تشهد جزيرة جيرزي، أكبر جزر القنال الواقعة بين
فرنسا وإنجلترا، تناميًا لافتًا في أعداد الدبابير الآسيوية، المعروفة علميًا باسم Vespa velutina، حيث سُجل 469 عشًا حتى الآن منذ بداية يناير/ كانون الثاني، مقارنة بـ130 فقط خلال عام 2024، بحسب ما أفادت به مجموعة جيرزي لمراقبة هذا النوع الغازي.
وتُشير التقديرات إلى أن كل عش قد يضم ما يصل إلى 10,000 دبّور، ما يرفع العدد الكلي المحتمل إلى نحو خمسة ملايين داخل الجزيرة.
السلطات المحلية في جيرزي تواجه صعوبة متزايدة في التعامل مع بلاغات السكان، الذين أبلغ بعضهم عن لسعات مؤلمة، بعضها قد يشكّل خطرًا على من يعانون من حساسية مفرطة.
وقال جون دي كارتيه، أحد مؤسسي المجموعة المعنية برصد انتشار الدبابير الآسيوية، إن هناك "تراكمًا في معالجة الأعشاش"، مشيرًا إلى أن موارد المكافحة المتوفرة، سواء من المتخصصين الحكوميين أو فرق المتطوعين، لا تكفي لمواكبة هذا التزايد.
وصل هذا النوع لأول مرة إلى فرنسا في عام 2004، ويُعتقد أن انتشاره إلى المملكة المتحدة بدأ عبر شحنات من الزهور، والنباتات، والفواكه، وحتى الأخشاب المستوردة، إضافة إلى احتمال انتقاله بالطيران من الأراضي الفرنسية خلال فترات الصيف.
وكان أول تسجيل رسمي لوجوده في
بريطانيا عام 2016، ومنذ ذلك الحين، شهدت البلاد توسعًا تدريجيًا في انتشاره، خصوصًا في
جنوب شرق إنجلترا، بما في ذلك مقاطعات كنت، وساسكس، وسري، وهامبشاير، ووصلت بعض المشاهدات شمالًا حتى يوركشاير ونورثمبرلاند.
تمثل هذه الدبابير تهديدًا مباشرًا للنحل والدبابير المحلية، إذ كشفت دراسة من
جامعة إكسيتر أن بطون الدبابير الآسيوية تحتوي على أكثر من 1,400 نوع من الحشرات، بينها نحل العسل، الذي يُعد هدفًا رئيسيًا لها. ويُعزى إليها دور كبير في انخفاض أعداد الملقحات، في وقت تواجه فيه بيئة المملكة المتحدة تحديات بيئية متزايدة.
تبدأ الملكات في بناء الأعشاش مع مطلع أبريل/ نيسان، ثم تضع البيض بوتيرة متسارعة لتكوين مستعمرة قد تتضمن 6,000 فرد. تُصنع الأعشاش من ألياف الخشب الممزوجة بلعاب الدبابير، وتكون غالبًا بيضوية الشكل، بطول قد يصل إلى نصف متر. ويمكن تمييز الدبابير الآسيوية عن نظيراتها الأوروبية من خلال أطراف أرجلها الصفراء اللامعة، وحجمها الأصغر، وبنيتها الأنحف، بالإضافة إلى الرأس البرتقالي الواضح.
لتسهيل جهود الرصد، تم تطوير تطبيق "Asian Hornet Watch"، الذي يُتيح للسكان الإبلاغ عن أي مشاهدة ليتم التحقق منها من قبل مركز البيئة والهيدرولوجيا البريطاني (UKCEH). وتدعو السلطات المواطنين إلى الإبلاغ الفوري دون محاولة الاقتراب من الأعشاش، في ظل تحذيرات صادرة عن
رابطة مربي النحل البريطانية التي شددت على "تجنب الأعشاش تحت أي ظرف".
وتقول جمعية "Plantlife" البيئية إن هذا الانتشار يشكّل خطرًا حقيقيًا على الملقحات الطبيعية، خصوصًا مع التراجع الملحوظ في أعداد النحل منذ عام 2007، حيث تشير البيانات إلى انخفاض نسبته نحو الثلث. ويُربط هذا التراجع بشكل مباشر بأمن الغذاء، نظرًا للدور الأساسي الذي تؤديه الملقحات في الزراعة والإنتاج النباتي.