الشرطة تضايقهم بمعدل 5 مرات مقارنة بأصحاب الأديان الأخرى
ويُظهِر بحث جديد أجراه فريق من جامعة رايس الأمريكية أنَّ احتمالات تعرُّض
المسلمين في
الولايات المتحدة لمضايقات الشرطة بسبب دينهم أكبر بخمس مرات مقارنةً بالانتماءات الدينية الأخرى. وجاء في البحث: "خلقت البيئة الجيوسياسية لما بعد
الحادي عشر من سبتمبر/أيلول علاقة متوترة لقوات إنفاذ القانون مع الجاليات الأمريكية المسلمة. ويخشى الكثير من الأمريكيين المسلمين من رقابة الشرطة التي تحظى بموافقة الدولة من خلال أعمال مثل التتبُّع
عبر الإنترنت، أو أمن المطارات، أو عمليات التوقيف الروتينية، أو المراقبة داخل الفضاءات الدينية".
وأصدر معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم الأسبوع الماضي تقرير حالة ببيانات من استطلاع رأي تمثيلي على المستوى الوطني يرصد لمحة عن الخبرات والاتجاهات الأمريكية المسلمة المتنوعة بمرور الوقت. ويجد التقرير درجة مثيرة للقلق من الإسلاموفوبيا في المجتمع الأمريكي. فعلى سبيل المثال، أفاد نحو نصف المسلمين، أو 46%، بأنَّهم واجهوا تمييزاً دينياً من إحدى منصات التواصل الاجتماعي.
وتشمل بيانات المعهد نتيجتين إضافيتين تبعثان على قلق كبير. الأولى أنَّ الإسلاموفوبيا تتزايد داخل الجالية الإسلامية، لا سيما بين الشباب المسلمين. ويجد المعهد أنَّ "الإسلاموفوبيا الداخلية أكثر انتشاراً بين الشباب المسلمين الذين عاشوا معظم عمرهم بعد الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، في بلدٍ شيطن هُويتهم في الثقافة الشعبية ووسائل الإعلام الإخبارية والخطاب السياسي وفي السياسة".
ولاحظ المعهد أيضاً تصاعداً مثيراً للقلق في الإسلاموفوبيا بين الجالية المسلمة البيضاء "التي تُعَد أيضاً الأكثر احتمالاً للإبلاغ عن تعرُّضها لتمييز ديني (منتظم)". ويشير إلى أنَّ هذه العنصرية الداخلية قد تكون "آلية دفاعية في مواجهة صدمة (تروما) التعصب".
48% من المسلمين يفيدون بتعرض أطفالهم للتنمر بالمدارس مقابل 13% لليهود
الخطير أن الإسلاموفوبيا في ازدياد في المدارس. فيلاحظ تقرير المعهد أنَّ 48% من الأسر المسلمة ممَّن لديها أطفال في سن المدرسة أفادت بوجود طفل تعرَّض لتنمُّر على أساس ديني العام الماضي. وتُعَد هذه الدرجة من التنمُّر أعلى بشكل صارخ من الجاليات الأخرى: أفاد 13% فقط من الأسر اليهودية و18% من عموم السكان بالتعرُّض للتنمُّر المدرسي. ويفيد خمس الأسر المسلمة بأنَّ التنمُّر يحدث بصفة يومية تقريباً.
تشير هذه المستويات الكبيرة من الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة إلى أكثر من مجرد مشكلة قولبة نمطية سلبية. إنَّها تعزز الطريقة التي يجري بها نزع صفة الإنسانية عن المسلمين ووصفهم بأنَّهم أقل من البشر. وإن كان التحامل هو نسب صفات سيئة عامة إلى مجموعة كاملة، فإنَّ نزع الصفة الإنسانية هو فعل ذلك بطريقة تُجرِّد المجموعة من إنسانيتها تماماً.
هذه الكراهية تخفي حقيقة نجاح المسلمين الأمريكيين، فهم يوفرون مليون فرصة عمل
إنَّ الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة إذاً مثال على نزع الصفة الإنسانية وليس التحامل. وهذا النزع للصفة الإنسانية يُفسِّر لماذا تظل ثقافة الكراهية طاغية على نجاحات وإنجازات الجالية الأمريكية المسلمة.
فعلى سبيل المثال، يفيد معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم بأنَّ الأمريكيين المسلمين خالقون لفرص العمل: "يوظف المسلمون العاملون لحسابهم معدل
ثمانية عمال في المتوسط، وهو ما ينتج ما يُقدَّر بـ1.37 مليون وظيفة أمريكية على الأقل جرى توفيرها".
وهم بشكل عام متعلمون تعليماً عالياً، إذ يفيد 46% من الأمريكيين المسلمين فوق سن 25 عاماً بامتلاكهم لدرجة جامعية.
نسبة المسلمين البيض بالجيش أكبر من المسيحيين، وهم أكثر تفاؤلاً بمستقبل أمريكا
يخدم الأمريكيون المسلمون أيضاً في الجيش على قدم المساواة مع المجموعات الأخرى. في الحقيقة، يُعَد المسلمون البيض أكثر احتمالاً للخدمة في الجيش من الأمريكيين البيض بصفة عامة (17% مقابل 11%).
ولعل النتيجة الأكثر إثارة للدهشة هي أنَّه على الرغم من معاناة الأمريكيين المسلمين من مستويات مفرطة من الإسلاموفوبيا، فإنَّهم أكثر احتمالاً من كل المجموعات الأخرى للتعبير عن تفاؤلهم حيال توجُّه البلاد. إذ يشعر 48% من المسلمين، و31% من اليهود، و24% من الكاثوليك، و17% من البروتستانت، ونسبة منخفضة مفاجئة من الإنجيليين البيض تبلغ 4%، و17% من غير المنتسبين لأديان، و18% من عموم السكان بالتفاؤل حيال الولايات المتحدة.
علاوة على ذلك، على الرغم من إبلاغ الأمريكيين المسلمين عن مستويات عالية من قمع الناخبين، فإنَّهم يصوتون. في الواقع، يفيد المعهد بأنَّه كلما زادت صعوبة التصويت على الأمريكيين المسلمين، زادت نواياهم على القيام بذلك. إذ قفز تسجيل الناخبين بين المسلمين من 60% عام 2016 إلى 81% عام 2022، على قدم المساواة مع عموم السكان (84%).
ونسبة رفضهم للعنف أعلى من الإنجيليين البيض
وعلى الرغم من التصورات الخاطئة عن الجالية المسلمة باعتبارها عنيفة وتُشكِّل تهديداً، يتضح أنَّ الأمريكيين المسلمين يرفضون العنف ضد المدنيين بمعدل أعلى من الإنجيليين البيض (80% مقابل 62%). في الواقع، وجد مركز بيو للأبحاث أنَّ عدداً أكبر من الأمريكيين المسلمين يؤمنون بـ"الحلم الأمريكي" مقارنةً بعموم السكان.
مرة بعد أخرى، إنَّ التصورات السلبية المنتشرة على نطاق واسع عن الأمريكيين المسلمين لا تتطابق مع ما يعتقده الأمريكيون المسلمون أنفسهم أو القيمة التي يضيفونها للمجتمع الأمريكي. وهذا يقودنا إلى استنتاج حقيقي من هذه الدراسات الحديثة: المشكلة ليست في تفشي الإسلاموفوبيا فقط، بل أيضاً قصر تصوير المسلمين على أنَّهم إمَّا أشرار شيطانيون أو ضحايا عديمو الحيلة.