هذا القرار، الذي كان يفترض أن يدعم الإنتاج المحلي، تحوّل – بحسب مختصين – إلى نافذة لتحقيق أرباح فاحشة على حساب المستهلك، في ظل غياب الرقابة وضعف ضمانات المنافسة العادلة.
ارتفاع غير مسبوق في الأسعار
تجار اكدوا لـ
السومرية نيوز أن "سعر كارتون البيض في أسواق الجملة وصل إلى 70 ألف دينار، وهو رقم قياسي قياساً بمعدلاته الطبيعية، حيث تشير المعطيات إلى أن هذا الارتفاع لا يعود إلى كلف الإنتاج، إذ تؤكد البيانات أن تكلفة إنتاج الكارتون الواحد لا تتجاوز 40 ألف دينار، ما يشير إلى وجود هامش ربح كبير نتج عن غياب المنافسة بعد منع الاستيراد".
تجار ومواطنون أعربوا عن استيائهم "من موجة الارتفاع"، مؤكدين أن "أسعار البيض لم تعد تتناسب مع القدرة الشرائية للأسر، وأن الأزمة باتت تُثقل كاهل ذوي الدخل المحدود الذين يعتمدون على البيض كمادة أساسية في غذائهم اليومي".
فجوة إنتاجية خطيرة… وقرار بلا دراسة
وبيّنت إحصائيات رسمية، حصلت عليها
السومرية نيوز، أن "الحاجة السنوية لسوق الاستهلاك العراقي تبلغ 10 مليارات بيضة، وذلك وفق كتاب
وزارة الصحة المرقم 104205 في 22/10/2024".
في المقابل، تظهر بيانات هيئة الإحصاء ونظم المعلومات الجغرافية أن "الإنتاج الوطني الفعلي لا يتجاوز 6 مليارات بيضة سنوياً".
هذه الأرقام تكشف وجود فجوة كبيرة في تلبية الطلب المحلي، تصل إلى 4 مليارات بيضة، وهي فجوة كان يفترض تغطيتها عبر الاستيراد المنظم. لكن قرار المنع، بحسب مختصين، فاقم الأزمة ومنح المنتجين المحليين "سلطة مطلقة" في التسعير دون رادع أو بديل منافس.
احتكار يتحكم بالسوق
خبراء اقتصاد يرون أن "سوق البيض أصبح خاضعاً لما يشبه اتفاقات السيطرة بين عدد محدود من الشركات الكبرى، التي تمتلك الحصة الأكبر من الحظائر ومشاريع الدواجن، ما جعلها قادرة على التحكم بالكميات المعروضة وفرض الأسعار دون وجود خط موازٍ يكسر الاحتكار".
ويؤكد مراقبون أن "غياب الرقابة الحكومية، وعدم مراقبة حركة الأسواق، وترك القرار بيد المتحكمين، أسفر عن أزمة سعرية انعكست مباشرة على المستهلك".
مطالبات بإعادة النظر بقرار المنع
مصادر حكومية أكدت لـ السومرية نيوز أن "ملف أسعار البيض مطروح حالياً على طاولة البحث داخل
مجلس الوزراء، وسط دعوات لإعادة دراسة قرار منع الاستيراد، خاصة في ظل العجز الواضح بالإنتاج المحلي".
ويطالب مختصون الجهة المسؤولة عن تأمين الخزين الاستراتيجي من المواد الغذائية، بـ"التدخل العاجل لإعادة التوازن إلى السوق عبر فتح الاستيراد بشكل سريع ومنظم، وهو ما اعتبروه الحل الوحيد لكسر الاحتكار وضمان استقرار الأسعار وحماية المستهلك".
الأزمة مستمرة… والمواطن يدفع الثمن
وفي وقت لم تُعلن الحكومة حتى الآن عن إجراءات عملية لمعالجة الأزمة، يبقى المواطن العراقي هو المتضرر الأكبر من ارتفاع الأسعار، في ظل تراجع القدرة الشرائية وغياب البدائل.
ويؤكد اقتصاديون أن "استمرار الوضع الحالي يعني بقاء الأسعار عند مستويات مرتفعة، وربما قابلة للزيادة، ما لم يتم فتح باب الاستيراد وإعادة ضبط السوق وفق آليات عادلة وشفافة".