ومع ذلك، دعا القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام، القوى السياسية جميعا إلى تضمين ملف التصحر ومعالجة مشكلة المياه ضمن الأولويات الاستراتيجية في اي برنامج حكومي او مبادرة يتم طرحها لتشكيل الحكومة.
وقال سلام لـ
السومرية نيوز، إن "جميع دول العالم دخلت في حرب المياه منذ تسعينات
القرن الماضي وأصدرت العديد من المنظمات الدولية والاقليمية والمحلية تحذيرات عن خطورة الوضع المائي في العراق والذي بدأنا نرى نتائجه على الارض من حالة الجفاف التي يعيشها نهري دجلة والفرات وموت المواشي والمساحات الزراعية والعواصف الترابية المتكررة وحالة التصحر واتساع المساحات الجافة".
وأضاف سلام أن "جميع المبادرات التي طرحت من جميع الحكومات السابقة للاسف لم ترتقي الى مستوى التحدي والخطر، ونفس الخطأ نراه اليوم في إهمال هذا الملف في جميع المبادرات التي تطرح لشكل الحكومة المقبلة أو اولوياتها وكل ما نراه هو حلول سطحية ترقيعية لا ترتقي الى حجم المشكلة والتحدي".
وشدد على "اهمية ان يكون ملف المياه ومعالجة التصحر هو الملف الأول والاستراتيجي في جميع الحوارات التي تجري حاليا و مستقبلا والعمل على تشكيل لجنة عليا من وزارات الموارد المائية والمالية والزراعة والخارجية في
بغداد والاقليم وبرئاسة رئيس الحكومة تمنح صلاحيات مطلقة وتعمل على وضع معالجات بفترات زمنية واضحة غير قابلة للتمديد وإنشاء
صندوق سيادي للمياه"، محذرا من "
كارثة صحية وبيئية وانسانية سيتعرض لها العراق خلال السنوات القليلة المقبلة في حال الاستمرار بالصراعات السياسية وترك المعالجات لملف المياه".
من جهته، دعا المراقب للشأن البيئي
يوسف سلمان، جميع القوى السياسية والحكومات المتعاقبة الى الإقرار بالفشل والمسؤولية في اهمال ملف المياه والتصحر وإيصال العراق الى ما وصل إليه من تصحر وجفاف للانهر، مشددا على ان العراق يواجه أزمة وخطراً حقيقياً لا يقل عن خطر الإرهاب وتفشي
المخدرات والأمن الغذائي مع غياب المعالجات الواقعية.
وقال سلمان في حديث لـ
السومرية نيوز، إن "قضية التصحر والمياه هي ملفات شائكة وحساسة لا تقل خطورة عن ملف الصراعات السياسية الذي انشغلت به الكتل"، مبيناً أن "مشكلة المياه ليست وليدة اليوم، وهناك تحذيرات وتقارير دولية أطلقتها مختلف الجهات المحلية والإقليمية بأن العراق مقبل على كارثة بيئية وأزمة تصحر، وهو موضوع لا يبتعد عن الملف السياسي".
وأضاف، أن "جميع الحكومات المتعاقبة كان عليها إيلاء ملف المياه أهمية استثنائية باعتباره ملفا سياديا وتداعياته خطيرة على الوضع الاقتصادي الوطني وحياة المواطنين بشكل مباشر، خصوصاً وأن جميع المؤشرات تنذر بأن السنوات المقبلة ستشهد تداعيات أكثر خطورة، وملامح اشد خطورة، ونشاهد اليوم تعالي الأصوات لتدارك ما يمكن انقاذه رغم انها متاخرة لعدم وجود استجابة حكومية او سياسية لها".
وأوضح، أن "المبادرات التي أُطلقت على مدى الحكومات المتعاقبة وليس فقط الآن، كانت خجولة وتركزت على الجوانب السياسية والامنية، وأغلبها لم تقدم رؤية حقيقية لمعالجة وضع الاقتصاد العراقي والنهوض بالقطاعات البيئية ومعالجة ملف المياه وكان التلكؤ والإهمال لهذه الملفات هي السمة الأبرز لجميع المبادرات".
وتابع أن "الإهمال تتحمله جميع الحكومات دون استثناء، كونها تغاضت وتباطأت كثيرا في معالجة ملف المياه والبيئة وتم ركنه جانبا، وجميع الحلول المطروحة من
وزارة الموارد المائية فهي معالجات خجولة، ولا ترقى إلى مستوى الطموح وجاءت متأخرة وكان من المفترض ان يكون هذا الملف اولوية قصوى لجميع الحكومات".
وشدد على أن "ملف المياه لم يلقَ أولوية من جميع القوى السياسية، ولم يتم وضع هذا الملف ضمن الحوارات وشروط تشكيل الحكومة المقبلة".
