هذا الوضع جعل المنافسة محدودة، والأسعار أعلى من دول الجوار، مع تباين واضح في جودة الخدمة بحسب تقارير
هيئة الإعلام والاتصالات في
العراق.
في 31 اب 2025، أعلن
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني رسمياً تأسيس الشركة الوطنية للهاتف النقال كشركة مساهمة عامة، مملوكة لثلاث جهات حكومية هي: صندوق تقاعد موظفي الدولة، والمصرف العراقي للتجارة (TBI)، وشركة السلام العامة التابعة لوزارة الاتصالات، وأكدت الحكومة أيضاً نيتها طرح جزء من أسهم الشركة لاحقاً للاكتتاب أمام المواطنين لتعزيز المشاركة الشعبية في رأس المال وفقاً لما نقلته وسائل إعلام محلية.
شراكة مع فودافون: خبرة عالمية دون تنازل عن الملكية
اختارت الحكومة شركة فودافون كشريك تقني وتشغيلي بعد مفاوضات طويلة.
الشراكة جاءت وفق نموذج Partner Market (السوق الشريك) الذي يمنح العراق استخدام العلامة التجارية لمدة 20 عاماً، مع تقديم فودافون خدمات فنية وتجارية وتدريبية مقابل رسوم ثابتة. ولا تمتلك شيئاً من الأسهم، ما يحافظ على ملكية الشركة بيد
الدولة العراقية.
كما ستتولى فودافون الإشراف المباشر على التشغيل والتدريب لفترة تمتد بين 7 و10 سنوات، بهدف نقل الخبرة العالمية إلى الكوادر العراقية حتى تتمكن من إدارة الشبكة بكفاءة لاحقاً، وهذه الصيغة تُعتبر نقطة قوة، لأنها تضمن الاستفادة من خبرة
شركة عالمية دون الوقوع في فخ السيطرة الأجنبية.
الفوائد الاقتصادية للعراق
وجود مشغّل وطني يعني أولاً أن أرباح القطاع لن تذهب فقط للشركات الخاصة، بل ستعود مباشرة إلى
خزينة الدولة وصندوق التقاعد، وهو ما أكدت عليه
وزارة الاتصالات عند توقيع عقد التأسيس. هذا ينعكس على استدامة دفع الرواتب التقاعدية وربما تحسينها مستقبلاً.
إلى جانب ذلك، فإن المشروع يمثل نقلة في سياسة تنويع الإيرادات غير النفطية، إذ يُضيف قطاع الاتصالات كمصدر دخل مهم إلى جانب النفط.
كما حصلت الشركة على حق إطلاق شبكة الجيل الخامس (5G) بشكل حصري لمدة ثلاث سنوات. هذه التقنية ليست مجرد خدمة للمشتركين الأفراد، بل ركيزة لتطوير قطاعات النفط والغاز، الصناعة،
الصحة الرقمية، التعليم عن بعد، والمدن الذكية. فزمن الاستجابة المنخفض وسرعات البيانات العالية يفتحان الباب أمام تطبيقات اقتصادية جديدة ستدعم النمو المحلي.
إضافة لذلك، فإن دخول مشغّل رابع مدعوم من الدولة يدفع الشركات الثلاث الأخرى إلى إعادة تقييم استراتيجياتها.
الحكومة صرّحت أن الهدف هو إشعال المنافسة لمصلحة المواطن، ما يعني أن السوق ككل سيستفيد عبر ضخ استثمارات جديدة في البنية التحتية وخفض الأسعار.
الفوائد المباشرة للمواطن
بالنسبة للمواطن العراقي، يَعِد المشروع بتحسين ملموس في الحياة اليومية. أول الفوائد هي الخدمة الأسرع والأكثر استقراراً. تقنية توفّر سرعات إنترنت مضاعفة عشرات المرات مقارنة بالجيل الرابع، مع مكالمات أوضح وفيديو مستقر دون انقطاع.
ثاني الفوائد تتعلق بالأسعار، فوزارة الاتصالات أكدت أن الشركة الوطنية ستطرح باقات أقل كلفة من أسعار السوق الحالية، مع امتيازات خاصة للمتقاعدين كون صندوقهم مساهماً في رأس المال، ما يخفف العبء المالي عن العائلات ويجعل الاتصالات أكثر
عدالة.
الفائدة الثالثة هي توفير خيار جديد للإنترنت المنزلي اللاسلكي عبر شبكة 5G، كبديل عن شبكات Wi-Fi المحلية الضعيفة التي يعاني منها الكثير من العراقيين.
إلى جانب ذلك، هناك بُعد سيادي وأمني مهم. لأول مرة يعرف المواطن أن بياناته تُدار وتُخزّن داخل العراق تحت إشراف حكومي مباشر، ما يقلل من مخاطر التحكم الخارجي ويمنحه ثقة أكبر بالخصوصية.
وأخيراً، المشروع يفتح فرص عمل حقيقية للشباب العراقي. وزارة الاتصالات أعلنت أن المئات من
الخريجين سيُدرّبون ويوظّفون في الشركة الجديدة، ما يعني تقليل البطالة وبناء رأس مال بشري وطني في قطاع متطور.