السومرية نيوز/
البصرة
أكدت
نقابة المهندسين الزراعيين في البصرة، الخميس، أن تفاقم أزمة ملوحة المياه أدى الى انهيار زراعة النخيل في المناطق الواقعة جنوب المحافظة، وبالمقابل إنتعشت زراعة النخيل في المناطق الواقعة شمال المحافظة لمحدودية تأثرها بالأزمة.
وقال رئيس فرع نقابة المهندسين في البصرة
علاء هاشم البدران في حديث لـ
السومرية نيوز، إن "زراعة النخيل في المناطق الواقعة جنوب المحافظة تدهورت كثيراً في غضون الأعوام القليلة الماضية، وبلغت قمة التدهور خلال العام الحالي بسبب تفاقم أزمة ملوحة مياه
شط العرب"، مبيناً أن "
قضاء أبي الخصيب لم يعد صالحاً لزراعة النخيل، وكذلك
قضاء الفاو، ومعظم الفسائل المزروعة حديثاً هلكت من جراء ملوحة المياه، كما تضررت مئات آلاف النخيل القديمة، إذ أن التراكيز الملحية الذائبة في المياه تصل نسبتها أحياناً الى أكثر من تسعة آلاف جزء في المليون، في حين أن النخيل يحتاج الى مياه لا تزيد تراكيزها الملحية عن أربعة آلاف جزء في المليون".
ولفت البدران الى أن "المناطق الزراعية الواقعة جنوب المحافظة، وبخاصة الممتدة على جانبي شط العرب وبمحاذاة
الأنهار المتفرعة منه طالما اشتهرت منذ مئات السنين بوفرة نخيلها وجودة تمورها، لكنها لم تعد كذلك"، مضيفاً أن "المناطق الواقعة شمال المحافظة انتعشت فيها زراعة النخيل بشكل كبير خلال الأعوام الأخيرة، بحيث أصبحت تضم الكثير من بساتين النخيل، وهناك آلاف الفسائل تغرس فيها سنوياً، وذلك لأن المد الملحي القادم من
الخليج لم يصل الى تلك المناطق الواقعة ضمن قضائي
القرنة والمدينة ونواحي الدير والنشوة والهارثة".
وأشار البدران الى أن "تمدد مساحات الأراضي المزروعة بالنخيل في شمال البصرة لا يعوض تدهور زراعة النخيل في المناطق الواقعة جنوب المحافظة، وذلك لأن بساتين أبي الخصيب والفاو وشط العرب تتميز نخيلها بكونها ذات نوعيات جيدة، في حين أن النخيل الموجودة شمال المحافظة معظمها ذات أنواع أقل أهمية"، معتبراً أن "تحول زراعة النخيل من جنوب المحافظة الى شمالها يتطلب من المزارعين الاهتمام بزراعة نوعيات جيدة من النخيل في المناطق الشمالية، وإن كانت فسائلها باهضة الثمن نسبياً".
بدوره، قال صاحب أحد بساتين النخيل في قضاء أبي الخصيب عبد الله
سلمان في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "غالبية المزارعين في القضاء انصرفوا عن مهنة الزراعة الى أعمال أخرى لأن زراعة النخيل انحسرت بشكل كبير ولم تعد مجدية اقتصادياً ولا الظروف البيئية ملائمة لها"، موضحاً أن "المزارعين وأصحاب بساتين النخيل في حيرة من أمرهم، فهم إذا سقوا نخيلهم سوف تتضرر أو تموت من ملوحة المياه، كما تفسد المياه المالحة خصوبة التربة، وإذا تركوا نخيلهم بلا سقي فانها تموت من الجفاف".
يذكر أن
محافظة البصرة كانت حتى عهد قريب تحتوي على 140 صنفاً من النخيل من أصل 650 صنفاً في جميع المحافظات العراقية، لكن زراعة النخيل شهدت خلال العقود الثلاثة الماضية تدهوراً كبيراً، حيث تراجعت أعداد النخيل من 33 مليوناً مطلع العقد الثامن من
القرن الماضي إلى أقل بقليل من ثلاثة ملايين خلال المرحلة الحالية، والكثير من أشجار النخيل القائمة لم تعد مثمرة لقدمها وتضررها من جراء الحروب المتكررة، والآفات الزراعية، وظواهر الجفاف وملوحة المياه وموجات الحر التي عصفت بالواقع الزراعي في الأعوام الأخيرة، وقد إنعكس هذا الحال سلباً على تجارة التمور، بحيث أصبحت البصرة من المحافظات المستوردة للتمور من
إيران والكويت والسعودية ومصر بكميات كبيرة بعد أن كانت المحافظة أكبر منتج ومصدر على مستوى العالم لأجود أنواع التمور، ومنها البرحي، الحلاوي، الخضراوي، الساير، البريم.
يشار الى أن
مجلس محافظة البصرة أصدر في (9 نيسان 2014) قانوناً محلياً للحفاظ على ما تبقى من أشجار النخيل وتنمية هذا النوع من الأنشطة الزراعية، وينص القانون تقديم دعم وتسهيلات الى مزارعي النخيل ومنتجي التمور، كما يفرض عقوبات صارمة على الذين يلحقون الضرر ببساتين النخيل من خلال تجريفها، وبالرغم من أهمية القانون إلا أنه لم يطبق لغاية الآن.