وذكر التجمع في البيان الموجه الى رئاسة
مجلس الوزراء والمحكمة
الاتحادية العليا ومجلس النواب، إننا، في تجمع طلبة العلوم الدينية في
البصرة الفيحاء، نُعبر عن قلقنا واستهجاننا لما أقدمت عليه الحكومة المحلية في البصرة من رفع دعوى قضائية ضد سماحة الشيخ عبد الغفار العوضي، أحد أعلام قضاء المدينة المعروفين، لا لشيء إلا لأنه قاد تظاهرات سلمية تطالب بأبسط الخدمات، وهي مطالب لا تخصه وحده، بل تمثل ضرورات حياتية بلسان مئات الآلاف من أبناء هذه المحافظة المعطاء المحرومة. وكذلك فإن ما يثير استنكارنا أن الدعوى المقامة قد صيغت باتهام مباشر بـ"التحريض على التظاهر"، وكأن المطالبة بالحقوق أصبحت تهمة، والسكوت عن الظلم أمسى فضيلة!.
وأضاف إن هذه القضية تجاوزت شخص سماحة الشيخ العوضي، لتبلغ مقام العمامة ذاتها، التي ظلت على مدى قرون صوتَ الأمة، ولسانَ الحق، ودرعَ المستضعفين، ومصباحَ الهُدى في أحلك العصور. والعمامة التي يُراد اليوم إسكاتها، هي ذاتها التي أطفأت نار الفتنة، ورفعت شعار السلم، ودافعت عن الوطن حين تآمر المتآمرون، ووقفت حين تخاذل المتنفذون، وتقدّمت إلى ميادين الإصلاح بينما كان يعبث المفسدون.
وبين التجمع إن محاولات محاكمة رجال الدين، وتقييد حركتهم الاصلاحية، ومحاولة تطويق دورهم الرسالي في التعبير عن المظالم، هي سابقة لا يمكن تبريرها تحت أية ذريعة، وهي بمثابة تهديد مباشر لكل رجال الحوزة العلمية من اساتذة وأئمة جماعة وخطباء المنبر، بل لكل من اختار طريق الدفاع عن الناس دون تملّق للسلطة أو تواطؤ مع الفساد. وإننا نذكّر أصحاب القرار في
العراق بأن العمامة لا تُستدعى إلى المحاكم، بل يُستمع إليها، وتُوقّر، وتُقدَّر، لأنها
الرمز الذي التف حوله شعبنا حين تقطّعت به السبل، وهي الصوت الذي صان الدولة حين تمزّق ولاء بعض ساستها.
ولذلك فإننا نعلن – بحسب البيان - ما يلي:
أولًا: نحمّل الجهات التي رفعت الدعوى ضد سماحة الشيخ مسؤولية فتح باب استهداف العمامة الحوزوية، وندعوها إلى سحب الدعوى فورًا، والاعتذار من أبناء قضاء المدينة المجاهدة المضحية.
ثانيًا: ندعو رئاسة مجلس الوزراء إلى فتح تحقيق عاجل في ملابسات هذه الدعوى، ومحاسبة من يقف خلفها إن كانت بدوافع سياسية أو سلطوية تهدف لإسكات الصوت الديني.
ثالثًا: نطالب
المحكمة الاتحادية العليا باتخاذ موقف واضح وصريح لحماية حرية التعبير التي كفلها الدستور، وخاصة الخطاب الديني الذي يحمل مسؤولية شرعية وأخلاقية في المطالبة بحقوق الناس.
رابعًا: ندعو
مجلس النواب العراقي إلى سنّ تشريعات تحصّن العلماء والخطباء الناطقين بمظلومية الشعب، المطالبة بإنصافه، من الملاحقات الكيدية، وتمنع عسكرة المواقف الشعبية أو تجريمها تحت ذرائع واهية.
خامسًا: نهيب بكافة العلماء، والهيئات
الشرعية، والحوزات العلمية، والمؤسسات الدينية، والمواكب والهيئات الحسينية، أن يعلنوا موقفًا صريحًا في نصرة عمامة الحق، ورفض استهدافها تحت أي عنوان أو ظرف.
سادسا: ندعو
الحكومة المركزية والحكومة المحلية، إلى الاهتمام الجدي بمطالب الشعب الذي يعيش في وطن قد غمره الله بالنعم وبمختلف انواع الثروات الطبيعية.. بينما يعيش محروما من الماء العذب وغير ذلك من أبسط الخدمات، ويتعذب ابناءه بالبطالة وهم ينظرون الى اتباع الدول الأجنبية وهم يرفلون بنعيم المنشآت النفطية العراقية وبرواتب عالية.
وأكد التجمع، على أننا لا ندافع عن شخص، بل عن عنوان ومقام، ولسنا نستنكر إجراءً قانونيًا بعينه، وانما نحذّر من انحدار خطير نحو تجريم صوت الإصلاح وتحييد العمامة عن ميدانها الطبيعي. وإن صوت العمامة الحوزوية، سيبقى، ما بقي الليل والنهار، شاهداً على الحق، وخصمًا للباطل، وصوتًا لا يخمد في زمن الصمت.
ويُعد الشيخ عبد الغفار العوضي من أبرز وجهاء شمال البصرة، وله حضور فاعل في الحراك الاجتماعي والسياسي في قضاء المدينة والمناطق المحيطة، وقد تصاعدت حدة التوتر بينه وبين الحكومة المحلية خلال الأيام الأخيرة، والتي بدأت بتردي الواقع الخدمي والمعيشي، وتطورت إلى تحميل محافظها أسعد العيداني، مسؤولية صدور استقدام قضائي بحق عبد الغفار العوضي.
وكانت
محكمة تحقيق قضايا النشر والإعلام في البصرة، أصدرت أمراً باستدعاء العوضي، للتحقيق في تهم تتعلق بـ"التحريض على التظاهر ضد الحكومة المحلية"، بناءً على شكوى مقدمة من "
ديوان محافظة البصرة".
وشهد قضاء المدينة شمالي محافظة البصرة، الاثنين، تظاهرة احتجاجية للمطالبة بإلغاء الدعوى القضائية بحق الشيخ عبد الغفار العوضي، مؤكدين أنه لم يقم إلا بالمطالبة بحقوق أهالي القضاء، ولم يقم بانتهاك القانون، وهدد الأهالي بأنهم سيحولون احتجاجاتهم إلى اعتصام مفتوح، حتى يتم الاستجابة لمطالبهم.
وأعلن محافظ البصرة، أسعد العيداني، أمس الثلاثاء، عن توجيهه القسم القانوني في ديوان المحافظة، للتنازل عن دعوى قضائية مرفوعة ضد الشيخ عبد الغفار العوضي، وذلك خلال مشاركته في حفل تأبيني أقيم للشيخ رشاش الإمارة.
وتعيش مناطق شمال البصرة، منذ أسابيع، أزمة حادة في المياه الصالحة للشرب، وسط مطالبات متكررة للجهات الحكومية بالتدخل السريع، خصوصا في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وغياب بدائل مستدامة.