فقد كشفت تقارير عن تورط هذه الشركة في عمليات واسعة لغسيل الأموال وتهريب العملة الصعبة، خصوصًا الدولار الأميركي، إلى خارج
العراق، مستخدمة واجهات تجارية وإعلانية لتغطية تحركات مالية غير قانونية جرت على مدى سنوات.
صعود سريع.. وتوسع مشبوه
ومنذ انطلاقها قدمت الشركة نفسها كأحد اللاعبين الكبار في مجال إنتاج المواد الترويجية، وتنظيم الحملات الإعلانية، وشراء المساحات الدعائية على الشاشات والصحف والمنصات الرقمية. وخلال فترة قصيرة، حصلت على عقود ضخمة مع شركات اتصالات بارزة، ومصارف خاصة، ومؤسسات إعلامية، إلى جانب تعاقدات مباشرة مع جهات حكومية.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن عائدات الشركة في بعض السنوات بلغت ملايين الدولارات، لكن دون وجود شفافية واضحة حول مصادر هذه الأرباح أو تفاصيل العقود المرتبطة بها.
ما أثار علامات الاستفهام، هو "التوسع المفاجئ وغير المبرر" في حجم أصول الشركة، حيث قامت بافتتاح مكاتب فاخرة داخل وخارج البلاد، وامتلكت سيارات حديثة واستثمارات في قطاعات العقارات والتجارة الخارجية، دون أن تتوفر وثائق تبرر هذه الطفرات المالية.
تهم خطيرة.. وصفقات وهمية
ووفقًا لمصادر حكومية وتسريبات إعلامية، يواجه
المدير العام للشركة "ج. ك" اتهامات تتعلق بغسيل الأموال وتهريب العملة الأجنبية، حيث يُعتقد أن الشركة اعتمدت على صفقات تجارية وهمية وفواتير مضخّمة لتبييض أموال مصدرها غير مشروع.
وتشير المعلومات إلى أن "الشركة اشترت كميات كبيرة من الدولار من السوق السوداء، ثم حولتها إلى الخارج عبر شركات تحويل وصيرفة محلية ودولية، تحت غطاء نشاطات تجارية وهمية مثل الاستيراد والتسويق".
والأخطر من ذلك، بحسب مصادر رقابية، أن "هناك شبهات بتلاعب في عقود دعائية أُبرمت مع جهات حكومية، تضمنت مبالغ كبيرة مقابل خدمات إعلامية لم تُنفذ أصلًا، أو كانت مُبالغًا في تقدير قيمتها، ما فتح باب الشك بوجود عمولات سياسية وامتيازات خفية".
فتح تحقيقات وتقييد مالي
وبدأت التحقيقات الرسمية بالفعل، حيث باشرت جهات حكومية بفتح ملف خاص حول الشركة ومديرها، في حين أصدر
البنك المركزي العراقي قرارات تقضي بتقييد تعاملات الشركة المالية مع عدد من المصارف، بعد ملاحظة تحركات غير منطقية في حساباتها البنكية.
وأكدت مصادر مطلعة أن "جهاز مكافحة غسيل الأموال يتابع القضية بالتنسيق مع شركاء دوليين، في محاولة لرصد مسارات التحويلات التي يُعتقد أن جزءًا منها جرى عبر الإمارات وتركيا ولبنان والأردن".
لا إدانة حتى الآن.. لكن الأنظار تترقب
وحتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم يصدر حكم قضائي نهائي ضد الشركة أو مديرها، إلا أن المؤشرات الحالية تدل على تشعب القضية وتعقيدها، ووجود شركاء محليين ودوليين محتملين متورطين في هذه الشبكة.
ارتدادات داخل سوق الإعلان.. وتحرك تشريعي
وقضية هذه الشركة سلطت الضوء على ضعف الرقابة في قطاع الإعلان، ما دفع الجهات الرقابية إلى تدقيق سجلات كبرى الشركات العاملة في السوق المحلي، والتأكد من مصادر تمويلها وآلية حصولها على التراخيص والعقود.
كما ظهرت دعوات داخل البرلمان لتعديل قوانين تنظيم عمل الشركات الإعلانية، ووضع ضوابط صارمة على حركة أموالها وتوسعاتها الخارجية.
الإعلام كغطاء للتهريب.. سابقة خطيرة
وإذا ما ثبتت التهم، فإن القضية ستفتح ملفًا حساسًا في استغلال الإعلام كواجهة لعمليات غير مشروعة، وتؤكد الحاجة الملحة إلى نظام رقابي مالي وإعلامي أكثر شفافية ونزاهة في العراق.
ويُنتظر في الأسابيع المقبلة أن يُكشف رسميًا عن اسم الشركة، في واحدة من القضايا التي تمزج بين المال والسياسة والإعلام، والتي يُتوقع أن تكون لها تداعيات واسعة على المشهد الاقتصادي والرقابي في البلاد.