تقلبات مستمرة رغم الإجراءات
وعلى الرغم من الإجراءات التي اتخذها
البنك المركزي العراقي خلال الفترة الماضية، فإن سعر الدولار ما زال يشهد تغيرات شبه يومية في السوق الموازية، في وقت تؤكد فيه الجهات الرسمية أن السعر الرسمي مستقر، وأن الاحتياطيات النقدية في وضع آمن.
ويرى خبراء اقتصاديون أن "هذا التباين بين السعر الرسمي وسعر السوق يعود إلى عوامل مركبة داخلية وخارجية، وليس إلى سبب واحد فقط".
خبراء: السوق ما زالت تتأثر بعوامل نفسية
ويقول الخبير الاقتصادي
نبيل المرسومي إن "الدولار في
العراق لا يتحرك وفق المؤشرات الاقتصادية فقط، بل يتأثر بعوامل نفسية ومضاربات السوق، فضلاً عن الشائعات التي تلعب دوراً كبيراً في رفع الطلب غير الحقيقي على العملة".
ويضيف أن "أي حديث عن قرارات أو تغييرات في آلية بيع الدولار ينعكس فوراً على السوق، حتى وإن لم يكن له أساس فعلي".
التحويلات والامتثال المصرفي
من جهته، يوضح المستشار المالي لرئيس الوزراء
مظهر محمد صالح أن "العراق يمر بمرحلة انتقالية في النظام المالي، بعد اعتماد آليات جديدة للتحويلات الخارجية والامتثال للمعايير الدولية".
وأشار إلى أن "تشديد إجراءات التحويل، رغم أهميته في مكافحة غسل الأموال، أدى إلى تقليص المعروض من الدولار في السوق لفترات مؤقتة، ما خلق ضغطاً على السعر"، لافتا الى ان "هذه المرحلة مؤقتة، ومع اكتمال تأقلم المصارف والتجار مع النظام الجديد، ستنخفض حدة التقلبات".
ويجمع محللون على أن البنك المركزي ما زال يمتلك أدوات قوية للتدخل، أبرزها بيع الدولار عبر المنصة الرسمية وتعزيز الاحتياطي النقدي وضبط المصارف وشركات الصرافة المخالفة.
ويرى الخبير الاقتصادي
عبد الرحمن المشهداني أن "استقرار الدولار مرهون بقدرة البنك المركزي على الاستمرار في ضخ العملة الأجنبية، بالتوازي مع ضبط الطلب الوهمي والمضاربات".
متى يتحقق الاستقرار؟
وبحسب تقديرات خبراء الاقتصاد، فإن الاستقرار الكامل لسعر الدولار في العراق لن يكون فورياً، بل يحتاج إلى استقرار آلية التحويلات الخارجية بشكل نهائي والتزام المصارف بالمعايير الدولية دون تعطيل السوق وتقليص الفجوة بين السعر الرسمي والموازي إضافة الى تهدئة المخاوف النفسية لدى المواطنين والتجار".
ويشير الخبراء إلى أن "الاستقرار النسبي قد يتحقق خلال الأشهر المقبلة إذا لم تطرأ مستجدات سياسية أو اقتصادية مفاجئة"، مؤكدين أن "المقصود بالاستقرار هو انخفاض حدة التذبذب وليس تثبيت السعر بشكل مطلق".
انعكاسات مباشرة على المواطن
ويحذر مختصون من أن استمرار تذبذب الدولار ينعكس بشكل مباشر على أسعار المواد الغذائية وكلفة الاستيراد والقدرة الشرائية للمواطن"، مؤكدين أن "أي استقرار في سعر الصرف سينعكس إيجاباً على السوق والأسعار، ويخفف من الضغوط المعيشية".
وبين الارتفاع والانخفاض، يبقى الدولار في العراق رهينة توازن دقيق بين السياسة النقدية، والإجراءات المصرفية، والعامل النفسي للسوق.
ويرى الخبراء أن الطريق إلى الاستقرار بات أوضح من السابق، لكنه يحتاج إلى وقت، وانضباط مصرفي، وثقة عامة، حتى يعود الدولار إلى مستويات أكثر استقراراً واستدامة.