Alsumaria Tv

أمواج خور عبد الله بين قرارين متناقضين

2025-07-23 | 02:37
Alsumaria Tv https://www.alsumaria.tv/author-details/69/حيدر-الشمري
أمواج خور عبد الله بين قرارين متناقضين

فائق زيدان
23 تموز 2025

تُعَدّ اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله، المُبرَمة في ٢٠١٢/٤/٢٩ بين جمهورية العراق ودولة الكويت، معالجة فنية وإدارية لآثار جريمة غزو الدكتاتور صدام حسين للكويت عام ١٩٩٠ وما ترتب عليها من ترسيم الحدود بموجب قرار مجلس الأمن رقم (٨٣٣) لسنة ١٩٩٣؛ إذ أكّدت مادتها السادسة أن الاتفاقية “لا تؤثر على الحدود بين الطرفين في خور عبد الله المقررة بموجب قرار مجلس الأمن رقم (٨٣٣) لسنة ١٩٩٣”.


صادق مجلس الوزراء العراقي على مشروع قانون التصديق في ٢٠١٢/١١/١٢، وأقرّه مجلس النواب بالأغلبية البسيطة بموجب القانون رقم (٤٢) لسنة ٢٠١٣، ثم نُشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (٤٢٩٩) بتاريخ ٢٠١٣/١١/٢٥. وقد أُودعت وثائق التصديق لدى الأمم المتحدة، وأُرسلت نسخة منها إلى المنظمة البحرية الدولية، فدخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ وأصبحت مُلزِمة استنادًا إلى قاعدة pacta sunt servanda، وهي من المبادئ الأساسية في القانون الدولي، وتعني حرفيًّا “يجب احترام المعاهدات” أو “يجب الوفاء بالالتزامات”. وفي الوقت ذاته، استُكملت إجراءات التصديق في مجلس الأمة الكويتي.

عندما طُعن بعدم دستورية قانون التصديق، أصدرت المحكمة الاتحادية، قرارها المرقم (٢١/اتحادية/٢٠١٤) بتاريخ ٢٠١٤/١٢/١٨، فميّزت بين قانون تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات، الذي يتطلّب أغلبية الثلثين بموجب المادة (٦١/رابعًا) من الدستور، وبين قانون التصديق على اتفاقية معيّنة، الذي يُقر بالأغلبية البسيطة وفقًا للمادة (٥٩/ثانيًا). وقررت المحكمة ردّ الدعوى لعدم استنادها إلى أساس دستوري أو قانوني، وبذلك ثبّتت شرعية الاتفاقية داخليًا، وحمتها من أي طعن لاحق، مانحةً الحكم قوة الأمر المقضي بمقتضى المادة (١٠٥) من قانون الإثبات، التي تُضفي على الأحكام الباتّة حجّيّةً فيما فصلت فيه من حقوق، ما دام الخصوم والموضوع والسبب لم يتغيروا.

بقي هذا الموقف مستقرًّا إلى أن نظرت المحكمة الاتحادية، في الدعويين الموحدتين المرقمتين (١٠٥/وموحدتها ١٩٤/اتحادية/٢٠٢٣) في ٢٠٢٣/٠٩/٠٤، قضت المحكمة بعدم دستورية القانون رقم (٤٢) لسنة ٢٠١٣ وعدلت عن قرارها السابق (٢١/اتحادية/٢٠١٤)، مستندةً إلى وجوب التصويت بأغلبية الثلثين، وإلى المادة (٤٥) من نظامها الداخلي التي تُجيز لها العدول كلّما اقتضت المصلحة الدستورية والعامة.

وإذا ما اعتُمد شرط (أغلبية الثلثين) الذي تبنّاه القرار الثاني في سنة ٢٠٢٣، فإن ذلك ينسحب تلقائيًا على أكثر من (٤٠٠ اتفاقية) صُدّق عليها سابقًا (بالأغلبية البسيطة)، فتُعتبر جميعها باطلة لعدم استيفائها النصاب الجديد. ما يعني عمليًا نسف منظومة الاتفاقيات الدولية التي أبرمها العراق خلال العقدين الماضيين. كما ألغى القرار استقرار المراكز القانونية الناشئة عن اتفاق دولي مودَع لدى الأمم المتحدة، مما يُرتّب مسؤولية دولية محتملة على العراق.

