ما هي
أونا أويل؟
شركة "أونا أويل" هي شركة استشارية نفطية مقرها في
موناكو، تولّت خلال فترة ما بعد 2003 تسهيل حصول شركات عالمية على عقود ضخمة في قطاع الطاقة العراقي مقابل رشاوى لمسؤولين عراقيين، بحسب ما كشفته تحقيقات صحفية دولية بدأت منذ عام 2016، وفي مقدمتها تقارير لموقع "فيرفاكس ميديا"
الأسترالي بالتعاون مع صحيفة هافينغتون بوست".
وأشارت الوثائق إلى أن الشركة دفعت عشرات ملايين الدولارات لمسؤولين عراقيين مقابل منح عقود توريد وتركيب محطات نفطية واستيراد تجهيزات في
البصرة وميسان وغيرها، خلال فترة الحكومات الانتقالية والوزارات النفطية السابقة.
أين وصلت التحقيقات؟
رغم أن
السلطات القضائية في
بريطانيا وأستراليا وحتى
الولايات المتحدة فتحت تحقيقات فعلية مع مسؤولين في "أونا أويل" وبعض المدراء التنفيذيين، وأُدين بعضهم بالفعل بتهم الرشوة والاحتيال، فإن المسار العراقي للتحقيق بقي بطيئاً وغامضاً.
فقد أعلن
مجلس النواب السابق عن فتح لجنة تحقيقية حول القضية في 2016 ثم في 2018، وتكررت الدعوات خلال دورتي البرلمان الثالثة والرابعة، دون أن تصل اللجنة إلى نتائج نهائية أو تقدم أسماء متورطين عراقيين بشكل رسمي للادعاء العام أو القضاء.
وفي 2019، كشفت
هيئة النزاهة العراقية عن بدء تحقيق أولي بالملف، وأعلنت تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة وثائق "أونا أويل"، لكن لم يُكشف عن أي توصيات أو نتائج رسمية، وتم بعد ذلك تجميد الحديث عن الملف بالكامل، ما اعتبره مختصون في الشأن الرقابي "تسويفاً سياسياً واضحاً لحماية متورطين ذوي نفوذ".
لماذا تم التسويف وغلق الملف؟
عدة عوامل ساهمت في تعطيل ملف "أونا أويل"، بحسب مصادر نيابية وقانونية أبرزها:
-تورط شخصيات سياسية بارزة في العقود التي رافقت عمل "أونا أويل"، ما جعل بعض الأطراف تسعى لحماية هذه الأسماء ومنع كشفها للرأي العام.
-ضغوط سياسية داخل اللجان النيابية، حالت دون الاستمرار في التحقيقات.
-غياب الإرادة السياسية الجادة لمحاسبة المتورطين في ملف يتقاطع مع مصالح قوى حزبية ونفطية نافذة.
-عدم تعاون بعض الجهات الحكومية المعنية مثل
وزارة النفط السابقة وشركات
نفط الجنوب، مع فرق النزاهة.
كما أن تغيّر الحكومات وتبدل الأولويات الأمنية والسياسية ساهم في نسيان الملف، حتى بات أقرب إلى "القضية المنسية" رغم أن دولاً أخرى حاكمت أشخاصاً على خلفيته.
هل يُعاد فتح التحقيق؟
ووفقاً لمصادر برلمانية مطلعة فإن "هناك تحركات برلمانية جديدة داخل
لجنة النزاهة النيابية في الدورة الحالية، تهدف إلى إعادة فتح ملف "أونا أويل"، خصوصاً بعد تصاعد المطالبات الشعبية والرقابية بفتح الملفات المؤجلة".
وتحدث أحد أعضاء اللجنة – رفض الكشف عن اسمه – عن وجود نية لإرسال طلب رسمي إلى
هيئة النزاهة لبيان مصير التحقيقات، والاطلاع على ما تم إنجازه، مشيراً إلى أن "اللجنة ستسعى لفتح الملف من جديد، وتقديم تقرير مفصل إلى رئاسة البرلمان خلال الدورة التشريعية الحالية".
من جهتها، لم تصدر هيئة النزاهة بياناً رسمياً بشأن إعادة فتح التحقيق حتى الآن، لكن المتحدثين باسم الهيئة أكدوا في أكثر من مناسبة أن "كل ملف لم يُغلق قضائياً يمكن إعادته للتحقيق، في حال توفر أدلة أو معطيات جديدة".
ويبقى ملف "أونا أويل" واحداً من أكثر القضايا التي عكست حجم التغلغل الدولي في ملفات الفساد العراقي، وتورط شخصيات نافذة في شبكات رشاوى منظمة، إلا أن التسويف والإهمال الداخلي حوّله من ملف ساخن إلى ملف مهمل.
اليوم، ومع تعهدات الحكومة الحالية بمحاربة الفساد وإعادة الاعتبار للرقابة، يُتوقع أن يكون هذا الملف اختباراً حقيقياً لقدرة البرلمان وهيئة النزاهة على استعادة الثقة ومحاسبة من استغلوا المال العام لمصالحهم الشخصية، أو طمسوا الحقائق لحماية الفاسدين.