وانتشرت حشود المتظاهرين من الشمال إلى الجنوب، حيث توافد المتظاهرون بكثافة إلى وسط بيروت والساحات في معظم المناطق.
وفي ساحة النور (شمال لبنان)، احتشد عشرات الآلاف فأخذوا بالتمدد إلى 6 طرقات متفرعة، بحسب ما نقلت الوكالة اللبنانية.
وبدأ المتظاهرون بالنزول إلى الشوارع في وقت مبكر الاثنين، و قطعوا الطرق الرئيسية لمنع الموظفين من التوجه إلى أعمالهم، وأبقت المصارف والجامعات والمدارس أبوابها مقفلة.
ونقلت فرانس برس أن شباب "حراس المدينة" عملوا على تنظيم الحشود وتسهيل حركة دخولهم إلى الساحة والتنسيق مع المحتجين، بهدف التصدي لأي عمل تخريبي قد يقع، في ظل انتشار عناصر الجيش وقوى الأمن في محيط الساحة.
وأفاد المنظمون بأن التظاهرة التي اتسمت بالسلمية والرقي ودقة التنظيم، ستستمر حتى ساعات الصباح الأولى، على أن يقضي البعض ليلته فيها كما في الليالي الأربع الماضية.
واستقدم المحتجون رافعة ضخمة يجري استخدامها في كتابة عبارات على طول مبنى الغندور المطل على الساحة، منها: "من طرابلس شكرا للجيش والقوى الأمنية وبلدية طرابلس" و"طرابلس مدينة العيش المشترك".
واستمر خروج آلاف اللبنانيين إلى الشوارع رغم إعلان مجلس الوزراء المصادقة على بنود خطة الحريري الاقتصادية، في وقت يتمسك المتظاهرون بمطلب رحيل الطبقة السياسية، مستهزئين بكل ما يقدم من حلول وصفوها بالـ"تخديرية".
وجدد عدد من المحتجين في حديثهم لقناة الحرة رفضهم الورقة الاقتصادية التي وافق عليها الوزراء، وقالوا إنها مجرد أفكار غير قابلة للتطبيق.
واتهم المتظاهرون الطبقة السياسية باستغفال الشعب عبر الخطة، مطالبين باستقالة الحكومة، فيما رفض بعضهم محاولات تسييس مظاهراتهم.
وقال متظاهر إنه "حتى في حال وافق المحتجون على ما جاء في الورقة من بنود، فيجب ألا تشرف على إنجازها الطبقة السياسية الحالية التي تواجه تهما بالفساد".
ولم يكتف المحتجون بالنزول إلى الشوارع لرفض استمرار الحكومة الحالية والخطة التي أعلنها الوزراء، حيث غردوا عبر تويتر رافضين وساخرين من بنود الورقة.
"لا ثقة بإصلاحاتكم"
وأصدرت مجموعة المتظاهرين "لحقّي" بيانا ترفض فيه ما وصفته بإصلاحات الحكومة "الواهية غير الواقعية والفضفاضة والمضللة لكسب الوقت والمماطلة".
أما عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب فادي سعد طالب باستقالة الحكومة، وكتب عبر حسابه على "تويتر" وكتب: "يبدو أن المسؤولين عندنا لا يشاهدون التلفزيون ولا يسمعون وجع الناس وأصواتهم قد بحت. ألم يدركوا أن الأزمة هي أزمة ثقة لا أزمة وعود؟! لا حل إلا باستقالة الحكومة وتشكيل حكومة اختصاصيين تستطيع أن تفي بوعودها وتجري الإصلاحات، لذلك فلا عجب أن تستمر الانتفاضة".
ودخلت المظاهرات يومها الخامس، ولم تستثن منطقة أو طائفة أو زعيما. وطالت هتافاتها وتصريحات المشاركين فيها الزعماء كافة، وكسرت هيبة أحاطت بالقوى السياسية التي وجدت نفسها مضطرة لسماع صخب الشارع واتهامات قاسية بالسرقة والفساد والنهب
وقالت المجموعة في بيانها: "نرفض سياسة الإمعان بإفقار الناس والإكمال بالاستدانة وسياسات الخصخصة والاحتكار وأي شكل من أشكال الخصخصة".
وتساءل البيان: "أين كانت إصلاحاتكم من سنوات؟"
وطالب البيان اللبنانيين بالنزول إلى الشوارع وشل الحركة والتخييم في الطرقات حتى رحيل الحكومة.
وقال البيان إن المحتجين لم يتراجعوا حتى إسقاط حكومة الضرائب الجائرة والمحاصصة الطائفية وتحقيق كل المطالب.
واقترح المحتجون في بيانهم استقالة الحكومة وتشكيل حكومة "إنقاذ مصغرة من اختصاصيين مستقلين لا ينتمون للمنظومة الحاكمة، لتتبنى إجراءات منها: عقد انتخابات نيابية مبكرة بناء على قانون انتخابي عادل، يضمن صحة التمثيل وإدارة الأزمة الاقتصادية وإقرار نظام ضريبي عادل وتحصين القضاء وتجريم تدخل القوى السياسية فيه".
وقالت "لحقّي" إنها لا تتحدث باسم الناس والمتظاهرين وأنها تمثل "حراكا تغييريا سياسيا واجتماعيا، ملتزم الانحياز التام للناس والحقوق، ومؤمن بالتشاركية كنهج في العمل السياسي".
استقالة الحكومة حل للأزمة
وتزايدت في الساعات الأخيرة الدعوات السياسية بضرورة استقالة الحكومة كحل للأزمة التي دخلت يومها الخامس.
ودعا شارل جبور مسؤول جهاز التواصل والإعلام في حزب القوات اللبنانية، إلى استقالة الحكومة لتجنب المزيد من "الخسائر".
وأضاف أن "الناس فقدت الثقة في الحكومة"، داعيا المتظاهرين إلى البقاء في الشارع.
وحذر جبور من أن لبنان أمام "أزمة حقيقة" و أنه يواجه احتمال "انهيار مالي"، مشيرا أن مستوى معيشة الشعب شهد انهيارا على كل المستويات.
أما رئيس حزب "الكتائب" النائب سامي الجميل فقد قرر الالتحاق بالمتظاهرين في وسط بيروت، حيث نشر صوره عبر "تويتر"، قائلا: "بحبك يا لبنان، حلمنا سوف نحققه، شباب لبنان بالمرصاد، مسلمون ومسيحيون، في خدمة لبنان".