دعت مجموعة الاستبصار الإستراتيجي ضمن منظمة "السلام الأزرق"، الى "إلزامية" التعاون المائي من أجد مواجهة المخاطر العالمية، مبينة أن فشل إيجاد تسوية مائية بين
تركيا والعراق يصب في مصلحة تنظيم "داعش" المتطرف الذي يستخدم مياه كسلاح لإجبار الناس على الاستسلام لرغباته، فيما حذرت من خطر انهيار سد
الموصل يمكن أن يؤدي إلى غرق وقتل نصف مليون شخص في غضون ساعات قليلة.
وقال رئيسا المجموعة صنديب واسليكار و دانيلو تورك، "منذ إعلان
الأمم المتحدة في أيلول الماضي، المياه كهدف للتنمية المستدامة، كثّف عدد من الدول جهوده لتعزيز التعاون المائي مع الدول المجاورة، الشرق الأوسط، لكن هذا الأمر مفقود منذ عقود"، موضحين، أن "
العراق وسوريا وتركيا معاهدات للتعاون بشأن نهري دجلة والفرات من دون التوصل إلى أي نتيجة".
وأضافا، أن "فشل هذه الدول في إيجاد تسوية، صبّ في مصلحة داعش الذي يعد من المجموعات المتطرّفة العنيفة في المنطقة تسيطر حالياً على بعض السدود والخزانات ومحطات الرصد"، موضحين أن "التنظيم يستخدم المياه كسلاح لإجبار الناس على الاستسلام لرغباتهم، وقد أدى هذا الوضع إلى استحالة الحفاظ على سدّ الموصل في شمال العراق".
وبينا، أن "العديد من الخبراء حذّروا من خطر انهيار وشيك للسدّ الذي يمكن أن يؤدي إلى غرق وقتل نصف مليون شخص في غضون ساعات قليلة، وبالتالي فإن منطقة الشرق الأوسط تقع أسيرة سلسلة من الكوارث، ولا توجد حلولٌ سهلة"، مبين أن "السبيل الوحيد للخروج هو قبول جميع الدول بتنازلات كبيرة والتفاوض على أتفاق سلام شامل يكون في صلبه التعاون في مجال المياه".
وتابعا، أن "قضايا المياه في العادة تشكل جزءاً هاماً من اتفاقات السلام"، موضحين، أن "عام 2015، شهد الاحتفال في الذكرى المئوية الثانية لمؤتمر فيينا، الذي أنشأ نظاماً لنهر الراين واللجنة المركزية للملاحة فيه، وفي هذا العام، نحتفل في الذكرى الـ160 لتوقيع معاهدة السلام في
باريس التي أُنشئت بموجبها اللجنة الأولى على نهر الدانوب".
وأشارا الى أن "وجود هاتين اللجنتين في إطارهما المعاصر هو من بين عناصر الاستقرار الأوروبي"، مؤكدان أن "المياه لعب جزءاً هاماً في مرحلة بناء أوروبا ما بعد الحرب الباردة، حيث وقعت سلوفينيا اتفاق حماية نهر الدانوب وأصبحت الدولة التي تمّ فيها إيداع اتفاق نهر سافا، وهذا الاتفاق الأخير هو أول قضية متعددة الأطراف في
جنوب شرق أوروبا تمّ التوصل إليها بعد اتفاق دايتون للسلام، الذي أوقف الحرب في البوسنة".
وأشارا الى "وجود علاقة وثيقة بين السلام الإقليمي والتعاون في مجال المياه"، لافتين الى أن "نمطاً مماثلاً من العلاقة بين المياه والسلام نشأ في أميركا الوسطى، بمجرد التفاوض على خطة السلام لأميركا الوسطى بنجاح من قبل رئيس كوستاريكا أوسكار ارياس في 1980، تبعت ذلك مجموعة من الاتفاقات الإقليمية للتعاون المائي".
وأكدا، أن "العلاقة بين المياه والسلام ليست سوى مسألة ترتيبات ما بعد الصراع"، لافتان الى أن "إدارة المياه هي أداة هامة لمنع نشوب الصراعات".
