Alsumaria Tv

حلم لم يتحقق بسبب خلافات السياسة: قصة محاولات "فاروق القاسم" لإنقاذ النفط العراقي

2025-08-08 | 05:55
Alsumaria Tv https://www.alsumaria.tv/authors
حلم لم يتحقق بسبب خلافات السياسة: قصة محاولات "فاروق القاسم" لإنقاذ النفط العراقي

السومرية نيوز – دوليات

فاروق القاسم خبير جيولوجي عراقي مختص في النفط ولد عام 1936، كان له دور محوري في تطوير إدارة النفط النرويجية منذ أواخر ستينيات القرن الـ20، كان ضمن أول بعثة طلابية عراقية إلى الخارج بهدف تكوين نخبة وطنية لإدارة شؤون النفط ضمن خطة واسعة لتأميم ذلك القطاع الذي كان تحت سيطرة الأجانب، خاصة البريطانيين.

ساهم القاسم منذ عام 1957 في وضع اللبنات الأولى لسياسة بلاده في تأميم القطاع، ولظروف عائلية اضطر عام 1968 إلى مغادرة العراق متوجها إلى النرويج التي كانت حينئذ تتلمس طريقها في التنقيب على النفط، وهناك ساهم في إدارة وتثمين الثروة النفطية بشكل جعل البلاد رائدة في هذا المجال.

تعددت التوصيفات التي خصته بها وسائل الإعلام الدولية، منها "أمير النفط" و"عراب النفط النرويجي"، و"منقذ النرويج بالنفط"، لكنه يميل إلى اعتبار نفسه "مهندس النموذج النرويجي" في مجال إدارة الثروة النفطية.

المولد والنشأة
وُلد فاروق القاسم عام 1936 في مدينة البصرة جنوبي العراق، كان والده عبد العزيز معلما وأصبح لاحقا مدير مدرسة، وكان معيلا رئيسيا لعدد من أقاربه، والدته هي وفيقة ياسين.

الدراسة والتكوين
أظهر القاسم نبوغا مبكرا، إذ تعلم مبادئ القراءة والحساب قبل بلوغه السن الرسمية للدراسة بفضل قربه الكبير من والده، واصل تعليمه الابتدائي في مدرسة عمومية بمدينة البصرة وتميز بتفوقه.

وعندما بلغ سن الـ11 غادر البصرة إلى العاصمة بغداد، والتحق بما كان تُعرف حينئذ بـ"كلية الملك فيصل"، وهي مدرسة ثانوية تعتمد منهجا دراسيا باللغة الإنجليزية، وتهدف إلى إعداد نخبة من الطلاب لمتابعة دراستهم الجامعية في الخارج.

لكن تلك التجربة استمرت 3 أشهر فقط بسبب اضطرابات سياسية أدت إلى إغلاق الكلية بعد أن هاجمها محسوبون على "التيار القومي" بذريعة أنها "تحتضن منتسبين إلى التيار الشيوعي"، فكان القاسم مجبرا على العودة إلى البصرة ومتابعة التكوين نفسه، لكن باللغة العربية.

بعد حصوله على الثانوية العامة عام 1953 اُبتعث القاسم إلى بريطانيا ضمن مجموعة تضم نحو 200 طالب -بتمويل من شركة نفط العراق- للدراسة في مجال النفط، وذلك في إطار خطة حكومية تهدف إلى تأميم القطاع الذي كان تحت سيطرة الأجانب، خاصة البريطانيين.

درس القاسم جيولوجيا النفط في المدرسة الملكية للمناجم بكلية لندن الإمبراطورية، وفي بريطانيا تزوج فتاة نرويجية اسمها ميك سولفريد، وكانت تعمل في لندن مربية للأطفال، وعادت معه إلى العراق عام 1957 بعد أن أكمل دراسته الجامعية.

عاش القاسم وزوجته في البصرة وأنجبا 3 أطفال هم فريد ونادية ورائد الذي وُلد عام 1966 مصابا بشلل دماغي، وكان في حاجة إلى رعاية طبية خاصة لم تكن متاحة حينئذ في العراق، وهو ما دفع العائلة إلى السفر إلى النرويج عام 1968 والاستقرار هناك.

انتهت العلاقة بين القاسم وزوجته النرويجية بالطلاق، وبعدها تزوج بسيدة عراقية تُدعى أمل كنعان محمد.

التجربة المهنية في العراق
بعد عودته من بريطانيا إلى مسقط رأسه في البصرة عام 1957 انضم القاسم إلى شركة نفط العراق التي كانت آنذاك تمر بمرحلة انتقالية نحو الاعتماد على الكوادر العراقية والتخلي التدريجي عن الكوادر الأجنبية، ولا سيما البريطانيين والأميركيين.
 
بدأ القاسم مشواره المهني بصفة جيولوجي مقيم، وفي فترة 10 سنوات تدرج وظيفيا في هياكل المؤسسة إلى أن أصبح الرقم "5" في هيكلة الشركة وأعلى مسؤول عراقي في الدرجة الوظيفية.