ويُعدّ العدول في التشريع العراقي أداة استثنائية تُمارَس بدقّة متناهية، إذ حصرها المشرّع في المادة (١٣/أولًا/١) من قانون التنظيم القضائي بالهيئة العامة لمحكمة التمييز الاتحادية وحدها، دون سائر المحاكم، وبشروط جوهرية، هي (أن يرد العدول على مبدأ قضائي مجرّد لا على حكم قطعي، وأن يُحال الملف من إحدى الهيئات التمييزية إلى الهيئة العامة، وأن يصدر قرار معلّل يُبيّن الحاجة الملحّة)، مع عدم المساس بالمراكز القانونية والحقوق المكتسبة. هذا التقييد يحافظ على استقرار التعاملات ويحمي مبدأ حجّيّة الأحكام المنصوص عليه في المادة (١٠٥) من قانون الإثبات، ويمنع أي سلطة قضائية من تبديل النتائج النهائية للنزاعات تحت ذريعة الإصلاح أو التطوّر.

ورغم خلوّ الدستور وقانون المحكمة الاتحادية من أي نص يُخوّل هذه المحكمة صلاحية العدول، أدرجت المحكمة في نظامها الداخلي نصًّا موضوعيًا هو المادة (٤٥)، يُجيز لها أن “تعدل عن مبدأ سابق… كلما اقتضت المصلحة الدستورية والعامة”، وهو إدراج يتجاوز الطبيعة الإجرائية للأنظمة الداخلية، ويخالف مبدأ تدرج القواعد القانونية؛ إذ إن النظام الداخلي أدنى مرتبة من القانون، ولا يصلح لتوسيع الاختصاصات. والأخطر من ذلك أن المحكمة، في قرارها المؤرخ ٢٠٢٣/٠٩/٠٤، لم تتراجع عن مبدأ، بل نقضت حكمها القطعي الصادر في ٢٠١٤/١٢/١٨ بشأن اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله، ووصفت النقض بالعدول، مع أن المادة (٤٥) نفسها تنص على أن العدول يرد على “المبدأ” لا على "الحكم". بهذا التصرف، تجاوزت المحكمة حجّيّة الأمر المقضي فيه، وأحدثت فراغًا تشريعيًا واضطرابًا دبلوماسيًا، لأن الحكم الملغى كان يؤسس لالتزام معاهدي مودَع لدى الأمم المتحدة.

وعليه، فإن أي قرار يُطلق عليه “عدول” خارج هذه الضوابط، وخصوصًا إذا مسّ حكمًا نهائيًا أو صدر عن جهة لا تملك الاختصاص، يُعدّ لغوًا قانونيًا لا يُعتدّ به، ويُلحق ضررًا مباشرًا بمبدأ سيادة القانون وبثقة المتقاضين.

