 1958 ، ثم انتقلت إلى
بغداد محطتها التي كانت تحلم بها وشاركت الفنان الكبير
سامي عبد الحميد بمسرحية (أنتيغونا)، ومثلت في الفيلم الوثائقي (عودة إلى الريف) من أخراج خالد
الزيدي 1960، وبعدها مثلت في الفيلم الوثائقي (عودة إلى البصرة) من اخراج محمد شكري جميل، ومن ثم قامت بدور رئيس في فيلم (الحارس) من اخراج الفنان الكبير خليل
شوقي، وفيلم (التجربة) 1977للمخرج
فؤاد التهامي . ان سليمة خضير الانسانة المشحونة بحب الناس والفنانة المعطاء حملت اوجاع شعبها في قلبها، وشاركت مآسيه ووقفت الى جانب الفقير لتجسد جوعه وعطشه وحرمانه من الحياة السعيدة.
كتبت للإذاعة مجموعة كبيرة من البرامج التمثيلية وقدمت مجموعة من السهرات الدرامية للتلفزيون، وفي حيث صحفي لها سابقاً تقول الفنانة القديرة سليمة خضير (أية سيدة عراقية تكتب.. أية امرأة تكتب ينظر عليها نظرة متخلفة)، ويذكر أن لفنانتنا القديرة العديد من الأعمال الأدبية.
فقد صدرت لها أول مجموعة قصصية بعنوان (ثورة الأعماق) 1964، وكذلك أصدرت روايتها الأولى تحت عنوان (نخيل وطننا) 1974. نالت
جائزة أفضل ممثلة مسرحية 1977 وشاركت في مهرجانات فنية عديدة في دمشق والقاهرة والجزائر. فأجادت تجسيدها على المسرح ونالت استحسان الجماهير والنقاد ومن المهتمين في الدراما العراقية في
العراق.
لقد شاركت القديرة سليمة خضير بجميع العروض المسرحية لهذه الفرقة ومن خلال ادوار رئيسة تليق بمقامها وسيرتها الفنية، وكانت ايضا قد شاركت في معظم عروض فرقة المسرح الفني الحديث والى جانب اكبر نجوم المسرح من العناصر النسوية منها زينب وناهدة الرماح وسعدية الزيدي وزكية
خليفة وابتسام فريد، واثبتت انها لا تقل حرفية عنهم ونجومية سجلت لمسيرتها الفنية النجاح المبهر في ادوار عديدة ومختلفة منها الام والزوجة المثالية المعاصرة والشعبية، متأثرة بمسرح ستانسلافسكي الواقعي، ومسرح برشت التعليمي، ومسرح ابسن صاحب التحديث والمعاصرة في المسرح الحديث، وهذا ما اثبته ادائها في مسرحيات الاشجار تموت واقفة، ومسرحية البيك والسائق، ومسرحية الحصار.
لقد مثلت في مسرحيات اخرجها كبار اساتذة الاخراج والتمثيل، وعملت على تجسيد ادوارها بمنتهى الحرفية المسرحية، فلقد اجادت دورها في مسرحية (الاشجار تموت واقفة)، واثبتت من خلال ادائها المتميز انها فارسة المسرح والتي تعطي للدور حقه ومن خلال خبرتها وثقافتها الاكاديمية، كانت تعمل على تحليل شخصية الدور، وايجاد ابعاده، وتجسد ثمار تحليلاتها من خلال عطائها المتميز، ولهذا اثبتت جدارة في المشهد الاخير من مسرحية الاشجار تموت واقفة، جدارة عزفت من خلالها اروع سمفونيات التألق والنجاح والنموذج الابداعي والذي امتزج مع تصفيق الجمهور والذي ابهره عطائها، وكذلك في مسرحية الثعلب والعنب والتي كانت لولب المحاورة المسرحية من خلال حوار اثارت فيه عنصر التشويق والاثارة، من خلال بناء متنامي ينسجم مع الاحساس الداخلي كرد فعل متساوي مع الافعال الخارجية، وبإحساس ينم عن ملكة الثقافة في التعامل مع الدور بأسلوب اكاديمي.
كانت تعتني بالصوت والالقاء، وتهتم بهما حالها حال الفنان المخرج المسرحي الكبير صلاح القصب الذي كان يشاركها بمسرحيات متعددة، حينما كانت تختلي مع نفسها خلف كواليس المسرح القومي لتقوم بتمارين تتدرب من خلالها على فنون تربية الصوت والالقاء الاكاديمي. ولهذا كانت تتعامل مع صوتها في التمثيل وهي على خشبة المسرح تعاملا اكاديميا بحيث تحاول بان تصل بصوتها الى اخر فرد من الجماهير والجالس على اخر كرسي في القاعة، مؤمنة بان توصيل الكلام الى الجمهور هي عملية صعبة الا انها من خلال تمارينها اليومية عملت على انجاح هذه المقومات الفنية والتي يجب ان تتوفر في الممثل الناجح من تربية الصوت والالقاء.
ان الفنانة سليمة خضير صريحة اللسان، ولا تجامل على حساب كرامتها ومسيرتها الفنية ولهذا نجحت في مسيرتها المسرحية، فهي ترفض التعامل مع نص لا يخدم طموحها الفني، وكذلك ترفض دورا تراه لا يتناسب مع ما قدمته من الادوار التي حافظت على نجوميتها.
إضافة الى كل ذلك كانت تتأكد من النجوم والذين سيشاركونها العمل ومن ثم تعطي قرارها بالموافقة على المشاركة، لقد مثلت هذه الفنانة المتألقة في الاذاعة معي، ومن خلال برامجي الزراعية، فكانت تجيد اللهجة الريفية وتعطي حقها للمتلقي الكريم، وكذالك في التلفزيون والسينما والمسرح، واصبح لها رصيدا من الاعمال تشهد لها على تالقها ونجاحها في جميع ادوارها، ولهذا هي تحتار في اجابتها فيما سئلت عن مفاضلتها بينهم، فتجيبك وبابتسامة تعلوها حنان واشتياق، جميعهم اولادي.
والذي شاهد سليمة خضير على المسرح ومشاركاتها المسرحية، ولا سيما في مسرحية البيك والسائق ايقونة
المسرح العراقي اعداد الكبير
قاسم محمد ومن اخراج الكبير ابراهيم جلال، لقد جسدت شخصيتها المسرحية في منتهى التألق والابداع، وهي تطبق حركات ابراهيم جلال الجريئة. ولقد جاء نجاحها هذا في هذا العرض لكونها كانت مفعمة بحب مسرح الالماني برتولد برشت، ومؤمنة بمدرسته المسرح الملحمي، ولهذا في ادائها لم تكن سوى نجمة لامعة اجتازت كبار نجمات المسرح العالمي.
وبسبب تقدمها في العمر ، وسنوات الغربة ، ووفاة ابنها الوحيد (وسام) في حادث سيارة في
سوريا عام 2011 الذي كان مصابا جللا اثر فيها بعد ان فقدت فلذة كبدها.