وفي مطلع العام 2020، وعقب فشل اجتماع منظمة "أوبك" ومعها دول من خارج أوبك في الاتفاق على تقليص الإنتاج للسيطرة على الأسعار بسبب عدم موافقة
روسيا على التخفيض، قامت
السعودية بطرح زيادة في كميات النفط المصدّر، وردّت روسيا بالمقابل بتخفيض أسعار النفط ممّا أدى إلى انخفاض حاد في أسعار النفط وإلى تأثر الدول التي تعتمد على النفط بصورة أساسية في اقتصادها، لاسيّما
العراق، كونه حدّد الميزانية
العامة للدولة استنادا إلى سعر مثبت للنفط أعلى من الأسعار التي سادت بعد الانخفاض وكونه عضوا في منظمة أوبك المصدرة للنفط.
ولم يتوقف هذا التدهور عند هذا الحد، بحسب تقرير بحث في تفاصيل الاقتصاد العراقي، بل كان لجائحة
فيروس كورونا الأثر البالغ في إنخفاض آخر نتيجة لنقص في الطلب على النفط في السوق وزيادة هائلة في العرض، مما عّرض العراق إلى إنتكاسة أخرى، وليصبح بين المطرقة والسندان.
وفي معرض حديثه في التقرير بظل المتغيرات السريعة والحاصلة في أسواق النفط العالمية، وفي ظل انتشار جائحة
كورونا، قال مستشار
رئيس الوزراء السابق، مظهر صالح "يشهد العالم اليوم تأرجحا خطيرا في أسعار النفط العالمية وإنخفاضا ملحوظا في أسعاره، حيث تسبّب هذا الإنخفاض الهائل في خسائر فادحة للإقتصاد العراقي، وفتح الباب مُشرعاً لضرورة إيجاد بدائل ناجعة تساهم في ديمومة الإقتصاد العراقي تقف إلى جانب النفط، مع حتمية تنويع مصادر الدخل في إقتصاد العراق".
وأضاف أن "العراق يعتمد على النفط الخام الذي يشكل المورد الرئيسي لموازنة الدولة. أما الصعود في استثمار الغاز العراقي محلياً وبناء الصناعات المختلفة عليه يمكن أن يساهم في حل مشكلة البطالة وخلق فرص عمل يمكن أن تستقطب أعدادا لا يستهان بها من الفئة الشبابية، إضافة إلى ما يمكن تصديره من هذا الغاز ومنتجات الصناعة المنبثقة عنه".
وعلى صعيد متصل، أوضح خبير الطاقة والمستشار السابق في وكالة
الطاقة الدولية، مصطفى
عبد الحسين قائلا، "أود أن أركز هنا، وبالرغم من أن العراق من الدول النفطية الهامة في الأسواق العالمية، أن قليل منا لا يعرف إن احتياطي العراق من الغاز يتجاوز 3.5 تريليون متر مكعب، حيث يشكل الغاز المصاحب للإنتاج النفطي نسبة 70 بالمائة منه، ويمثل الباقي مخزونات الغاز الحر وغاز القبة"، معتبراً أن "هذا المخزون الغازي يمكن استثماره بشكل عاجل والاعتماد عليه، لاسيّما أنه ينتشر في محافظات عراقية عديدة، ويمكن التعجيل بعمليات تطوير الحقول الغازية مع الاستمرار في استكشاف المناطق غير المنتجة، كل ذلك إضافةً إلى التعجيل في المشاريع التي تهدف إلى التخلص من حرق الغاز".
ونقل التقرير عن عارف محمد رفيق عارف، المدير الإقليمي في شركة نفط
الهلال، قوله إن "الغاز في العراق من المصادر الطبيعية المهمة التي من الضروري استثمارها بشكل عاجل ومن اللازم فتح آفاقٍ جديدة لذلك الهدف مع تعزيز الرؤية الإستثمارية في هذا القطاع، فالبيئة الاستثمارية لا تزال ضعيفة جداً من النواحي القانونية والإجرائية والمستثمر يعاني من قيود هائلة وعراقيل كثيرة"، مشدداً بالقول "هنا يجب أن أنوه إلى أن تحسين البيئة الاستثمارية يؤدي إلى النهوض بالصناعات المرتبطة بالغاز مما يمكن أن يوّفر فرصاً إقتصادية للعراق لتنويع مصادر الدخل كما يساهم في امتصاص مشكلة البطالة من خلال توفير فرص عمل للقوة البشرية العراقية في تلك الصناعات".
الى ذلك، أوضح أحمد علي شنشول، الأستاذ في
جامعة البصرة قائلاً، إن "للصناعة المرتبطة بالطاقة وبالغاز بصورة أساسية دور مهم في تعزيز مستقبل العراق الإقتصادي وفتح أبواب جديدة في تنويع مصادر الدخل، سواءً كانت صناعة البتروكيمياويات والبلاستك أو الصناعات المعدنية والإنشائية خاصةً إذا ما عرفنا أن في أرض العراق الكثير من المواد الأولية، والمعادن، كالرمل الزجاجي، وأطيان السيراميك والحديد والفوسفات والكبريت وخامات الألومنيوم"، مشيراً الى أن "هذه ثروات اقتصادية هائلة لا بد من استثمارها كي تكون جزءا ًمن التركيب الكلي للدخل العراقي، مما يساهم في تقليل اعتماد العراق على النفط وتعزيز دور القطاع الصناعي في العراق".
ويمتلك العراق مخزوناً مؤكداً من الغاز يقدر بما يقارب 120 تريليون قدم مكعب، ليضعهُ في المركز الخامس عربياً والحادي عشر عالمياً، أي بحدود 1.9% من المخزون العالمي، لكن الرقم الممكن توقعه أكبر من ذلك وقد يصل الى 280 تريليون قدم مكعب مما يؤهلهُ لإحتلال المركز الخامس عالمياً مع تصاعد الإنتاج النفطي.