إلى النرويج
في عام 1968 اضطر القاسم وزوجته للسفر إلى النرويج والعيش هناك بعد أن تبين لهما أن ذلك البلد يوفر الرعاية الطبية التي يحتاجها ابنهما رائد الذي كان يحتاج إلى معالجة طبية تستمر 5 سنوات مع عملية جراحية.

في بداية الرحلة انتقلت الزوجة والأطفال إلى النرويج، ولاحقا غادر القاسم العراق متوجها إلى بريطانيا التي كانت فيها مقرات الشركات الغربية المسيطرة على معظم إنتاج النفط في بلاد الرافدين.
مغتربون- العراقي فاروق القاسم آحد آباء النفط النرويجي

كان القاسم يخطط للعمل هناك والبقاء قريبا نسبيا من زوجته وأطفاله، لكن تعذر عليه الحصول على وظيفة تناسب خبراته ومؤهلاته، فقرر التوجه إلى النرويج في مايو/أيار 1968.

لم يكن القاسم على علم بما يجري في قطاع النفط في ذلك البلد الإسكندنافي، وكان مستعدا للعمل في محطة بنزين أو حتى سائق تاكسي لكي يعيل زوجته وأطفاله.

وبالصدفة زار مقر وزارة الصناعة في العاصمة أوسلو للاستفسار عن فرص العمل بمجال النفط، وذلك في وقت كانت النرويج في أولى مراحل التنقيب عنه في بحر الشمال.

عندما التقى القاسم بمسؤولي الوزارة تحول اللقاء من مجرد فرصة استكشافية إلى ما يشبه مقابلة توظيف بعد أن لفتت خبراته المهنية في مجال النفط وخلفيته الأكاديمية انتباههم، باعتباره نموذجا لما كانت البلاد بحاجة إليه في تلك المرحلة، وبناء على ذلك تقرر تعيينه مستشارا، واستمر في تلك المهمة 3 أشهر قبل أن يثبّت رسميا في منصبه.

كانت مهمة القاسم هي تحليل نتائج استكشاف النفط، والتي كانت تجريها شركات أجنبية في الشق النرويجي من بحر الشمال، وكان ذلك مقابل راتب أعلى بقليل من راتب رئيس الوزراء.
 
كان عدد المسؤولين في إدارة النفط النرويجية حينئذ 3 فقط، جميعهم في الثلاثينيات من العمر، وكانوا جميعا يتعلمون ميدانيا أثناء عملهم، وأصبح القاسم رابعهم، وكان متحمسا للنتائج الواعدة التي أظهرها تحليل البيانات الواردة من آبار استكشاف بحرية مختلفة.

في عام 1969 حققت النرويج قفزة كبرى باكتشاف حقل "إيكوفيسك" الضخم، وكان للقاسم دور حاسم في ذلك، مما أهله للاضطلاع عام 1971 إلى جانب خبير نرويجي بصياغة تشريع عُرف فيما بعد بـ"الوصايا النفطية العشر" للبلاد، واعتمده البرلمان.

شكلت تلك الوصايا الأرضية الأساسية التي تدير النرويج بموجبها مواردها النفطية، وبموجب تلك الرؤية أنشئت مديرية البترول النرويجية، وهي الجهة المنظمة لصناعة النفط في البلاد، إضافة إلى شركة "ستات أويل" للنفط.

وفي عام 1972 عُيّن القاسم أول مدير لإدارة الموارد في مديرية البترول النرويجية.
فاروق القاسم الخبير الجيولوجي العراقي الذي ساهم في تطوير إدارة النفط النرويجية nb.no

لم يكتف بإدارة شؤون النفط، بل اقترح على سلطات البلاد إنشاء صندوق ثروة سيادي لإدارة إيرادات النفط بشكل سليم ومستقل عن الحكومة، وبشكل ينمّيها ويحفظ حقوق الأجيال المقبلة منها، وهو ما تحقق عام 1990 بإطلاق "صندوق التقاعد الحكومي العالمي" الذي يُعد من أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم.

بقي القاسم في منصبه حتى يناير/كانون الثاني 1991، ثم عمل مستشارا مستقلا، واستعانت به السلطات النرويجية دليلا للمجموعات الدولية التي تأتي إلى النرويج للتعرف على النموذج النفطي النرويجي، كما عمل مستشارا لدول أخرى منتجة للنفط.

العراق مجددا
عاد القاسم إلى العراق مرة واحدة فقط في أواخر سبعينيات القرن الـ20 ضمن وفد نرويجي رسمي، وبعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين عام 2003 إثر الغزو الأميركي للعراق قدّم فاروق القاسم مشروع قانون لصناعة النفط في بغداد، مستلهما نجاح "النموذج النرويجي" الذي ساهم في بنائه، لكن الخلافات السياسية التي سادت آنذاك حالت دون اعتماد تلك المسودة.
 
