وأوضح السواد أن روايته تسعى إلى مقاربة ما شهده
المجتمع العراقي من تحولات وإرهاصات، منذ حقبة الديكتاتورية وصولاً إلى الزمن الراهن، ولكن من منظور غير تقليدي، يتمثل في عالم المجانين ونزلاء مستشفى الأمراض النفسية المعروف بـ"الشماعية".
وبيّن أن الرواية تروي قصة فتاة ذات أصول أميركية؛ أمها عراقية وأبوها أميركي،
نشأت في طفولتها على الحكايات والأساطير التي كانت ترويها لها والدتها، مثل "
ألف ليلة وليلة" و"كلكامش".
وبعد وفاة الأم والفتاة في سن التاسعة، تكبر الابنة وتدرس علم النفس، ثم تعمل لاحقاً في معالجة الجنود الأميركيين العائدين من
العراق. ومن خلال ما تسمعه منهم من تجارب وقصص، تدخل في حالة من الارتباك الفكري، متسائلة عمّا إذا كانت حكايات أمها مجرد خيال أم أنها تخفي حقيقة أعمق.
ومن هنا تقرر السفر إلى العراق، حيث تختار دراسة حالة مريض نفسي عراقي ليكون مدخلاً لفهم الحكاية العراقية من الداخل، ليغدو
مستشفى الرشاد التعليمي للأمراض النفسية مسرحاً محورياً لأحداث الرواية.
ومن خلال هذا
الفضاء السردي، يسعى السواد إلى التأكيد على أن المجتمع العراقي في جوهره مجتمع متوازن وعاقل، وأن ما لحق به من خراب وفوضى هو نتيجة الظروف القاسية التي مرّ بها، وليس تعبيراً عن جنون متأصل في أبنائه.
ويرى السواد أن الفرد العراقي يعيش حالة من التناقض الحاد في مشاعره، إذ قد يتشاجر مع شخص ما، ثم لا يلبث أن يمد له يد العون بعد وقت قصير، في سلوك يبدو غير مألوف، لكنه يعكس ما يسميه الكاتب "الجنون النبيل"، الذي يكشف عن طبيعة خاصة للعلاقات الاجتماعية في العراق.
وأشار السواد إلى أن كتابة الرواية استغرقت نحو عشر سنوات، موضحاً أنه آثر التريث حتى يخرج العمل بالصورة التي تليق به، لاسيما أنه يتناول موضوعاً حساساً يتعلق بصورة المجتمع العراقي، الذي قد يصفه البعض بالشعب المجنون أو فاقد الأهلية، في حين يراه السواد مجتمعاً كريماً ومعطاءً. كما شدد على أن جميع شخصيات الرواية متخيّلة ولا تمت إلى الواقع بصلة مباشرة.
وتوقف السواد عند تجربته في النشر، مشيداً بحضور دار سطور في المشهد الثقافي، ومبيناً أنه تعاقد معها في مرحلة أولى على طباعة ألف نسخة، على أن تشارك الرواية في المعارض المحلية والدولية، فضلاً عن المسابقات الأدبية التي تتيح لها فرصاً أوسع للوصول إلى قرّاء جدد.
وعن إحساسه خلال حفل التوقيع، وصف السواد تلك اللحظات بأنها تشبه مشاعر من يستعد للزواج، ممزوجة بالترقب والقلق لما بعد الحدث. وأكد أنه شعر في ذلك اليوم وكأنه يملك الدنيا، خاصة مع حضور والدته الحفل، مستحضراً في الوقت ذاته غياب والده الذي توفي قبل أن يشهد هذه اللحظة. واعتبر أن ذروة سعادته تمثلت في تقديم ثمرة جهده إلى والدته، وأن يراها تنظر إليه بعين مختلفة وهو يضع بين يديها كتابه الجديد، في لحظة وصفها بأنها حصاد سنوات طويلة من العمل والانتظار.
وأشاد أدباء ونقاد فنيون قرأوا الرواية بطابعها السلس ولغتها القريبة من المتلقي، مؤكدين أنها تتمتع بروح إنسانية صادقة تجعل القارئ يشعر وكأنه جزء من أحداثها وداخل عالمها. وأشاروا إلى أن الرواية سلطت الضوء على معاناة العراقيين في مراحل سابقة، وجسدت روح المواساة والألم المشترك بصدق وعمق.
وأكد الأدباء أن الرواية نابعة من مشاعر حقيقية، وأن صدق التجربة جعلها قادرة على النفاذ إلى نفوس القرّاء، لما تتسم به من بساطة ووضوح يصلان إلى مختلف شرائح المجتمع، من المثقفين إلى المواطنين البسطاء، لأنها تعني الجميع دون استثناء.
وأضافوا أن الرواية قابلة لإعادة القراءة أكثر من مرة، إذ يجد القارئ في كل مرة متعة جديدة، وكأنه يطالعها للمرة الأولى، لما تحمله من طبقات دلالية وإنسانية متعددة.