دراسة مختلفة ومعايير أعلى
طلبة مدارس المتميزين في
العراق يخضعون لنظام دراسي مكثف يعتمد على مناهج علمية متقدمة وطرائق تدريس حديثة، ويخضعون منذ المراحل الأولى لاختبارات قبول دقيقة تهدف إلى انتقاء الطلبة الأكثر تفوقاً من عموم المحافظات.
ويؤكد تربويون أن هذه المدارس صُممت لتكون حاضنة للكفاءات العلمية التي يمكن أن ترفد الجامعات العراقية والنظام التعليمي بطلبة متميزين يمتلكون قدرات بحثية وابتكارية عالية.
ويقول
الأستاذ الجامعي قيس
العبيدي ل
السومرية نيوز "مدارس المتميزين تمثل مشروعاً وطنياً لصناعة العقول، ومن غير المنصف أن يُعامل طلبتها في
القبول الجامعي بالطريقة ذاتها التي يُعامل بها خريجو المدارس العامة، لأنهم يدرسون مناهج أصعب بسنوات دراسية مكثفة"، مشيراً إلى أن "الطالب في هذه المدارس يدرس مواد علمية تفوق مستوى الصف الذي هو فيه، ما يتطلب مراعاة ذلك في مفاضلة القبول".
إلغاء قناة القبول الخاصة
حتى وقت قريب، كانت هناك قناة قبول خاصة بطلبة مدارس المتميزين تمكّنهم من الالتحاق بالكليات العلمية والتقنية المرموقة، إلا أن هذه القناة ألغيت ضمن التعديلات التي طرأت على تعليمات القبول المركزي في السنوات الأخيرة.
ويصف عدد من أولياء الأمور هذا الإجراء بأنه "ضربة لمبدأ العدالة الأكاديمية"، إذ يقول المواطن
حيدر كريم، والد إحدى الطالبات المتخرجات من مدرسة المتميزين في
بغداد: "ابنتي كانت تدرس مواد متقدمة في
الفيزياء والكيمياء والرياضيات، لكنها اليوم تنافس طلبة لم يدرسوا نصف ما درسته، فقط لأن الوزارة ألغت قناة المتميزين، وهذا غير منصف إطلاقاً".
موقف
وزارة التعليم العالي
من جانبها، تؤكد مصادر في
وزارة التعليم أن "قرار إلغاء قناة قبول طلبة المتميزين جاء في إطار توحيد معايير القبول وتحقيق العدالة بين جميع الطلبة"، موضحة أن "الوزارة ترى أن معيار المعدل وحده كافٍ لتحديد أحقية الطالب في القبول، دون الحاجة إلى قنوات استثنائية".
لكن أكاديميين يرون أن هذه المقاربة تحتاج إلى مراجعة، لأن العدالة الحقيقية — بحسب قولهم — "لا تعني المساواة المطلقة، بل مراعاة الفروق في طبيعة التعليم والجهد الدراسي المبذول".
مطالبات بإعادة النظر
وتتصاعد الدعوات من الأوساط التربوية والطلابية لإعادة قناة القبول الخاصة بطلبة المتميزين أو إيجاد بديل يضمن لهم امتيازاً يتناسب مع طبيعة دراستهم.
ويقول الطالب
محمد عدنان، أحد خريجي مدرسة المتميزين في
الموصل: "نحن درسنا مناهج أصعب، وتعرضنا لاختبارات علمية مستمرة، وكان الهدف أن نحصل على امتياز في القبول الجامعي، لكننا فوجئنا بأننا ننافس على المقاعد الجامعية مع الجميع بلا أي تمييز، وهذا يشعرنا بالإحباط".
خبراء يقترحون حلولاً وسطية
ويرى مختصون أن الحل الأمثل يتمثل في إعادة تفعيل قناة المتميزين ولكن وفق معايير دقيقة، مثل تخصيص نسبة محددة من المقاعد في الكليات العلمية لهم، أو اعتماد نظام نقاط إضافية في المفاضلة النهائية، بما يوازن بين العدالة ومراعاة الجهد الأكاديمي المبذول في مدارس المتميزين.
ويختم الخبير التربوي
أحمد الهاشمي ان "العراق بحاجة إلى الحفاظ على هذه النخبة من الطلبة ودعمهم في مسار
التعليم العالي، لأنهم استثمار وطني في المستقبل العلمي والتكنولوجي للبلد، وأي قرار يهمّشهم سيكون له أثر سلبي على المدى الطويل".