تكريم ووسام
يصف ويلي أولسن المدير السابق لشركة النفط النرويجية "ستات أويل" المهندس القاسم بأنه "أعظم صانع للقيمة في تاريخ النرويج".

وفي 24 سبتمبر/أيلول 2012 منحه ملك النرويج وسام فارس من الدرجة الأولى مكافأة له على الخدمات التي قدمها للشعب النرويجي في مجال صناعة النفط.
>> تابع قناة السومرية على منصةX 
+A
-A
facebook
Twitter
Whatsapp
telegram
Messenger
telegram
Alsumaria Tv
أحدث الحلقات
كان يا مكان
Play
ثِقْ بربكَّ تجد ما يُسرّكَ! - كان يا ما كان م٣ - الحلقة ٤٣ | الموسم 3
08:00 | 2025-08-08
Play
ثِقْ بربكَّ تجد ما يُسرّكَ! - كان يا ما كان م٣ - الحلقة ٤٣ | الموسم 3
08:00 | 2025-08-08
علناً
Play
عقود وزارة التربية والدفاع - علناً م٤ - الحلقة ١٣ | الموسم 4
16:30 | 2025-08-07
Play
عقود وزارة التربية والدفاع - علناً م٤ - الحلقة ١٣ | الموسم 4
16:30 | 2025-08-07
Celebrity
Play
الفنانة العراقية بيداء المعتصم - Celebrity م٤ - الحلقة ١٧ | الموسم 4
14:30 | 2025-08-07
Play
الفنانة العراقية بيداء المعتصم - Celebrity م٤ - الحلقة ١٧ | الموسم 4
14:30 | 2025-08-07
أسرار الفلك
Play
اسرار الفلك مع جاكلين عقيقي | من ٩ الى ١٥ آب ٢٠٢٥ | 2025
13:00 | 2025-08-07
Play
اسرار الفلك مع جاكلين عقيقي | من ٩ الى ١٥ آب ٢٠٢٥ | 2025
13:00 | 2025-08-07
نشرة أخبار السومرية
Play
نشرة ٧ آب ٢٠٢٥ | 2025
12:45 | 2025-08-07
Play
نشرة ٧ آب ٢٠٢٥ | 2025
12:45 | 2025-08-07
العراق في دقيقة
Play
العراق في دقيقة 07-08-2025 | 2025
12:30 | 2025-08-07
Play
العراق في دقيقة 07-08-2025 | 2025
12:30 | 2025-08-07
Live Talk
Play
لماذا تلجأ النساء إلى السحر والشعوذة أكثر من الرجال! - Live Talk - الحلقة ٩٠ | 2025
10:30 | 2025-08-07
Play
لماذا تلجأ النساء إلى السحر والشعوذة أكثر من الرجال! - Live Talk - الحلقة ٩٠ | 2025
10:30 | 2025-08-07
ناس وناس
Play
واسط الكوت - ناس وناس م٨ - الحلقة ٨٨ | الموسم 8
05:00 | 2025-08-07
Play
واسط الكوت - ناس وناس م٨ - الحلقة ٨٨ | الموسم 8
05:00 | 2025-08-07
مايك السومرية
Play
اللواء يحيى رسول - MIC Alsumaria - الحلقة ١٧ | season 1
16:00 | 2025-08-06
Play
اللواء يحيى رسول - MIC Alsumaria - الحلقة ١٧ | season 1
16:00 | 2025-08-06
من الأخير
Play
جاكوج المشهداني مطلوب في "مكتب" الإطار - من الأخير م٢ - حلقة ٤٥ | الموسم 2
14:00 | 2025-08-06
Play
جاكوج المشهداني مطلوب في "مكتب" الإطار - من الأخير م٢ - حلقة ٤٥ | الموسم 2
14:00 | 2025-08-06
الأكثر مشاهدة
اخترنا لك
"فوكس نيوز": قمة بوتين - ترامب قد تُعقد يوم الاثنين المقبل
07:53 | 2025-08-08
لجنة الأربعين الإيرانية: 3 ملايين زائر إيراني مسجل للمشاركة في الزيارة
07:09 | 2025-08-08
بعد قرار الاحتلال.. حماس تتوعد إسرائيل
06:50 | 2025-08-08
"إبادة جماعية": هل يستمع العالم لنداء "تيدروس" ويوقف الكارثة الإنسانية في غزة؟
06:15 | 2025-08-08
11 نقطة و4 مراحل.. إليك تفاصيل خطة الحكومة اللبنانية لنزع سلاح "حزب الله"
05:43 | 2025-08-08
قرار امريكي بخصوص المتحولين جنسيا
05:43 | 2025-08-08
إشترك بنشرتنا الاخبارية
انضم الى ملايين المتابعين
إشترك
حمل تطبيق السومرية
المصدر الأول لأخبار العراق
Alsumaria mobile app on Android Alsumaria mobile app on Android
Alsumaria mobile app on IOS Alsumaria mobile app on IOS
Alsumaria mobile app on huawei Alsumaria mobile app on huawei
إشترك بخدمة التلغرام
تحديثات مباشرة ويومية