يتبيّن من هذا المسار أن القرار الأول في سنة ٢٠١٤ اتّسم بالانسجام مع النصوص الدستورية وقواعد القانون الدولي، فحقّق اليقين القانوني داخليًا وخارجيًا، بينما افتقر القرار الثاني في سنة ٢٠٢٣ إلى الأساس الدستوري والقانوني، وأثار تداعيات قانونية ودولية لا يُستهان بها.
+A
-A
facebook
Twitter
Whatsapp
Messenger
telegram
Alsumaria Tv
أحدث الحلقات
ناس وناس
Play
شارع الجمهورية بغداد - ناس وناس م٨ - الحلقة ٧٧ | الموسم 8
05:00 | 2025-07-23
Play
شارع الجمهورية بغداد - ناس وناس م٨ - الحلقة ٧٧ | الموسم 8
05:00 | 2025-07-23
كان يا مكان
Play
الله قادر على كشف الحقيقة - كان يا ما كان م٣ - الحلقة ١٦ | الموسم 3
17:00 | 2025-07-22
Play
الله قادر على كشف الحقيقة - كان يا ما كان م٣ - الحلقة ١٦ | الموسم 3
17:00 | 2025-07-22
52 دقيقة
Play
طريق العودة… بين الجرعة والإدمـ.ان - 52 دقيقة م٧ - حلقة ١٢ | الموسم 7
16:00 | 2025-07-22
Play
طريق العودة… بين الجرعة والإدمـ.ان - 52 دقيقة م٧ - حلقة ١٢ | الموسم 7
16:00 | 2025-07-22
من الأخير
Play
حــ.رب مبكرة.. والكوت تحرق الأوراق - من الأخير م٢ - حلقة ٣٦ | الموسم 2
14:00 | 2025-07-22
Play
حــ.رب مبكرة.. والكوت تحرق الأوراق - من الأخير م٢ - حلقة ٣٦ | الموسم 2
14:00 | 2025-07-22
نشرة أخبار السومرية
Play
نشرة ٢٢ تموز ٢٠٢٥ | 2025
12:45 | 2025-07-22
Play
نشرة ٢٢ تموز ٢٠٢٥ | 2025
12:45 | 2025-07-22
العراق في دقيقة
Play
العراق في دقيقة 22-07-2025 | 2025
12:30 | 2025-07-22
Play
العراق في دقيقة 22-07-2025 | 2025
12:30 | 2025-07-22
Live Talk
Play
شاب سوري يحول غربته إلى محتوى ملهم - Live Talk - الحلقة ٧٨ | 2025
10:30 | 2025-07-22
Play
شاب سوري يحول غربته إلى محتوى ملهم - Live Talk - الحلقة ٧٨ | 2025
10:30 | 2025-07-22
خط أحمر
Play
عصابة سرقة بقبضة الأمن - خط احمر م٨ - الحلقة ١٢ | الموسم 8
16:00 | 2025-07-20
Play
عصابة سرقة بقبضة الأمن - خط احمر م٨ - الحلقة ١٢ | الموسم 8
16:00 | 2025-07-20
عشرين
Play
فاجعة الكوت.. الجميع تحت مجهر التحقيق - عشرين م٤ - الحلقة ٢٠ | الموسم 4
16:30 | 2025-07-19
Play
فاجعة الكوت.. الجميع تحت مجهر التحقيق - عشرين م٤ - الحلقة ٢٠ | الموسم 4
16:30 | 2025-07-19
رحال
Play
خانقين عراق مصغّر رحلة استثنائية في محافظة ديالى - رحال م٦ - الحلقة ١١ | الموسم 6
14:30 | 2025-07-19
Play
خانقين عراق مصغّر رحلة استثنائية في محافظة ديالى - رحال م٦ - الحلقة ١١ | الموسم 6
14:30 | 2025-07-19
الأكثر مشاهدة
اخترنا لك
حرائق الكوت تبقى مستعرة
01:30 | 2025-07-23
جاسم العميري يتجاوز على اختصاص القضاء الإداري (8)
09:59 | 2025-07-22
جاسم العميري يغازل فدائيي صدام (7)
04:29 | 2025-07-21
جاسم العميري يتجاوز على صلاحيات البرلمان الاتحادي وإقليم كردستان (6)
04:28 | 2025-07-20
جاسم العميري يشتكي صحفيًا لدى رئيس الجمهورية (5)
05:02 | 2025-07-19
جاسم العميري يتعدى على صلاحيات رئيس الوزراء (4)
05:38 | 2025-07-18
إشترك بنشرتنا الاخبارية
انضم الى ملايين المتابعين
إشترك
حمل تطبيق السومرية
المصدر الأول لأخبار العراق
Alsumaria mobile app on Android Alsumaria mobile app on Android
Alsumaria mobile app on IOS Alsumaria mobile app on IOS
Alsumaria mobile app on huawei Alsumaria mobile app on huawei
إشترك بخدمة التلغرام
تحديثات مباشرة ويومية