وتتحدث الفتاة التي رفضت الكشف عن أسمها، لـ
السومرية نيوز، عن بدايات علاقتها بذلك الشخص، حيث تقول أنها في إحدى الليالي نشرت مقطعاً مصوراً كوميدياً على خاصية "ستوري" في تطبيق إنستغرام، فرد عليها أحد متابعيها.. أخذ الكلام يطول واستمر لثلاث ساعات "تعارفنا على بعض وتناولنا موضوعات مختلفة".
وبينت، أن ذلك الشاب واصل الحديث معها في الأيام التالية وكان دائماً ما يغرقها بالحديث الجذاب، والاهتمام بكل التفاصيل "جعلني أثق به تماماً.. حتى صرت أبعث له صوري في الجامعة وفي المنزل وأثناء الطبخ والتنظيف"، مشيرة إلى أنها وقعت في حبه واستمرت معه نحو عام كامل.
واستغربت الفتاة أنه مع مرور الأيام بدأ الشاب يمارس الابتزاز "وضعني أمام خيارات: نشر الصور، أو علاقة جنسية، أو مبلغ قدره 5 ملايين دينار".
وعن ردها في تلك اللحظة، قالت الفتاة أنها لم تستسلم لمساوماته، وقامت بتهديده بإبلاغ
الأجهزة الأمنية المختصة لاسيما أنها تملك صوره وتعرف مكان إقامته ودراسته.
إحصائيات
يشهد
العراق بشكل لافت تصاعداً مطرداً في جرائم الابتزاز الإلكتروني، تمارسها عصابات وأفراد، تجني من ورائها مئات الدولارات. لكن في المقابل، دائما ما تحبط الأجهزة الأمنية عمليات ابتزاز وتطيح بمبتزين في مناطق متفرقة من البلاد.
وفي هذا الصدد، يقول مدير علاقات وإعلام الشرطة المجتمعية التابعة لوزارة الداخلية، عبد الحافظ
الجبوري، في حديث لـ
السومرية نيوز، إن "العراق سجل لغاية شهر تشرين الثاني من العام الجاري 1950 حالة ابتزاز الكتروني"، مبيناً أن أكثر هذه الحالات استهدفت الفتيات.
ويلفت الجبوري إلى أنه "تم تسجيل حالات ابتزاز نساء لرجال، وأزواج لأزواجهم، أو لطليقاتهم، وكذلك ابتزاز خوات لأخواتهن".
إجراءات الردع
وعن إجراءات ردع ظاهرة الابتزاز، يشدد مدير علاقات وإعلام الشرطة المجتمعية على "الوعي المجتمعي، الوعي بالتكنولوجيا الحديثة وعدم التعويل على العلاقات القائمة على العالم الافتراضي".
ويشير إلى أن مفارز من المجتمعية تجري حملات توعوية في الجامعات والمدارس
الثانوية والمتوسطة، كذلك عقد ندوات بهذا الشأن.
وإذ يدعو الجبوري، المواطنين إلى أن "يعوا خطورة هذه الجرائم، ويبلغوا عنها فور وقوعها"، فأنها يؤكد "حدوث حالات انتحار وجرائم قتل بذريعة غسل عار او قضايا شرف؛ بسبب عمليات الابتزاز".
ويبدو أن جهل الكثير وخاصة النساء، في أمور مواقع التواصل الاجتماعي سهل من اختراق الخصوصيات وبالتالي حدوث الابتزاز. ووفقاً لاستبيان أجرته منظمة "الخط الإنساني للتنمية المستدامة"، فإن أكثر من 90% من النساء لا يعلمن كيف يستخدمن برامج التواصل بصورة صحيحة.
مشروع قانون.. مؤبد وإعدام
الخبير القانوني
علي التميمي يوضح بأن هناك مشروع
قانون الجرائم الإلكترونية الذي يتكون من 31 مادة، تركز على أنواع هذه الجرائم وطريقة الوصول لها وكيفية معالجتها.
ويقول
التميمي لـ السومرية نيوز، إن "العقوبات التي تحدثت عنها المادة ٣ من المشروع والتي تصل إلى المؤبد والإعدام، ومن هذه الجرائم الماسة بأمن البلد أو انتحال الصفات والاستدراك والاحتيال والقرصنة واختراق الحسابات..الخ، ويلاحظ أن الجرائم مستوحاة من قانون العقوبات وقوانين أخرى وغسيل الأموال، والقانون ركز على الواجبات دون الحقوق".
ويكمل حديثه، "لا مشكلة في التكييف القانوني للأفعال، لكن المشكلة في التحقيق وطرق الوصول إلى الجرائم التي تحتاج إلى متخصصين تحقيقياً ومحاكمة"، مشيراً إلى أنه "قد صدر مثل هذا القانون في مصر والأردن وفلسطين وعرض فيها على الرأي العام واشبع اراءً حتى شرع".
وعما يحتاجه هذا القانون، يقول "أنه يحتاج أن لا يخالف الدستور في الحقوق المدنية والسياسية، وان لا يخالف المواثيق الدولية (الإعلان العالمي، والميثاق الدولي)، وأن يستضيف البرلمان مختصين قبل تشريعه".
الأسباب والدوافع
ترى الباحثة الاجتماعية، ابتسام الشمري، في حديث لـ السومرية نيوز، أن ثمة أسباب وراء تفشي ظاهرة الابتزاز الالكتروني.
وأبرز تلك الأسباب، بحسب الشمري، هي البطالة "لا عمل لدى الشباب، ما يدفع لقضاء الوقت على
الانترنت فيدخلون على الفتيات والعائلات ثم التوجه نحو جريمة الابتزاز".
وتتم حديثها، "التنشئة الأسرية الخاطئة أيضاً سبب من أسباب ارتكاب جرائم الابتزاز الالكتروني، ناهيك عن الطمع بالوصول لموضوع معين مسرقة بنك أو سرقة معلومات مهمة أو مستندات تتم عبر الابتزاز".
وتعتقد الشمري، أن "السبل القانونية هي الأهم في مواجهة هذه الظاهرة"، مبينة أن "هناك عقوبات في
القانون العراقي تخص جرائم الابتزاز، لكنها لا تفي بالغرض".
من جانبها، تقول الباحثة النفسية آيات
الصافي، إن "المبتز الألكتروني في جل أغراضه هو بالأساس يعاني من مشكلة نفسية ما فيرمي عقده وما يعانيه على من هم في حياته فيقوم بإبتزازهم".
وتضيف الصافي في حديث لـ السومرية نيوز، "ليس من المعقول شخص عاقل وواعي يستلذ بأذية الآخرين ويرى فيها ما يشده، يحاول إرضاخ الضحية لأوامره كي يسد نقصه".
أما تأثير ذلك على الضحية، فتؤكد أنه "مؤلم وصعب ويدخلها في حالة من التوتر والقلق والخوف مما يؤثر سلباً على الحالة النفسية بالمرتبة الأولى وقد تصل للإنتحار! ناهيك عن مشاعر الصدمة وكيفية التعايش مع الموضوع فيما بعد وآثاره الوخيمة على السلوك والطباع وقلة الثقة بالنفس وبالآخرين والخوف والهلع من الناس بشكل عام والجنس الآخر بشكل خاص".