وأوضحا، أن "إنشاء لجنة إدارة نهر أوروغواي في عام 2010، بعد التوصل إلى حلٍّ سلمي لنزاع مرير بين
الأرجنتين وأوروغواي، هو مثال على حاجة سياسية لإدارة المسائل البيئية بطريقة فعالة ووقائية"، مشيران الى "وجود مبادرات أخرى، متقدمة بفارق كبير عن تلك المعروفة في أوروبا، والتي وضعت أسس للتعاون الإقليمي والاستقرار على المدى الطويل، ومنها لجنة نهر الميكونج".
وأشارا الى أن "
الصين كانت مستبعدة من صفوفها، لكن في تشرين الثاني الماضي، وزير الخارجية الصيني وانغ يي، أعلن عن إنشاء آلية لانسانغ ميكونغ لتعزيز التعاون على نهر ميكونغ بين الصين وجيرانها في جنوب شرق آسيا"، لافتان الى أن "دول حوض نهر النيل أيضاً تتخلّى عن تنافسها القديم لمصلحة إدارة مشتركة لمياهها، حيث إجتمع رؤساء أثيوبيا ومصر والسودان في الخرطوم قبل سنة للاتفاق على التخطيط المشترك لسدّ النهضة الأثيوبي".
وأضافا، أن "منظمة حوض نهر السنغال هي الاتفاق الأبرز على المدى البعيد، فهي منظمة تدير أصول المياه في مالي والسنغال وموريتانيا وغينيا على أنها مشترك إقليمي، متجاوزةً المصالح الوطنية"، مؤكدان أن "الحكومات يمكن أن تدعم التعاون عبر الحدود، ما الذي يمنع الشرق الأوسط من ذلك؟".
وتابع رئيسا مجموعة الاستبصار الإستراتيجي، أن "النقاش في الشرق الأوسط يتمحور حول المخاوف من الخسائر المحتملة الناجمة من التعاون الإقليمي، وتركّز الدول في أجزاء أخرى من العالم على الفوائد المحتملة"، موضحان أن "المسألة تتعلق في الخيار بين سيكولوجية المنافع وسيكولوجية الخسائر".
ونوها بأن "15 دولة مجتمعة عقدت لجنة عالمية رفيعة المستوى في مجال المياه والسلام في تشرين الثاني الماضي، وهذا يوفّر لقادة الشرق الأوسط فرصة الانخراط من أجل استخلاص الدروس من الأمثلة الناجحة للتعاون في أجزاء أخرى من العالم، وصياغة مستقبلهم".
وحذرا من أن "خطر
الانهيار المحتمل لسدّ الموصل يدلّ على أنّ الأمر لم يعد مجرد انهيار للدول، بل يتعلّق بشرائح كبيرة من السكان"، معتبرا أن "الخيار بين التسوية والكارثة، بين
الكرامة والموت، والمنطقة ليس لديها الكثير من الوقت المتبقّي لاتخاذ الخيار الواضح".
وكانت تقارير إعلامية كشفت مؤخراً، أن الرئيس الأمريكي
باراك أوباما تدخل شخصيا إلى درجة جعل تداعي سد الموصل يتصدر قائمة الاهتمامات الأمريكية في العراق، عازية السبب الى أن انهياره من شأنه أن يقوض الجهود الأمريكية لتثبيت حكومة
العبادي وتعقيد الحرب ضد التنظيم.
يذكر مجموعة الاستبصار الإستراتيجي، حذرت في وقت سابق، من "فشل" متابعة التعاون في مجال المياه الإقليمية ب
سوريا، معتبراً أن الوقت حان لـ"يستيقظ العالم" قبل تكرار قصة
سورية في مناطق أخرى، فيما حذر من ارتفاع أسعار المواد الغذائية لـ"مستويات غير مسبوقة" نتيجة الجفاف وتحول الحرب الإقليمية إلى "مواجهة عالمية".