السومرية نيوز/
ديالى
وسط بستانها الكثيف بالمزروعات تسير
أم إبراهيم (65 عاما)، وسط محيط خطير، إذ يحتمل أن تقع قدمها في أي لحظة على عبوة ناسفة أو لغم أرضي، لكن عشقها للثمرة الصفراء المتمثلة بالبرتقال وشوقها لأرضها جعلها لا تبالي بالخطر.
في قرية اللهيبات الهادئة ثمة منازل سكنية متناثرة وسط بساتين كثيفة، وهي أول منطقة تعود لها العوائل النازحة في حوض سنسل، (49 كم شمال شرق بعقوبة)، بعد تحريرها من تنظيم "
داعش" قبل ثلاثة أسابيع، لم تستطع أم إبراهيم الصمود أمام جمال بستانها واشتياقها لحوي البرتقال، رغم خطورة التنقل في البستان، الذي أدامته بيدها على امتداد نصف قرن، وكانت أول من يدخل ويحوي المحصول في خطوة جريئة اعتبرها مقربون منها، بأنها "مهمة انتحارية".
وتقول أم إبراهيم في حديث لـ"
السومرية نيوز"، أنها "لم تصدق نفسها وهي تتجول في منزلها
المتواضع بعد رحلة غربة مؤلمة امتدت لأكثر من 7 أشهر عانت خلالها ألما وحزنا، وهي تعيش في المخيمات التي تفتقر لا بسط مقومات الحياة العامة".
وتضيف أم إبراهيم، أنها "تعشق
بستان البرتقال الذي ورثته أسرتها على مدى سبعة أجيال متعاقبة، وهي قامت بزرع الكثير من أشجاره على امتداد نصف قرن"، موضحة أنها "تحمل ذكريات جميلة لا يمكن أن تمحى بسهولة، لذا تغلبت على الخوف والمخاطر وذهبت سيرا على الإقدام نحو البستان غير مبالية باحتمال وجود عبوات وألغام أرضية بعد تحرير قريتها".
وتشير أم إبراهيم الى أنها "قبلت عدة أشجار والدموع تنهمر على خديها، وكأنها تلتقي أحد أبنائها بعد فراق، لافتة الى انها "ملأت سلة بالبرتقال الذي يتميز بمذاقه
الطيب لتعود إدراجها وهي تشكر الله بأن بستانها لم يمسه ضرر".
وتوضح آم إبراهيم أنها "أول إنسان في قرى شمال
المقدادية يحصد جزء من ثماره بستانه"، واصفة خطوتها بأنها كانت "مهمة انتحارية".
أما إبراهيم احمد (45 عاما)، وهو نجل أم إبراهيم، قال مبتسما، إن "والدته قوية الإرادة، وكانت عبر عقود مصدر الهام ودعم لابنائها"، مبينا أن "غيابها عن المنزل لبعض الوقت دفعهم الى القلق بشدة الى درجة إبلاغ القوى الأمنية الذين بادروا الى مساعدتنا في البحث، عنها".
وأضاف إبراهيم، أن "والدته عندما فاجأتهم بالعودة من رحلتها الانتحارية في البستان، وزعت البرتقال على أفراد الجيش والشرطة والحشد وهي تقول لهم شكرا لكم، لولاكم لما عدت الى منزلي".
ويشير إبراهيم الى أن "قرى شمال المقدادية تتميز بطابعها الزراعي وأهاليها يعشقون بساتينهم التي كانت لعقود طويلة مصدر رزق لهم لذا فان الحنين لها كبير ولا يمكن تفسيره بكلمات".
أما
ظافر حميد فهو أحد منتسبي القوى الأمنية، فقد أكد أن "ما أقدمت عليه أن إبراهيم خطير، لأن عمليات التمشيط للبساتين لم تستكمل بعد، كونها تمتد لمساحات شاسعة"، موضحا أن "داعش وحلفائه حاولوا تخريب جمالية هذه المناطق من خلال العبوات والألغام".
وحذر حميد الأهالي من "الأجسام الغريبة"، داعيا الى "ضرورة الإبلاغ الفوري عنها من أجل معالجتها من قبل الجهات المختصة".
وكانت القوات الأمنية المدعومة بالحشد الشعبي حررت قرى شمال المقدادية قبل أكثر من ثلاثة أسابيع بعد معارك عنيفة مع "داعش"، وتتميز قرى شمال المقدادية بكثرة بساتين البرتقال والرمان، التي تمتاز بجودة انتاجها.