هذه الأسئلة ليست خيالية، بل هي واقع يومي يعيشه من يفكر في اقتناء سيارة كهربائية بالعاصمة العراقية. فهي ليست مجرد نزوة تكنولوجية، بل مشروع حياة تحتاج فيه التوقيت والدعم والبنية التحتية لتكون قوية وموثوقة مثل محرك الاحتراق.
الواقع المتحوّل: مؤشرات واعدة لكنها ليست كافية
نمت مبيعات السيارات الكهربائية في
العراق بنسبة 41.6 بالمئة خلال الربع الأول من ٢٠٢٥، لتصل إلى حوالي 3 بالمئة من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة.
شركة BMW Al-Uroush وسعت شبكة الشحن العامة إلى 41 شاحنًا منتشرة في 16 موقعًا داخل العراق، منها عدة مواقع في
بغداد مثل بغداد مول، والسيدية.
في
إقليم كردستان، أنشأت محطات شحن تعمل بالطاقة الشمسية، تسمح بعملية شحن سريع في حوالي ساعتين مقارنةً بعمليات الشحن المنزلي التي تستغرق حوالي 10 ساعات في بعض الأماكن.
التحديات اليومية: قصص من أرض الواقع
في بغداد، يمتلك أحمد سيارة كهربائية استوردها قبل أشهر. عند البحث عن شاحن عام، وجد أن أقرب محطة للشحن السريع تبعد عشرات الكيلومترات، وهو ما يجعله يعتمد غالبًا على شحن المنزل ليلاً، مع تذبذب في التيار الكهربائي يقلّل من سرعة الشحن.
سائق آخر في "أم
العظم" أعرب عن استيائه لأن الشاحن المعلن عنه أمام المول التجار
ي سرعان ما يكون مشغولًا أو في بعض الأحيان خارج الخدمة.
الإيجابيات البارزة
من الطبيعي القول ان للسيارات الكهربائية مجموعة من الايجابيات التي تنعكس على الحياة اليومية للمستهلك ومنها:
- انخفاض تكاليف التشغيل مقارنة بالبنزين: الكهرباء أرخص، وصيانة المحرك مكلفة.
- راحة التجربة: صمت المحرك، عزم فوري من السكون، تجربة قيادة سلسة داخل المدينة.
- دعم مؤسسات محلية مثل BMW Al-Uroush التي بدأت تبني البنية التحتية وتضع محطات شحن عامة، خطوةٌ تساعد على كسر الحاجز النفسي والتقني أمام المستخدمين.
النقد الموضوعي: ما الذي لا يزال يحتاج إلى إصلاح؟
لن يتم الانتقال الى الكهرباء بشكل عملي بين ليلة وضحاها لأن الأمر بحاجة الى اصلاح العديد من الأمور:
- البنية التحتية غير متوازنة: المحطات العامة قليلة، بعضها غير سريع أو في أماكن غير مناسبة، وهذا يسبب قلق المدى للمالكين.
- انقطاع الكهرباء وفترات التجديد الطويلة تؤثر على فعالية الشحن المنزلي، خصوصًا في فصل الصيف حين الحاجة تكون ماسة.
- التكلفة التأسيسية للسيارة الكهربائية عالية جدًا مقارنة بالسيارات التقليدية أو سيارات الوقود المعياري باستثناء بعض العروض المستوردة، وهذا يجعل خيارها متاحًا لفئة محدودة.
- قلة مراكز الصيانة المعتمدة وقطع الغيار الأصلية التي تتعامل مع أنظمة البطارية وإدارة الطاقة، مما يزيد المخاطر على المدى المتوسط والبعيد.
الخلاصة: كيف يمكن أن يصبح اقتناء سيارة كهربائية في بغداد خيارًا ذكيًا فعلًا؟
لكي تتحول السيارات الكهربائية في بغداد من فكرة مستقبلية إلى أمر يعيشه الناس يوميًا، من الضروري توفر هذه العناصر:
- شبكة شحن عامة قوية وسريعة في المواقع الحيوية (مراكز التسوق، المستشفيات، الطرق السريعة).
- سياسات تحفيزية مثل تخفيض
الجمارك، الإعفاء الضريبي، أو دعم الكهرباء لمن يشحن منزليًا.
- ضمانات من وكلاء رسميين على البطاريات وخدمات ما بعد البيع.
- أن يكون الشحن المنزلي مع دعم كهربائي مستقر وتوصيل طاقة كافٍ لتجنب الضغط على المحولات عند ذروة الحرارة.
إذا تحقق هذا، ستصبح السيارات الكهربائية في بغداد خيارًا عمليًا ومستدامًا، لا مجرد ترف أو مجازفة للشغوفين، وسيبدأ مستقبل النقل النظيف يأخذ شكله الحقيقي في الشوارع المليئة بالضجيج، بحياة صباحية جديدة تنبض بالهدوء والكهرباء، لا التلوث والدخان.