أعلنت الأكاديمية
الإسبانية لمصارعة الثيران عن مشروع معماري ضخم يتمثل في إنشاء نصب تذكاري على هيئة ثور، يتجاوز ارتفاعه 300 متر، ما يجعله أطول من
برج إيفل الفرنسي الذي يبلغ 330 مترًا. وتهدف المبادرة إلى تعزيز الهوية الثقافية الإسبانية من خلال رمز تقليدي معروف عالميًا، وجعل "ثور إسبانيا" نقطة جذب سياحي تنافس أبرز معالم السياحة العالمية.
انطلق المشروع بمبادرة من الأكاديمية التي ترى فيه وسيلة للارتقاء بالقطاع السياحي الوطني، وتحقيق تقدم على
فرنسا، التي ما تزال تتصدر ترتيب الدول الأكثر استقبالًا للسياح، حسب بيانات
منظمة السياحة العالمية. ففي عام 2023، زارت فرنسا 90 مليون سائح، مقابل 85 مليونًا زاروا إسبانيا، وفقًا لتقرير صادر عن مجلة "إي.دي" الفرنسية.
أشارت الأكاديمية في بيانها الرسمي إلى أن إسبانيا، رغم ما تتمتع به من طبيعة خلابة، ومهرجانات عالمية، وتاريخ ثقافي غني، لا تمتلك معلمًا رمزيًا يجسد هويتها أمام الزائرين ويترك في أذهانهم أثرًا دائمًا. وأضاف البيان: "فرنسا لديها برج إيفل،
الولايات المتحدة تملك
تمثال الحرية،
الصين سورها
العظيم... ماذا عن إسبانيا؟"
يقترح المشروع أن يكون "ثور إسبانيا" هو هذا المعلم المرجو، القادر على تمثيل البلاد رمزيًا عالميًا، وتعزيز جاذبيتها السياحية. ومن المقرر أن يُشيَّد التمثال من
المعدن بالكامل، ويتطلب مساحة واسعة تناسب حجمه الهائل.
يشترط إطلاق المشروع تبنّي إحدى البلديات الإسبانية له رسميًا، وهو ما لم يحدث حتى الآن. وصرّح
خورخي ألفاريز، رئيس الأكاديمية، بأن اختيار المدينة التي ستحتضن النصب يجب أن يستند إلى معايير تضمن النجاح، أبرزها أن تكون ذات كثافة سياحية عالية.
كما شدّد على أن المشروع لن يعتمد على تمويل حكومي، بل سيكون مموَّلًا بشكل كامل من مستثمرين خواص، الأمر الذي يعزّز فرصه في التنفيذ دون أعباء مالية على الدولة. وأكد أن المشروع يمكن أن يخلق فرص عمل جديدة ويعزّز الحركة التجارية المحلية.
أوضح ألفاريز أن اختيار
الثور لم يكن عشوائيًا، بل يعود إلى رمزيته الراسخة في الثقافة الإسبانية منذ قرون، قائلًا: "كل سائح يغادر إسبانيا يحمل تذكارًا على شكل ثور. حتى فرقة
البيتلز غنّت في حلبات مصارعة الثيران في
مدريد وبرشلونة. سواء أعجب البعض أو لم يعجبهم، الثور يمثلنا في عيون العالم."
ويُنتظر أن يحتوي التمثال على منصات مراقبة بانورامية في "قرون الثور"، بالإضافة إلى سلسلة من المتاجر والمطاعم المحيطة به، مما يعزّز من قيمته الاقتصادية والسياحية.
رغم الحماس الذي رافق الإعلان عن المشروع، إلا أن الأكاديمية تواجه معارضة قوية من قطاعات واسعة من
المجتمع المدني الإسباني، خاصة مع تزايد الدعوات لإلغاء مصارعة الثيران بوصفها ممارسة عنيفة وغير إنسانية.
أظهرت استطلاعات رأي حديثة أن 77٪ من المواطنين الإسبان يعارضون ربط هوية البلاد بالثيران أو مصارعتها، مما يضع المشروع في مواجهة مباشرة مع توجّه شعبي متزايد نحو الابتعاد عن هذا الموروث.
انتقد الناقد الفني
فرناندو كاسترو فلوريس المشروع بشدة، قائلًا: "هذا تجسيد للغباء الكوني، وكأن إسبانيا لا تنتمي إلى هذا العالم! إذا أردنا معلمًا سياحيًا حقًا، فلنصنع مقلاة باييّا ضخمة أو إبريق سانغريا عملاق."
رفضت بلدية مدريد تبنّي المشروع رسميًا دون توضيح الأسباب. وتسعى الأكاديمية حاليًا إلى عرضه على بلديات أخرى، بما فيها مدن صغيرة يقل عدد سكانها عن 10 آلاف نسمة، بحسب صحيفة "لوبوان" الفرنسية.