وتابع أن "العراق يواجه ازمة وخطرا حقيقيا لا يقل عن خطر الإرهاب وتفشي المخدرات والأمن الغذائي، ولم نجد أي معالجات حقيقية، والعراق سيكون على حافة الهاوية في السنوات المقبلة نتيجة غياب التخطيط المسبق لمعالجة هذا الملف وقضية الايرادات المائية وحصة العراق من نهري دجلة والفرات وقضية التصحر التي ما زالت جميعها تراوح في مكانها دون حلول حقيقية يلمس منها المواطن نتائج ايجابية وتقدم في الاجراءات في وقت ان هذا الملف أصبح عالميا وبنهج مدروس وبرامج واقية لمعالجة التصحر وازمة المياه"، داعيا الجميع الى "الإقرار بالفشل والمسؤولية في اهمال ملف المياه والتصحر وايصال العراق الى ما وصل إليه من تصحر وجفاف
الأنهار".
من جانبه فقد انتقد المراقب للشأن السياسي عمر البدراني، انشغال القوى السياسية بملف تشكيل الحكومة والكتلة الأكبر والتغاضي عن خطر محدق يواجهه الشعب العراقي باتساع حالة التصحر وجفاف مساحات شاسعة من الانهر والبحيرات.
وقال البدراني في حديث للسومرية نيوز، إن "القوى السياسية ما زالت على خطواتها السابقة والمراوحة في نفس المكان على ملف تشكيل الكتلة الاكبر والحكومة في رؤية تصب لمصالحهم بعيدا عن مصلحة الشعب الذي يواجه أزمات متلاحقة ابتداءً من الأزمة الصحية ثم الاقتصادية واليوم يواجه ازمة المياه والتصحر وازمات غير محسوبة النتائج".
وأضاف البدراني ان "اغلب دول العالم وضعت خططا استراتيجية مستقبلية لمواجهة حالات التغيير في المناخ، بعكس العراق الذي لا نجد فيه أي خطط مدروسة او معالجات تطرح، تُبعد البلاد عن تأثيرات هذه الأزمة التي باتت واضحة العيان من خلال جفاف الكثير من المسطحات المائية ومناطق شاسعة من نهري دجلة والفرات".
وتابع ان "ما نتمناه أن ينتبه المتصدين للمشهد العراقي السياسي والخدمي الى هذه المخاطر وأن يتم وضع المشاكل السياسية والعجز عن تشكيل الحكومة جانبا، ولو لفترة وجيزة والانتباه لهذا الخطر المحدق نتيجة للتغيرات المناخية ووضع خطط تنقذ البلد أو على الأقل تقلل من حجم الضرر البيئي الذي يواجه البلد".
وإلى جانب تحذيرات البيئيين، حذّر مواطن في
محافظة ميسان، من حدوث ثورة شعبية في حال استمرار الإهمال للوضع الصعب الذي تعيشه محافظات الوسط والجنوب نتيجة التصحر وجفاف الأنهار وما نجم عنه من انحسار المناطق الزراعية وموت المواشي والحقول.
وقال علي حسن العماري في حديث للسومرية نيوز: "وضعنا في المحافظة صعب جداً، ومأساوي من ناحية الجفاف وشح المياه والكثير من اصحاب الاراضي الزراعية هجروها واتجهوا الى المدن للبحث عن اعمال اخرى، والاراضي كانت تعطي مساحة عمل كبيرة للشباب لكن تلك المناطق تعاني الجفاف وانحسار الأمطار للموسم الثالث على التوالي".
وبيّن أن "ما نأسف له هو عدم اهتمام الحكومة في معاناتنا وهنالك تعذر من بعض القيادات السياسية بعدم وجود قرار لهم رغم اننا نعلم ان تلك القيادات واكبت الازمات السابقة ولم تقدم اي حلول ولم تضغط على الحكومة لتلافي جفاف الانهار".
وأضاف، أن "الحكومة والأحزاب السياسية منشغلة بالتناحر فيما بينها على المناصب وتركوا همومنا على جنب دون اهتمام ونخشى حصول ثورة شعبية نتيجة لهذا الإهمال"، مضيفاً: "نسمع وزارة الري أنها توصلت لتفاهمات مع
تركيا وسوريا لكن هل أن هذا هو الحل المطلوب؟ وهل نبقى تحت
رحمة تلك الدول فأمامنا الاردن ليس لديها انهر أو مصبات مياه ورغم ذلك فهي تصدر المحاصيل الزراعية ولديها اكتفاء ذاتي زراعيا في العديد من المحاصيل".
وتابع: "منذ عام 2003 وحتى اليوم لم نسمع أي مشاريع كبرى في الجانب الزراعي والمائي او انشاء سدود للاستفادة من المياه، برغم وجود العديد من الحلول على الورق والدراسات دون تطبيق عملي لأن الأحزاب منشغلة بالتناحرات السياسية".