السومرية نيوز/ كركوك
دعا مشاركون في المؤتمر الأول لمكونات كركوك، الخميس، إلى حل مشاكل المحافظة بروح الأخوة والتعايش المشترك واحترام الآخر بعيداً عن التدخلات الإقليمية وإجراء انتخابات مجلسها، وفي حين دعت حكومتها المحلية الجميع لعدم تسييس الدين للتوصل لرؤية مشتركة للمستقبل، أكدت على وجود ضمانات تمنع هيمنة أي مكون على شؤون المحافظة.
وقال رئيس أساقفة كركوك والسليمانية للمسيحيين الكلدان، لويس ساكو، في حديث لـ"السومرية نيوز"، على هامش المؤتمر الأول للقياديين من مكونات كركوك، الذي عقد اليوم، في قاعة كاتدرائية كركوك، إن "المشاركين في المؤتمر اقروا وثيقة العهد التي طرحتها، واتفقوا على حل مشاكل المحافظة بروح الأخوة والتعايش المشترك واحترام الآخر بعيداً عن التدخلات الإقليمية"، مشيراً إلى أن "المؤتمرين أقروا أيضاً ضرورة إجراء انتخابات مجلس المحافظة".
وأضاف ساكو، أن "وحدة الخطاب التي تجلت اليوم بين مكونات كركوك، تشكل دليلاً على حرصهم وتعايشهم وقدرتهم على إيجاد الحلول ومعالجة المشاكل التي لحقت بكركوك سواء من جراء سياسات النظام السابق أم ما تبعه من إحداث بعد العام 2003".
ولفت إلى أن "المسؤولية تحتم على مكونات كركوك كافة الشروع بالعمل حالاً لمعالجة أوضاعهم بالحوار الهادف والبناء وإعلاء روح المحبة والأخوة والشراكة".
وأوضح رئيس أساقفة كركوك والسليمانية للمسيحيين الكلدان، أن "وجودنا عرباً وكرداً وتركماناً وكلدوا آشوريين، في كركوك يعد رسالة متميزة وفرصة للتعبير عن أخوتنا ووحدتنا"، مؤكداً على ضرورة "بناء الثقة وإشاعة ثقافة الحوار واحترام الخصوصية بين مكونات كركوك لتعزيز أواصر علاقتهم وتحويل تنوعهم إلى عامل مضاف للقوة والبناء".
وبارك ساكو "عقد المؤتمر الذي جمع مكونات كركوك كافة"، معرباً عن أمله أن "يسهم في تهيئة أرضية ملائمة للحوار من خلال الهيئة التي انبثقت عنه بما يفضي لحل مشاكل المحافظة".
وعقد المؤتمر الذي حضرته "السومرية نيوز"، تحت شعار "من أجل كركوك لنبني جسور السلام"، بمشاركة نحو 50 شخصية يمثلون المكونات القومية والسياسية والدينية في المحافظة، فضلاً عن محافظ
كركوك نجم الدين عمر كريم، ورئيس مجلس المحافظة حسن توران، ونائب المحافظ راكان سعيد.
كما شارك في المؤتمر عضوا
مجلس النواب زالا نفطجي وعماد يوخنا، وممثلين عن
الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني والجبهة التركمانية والمجلس الإسلامي الأعلى والاتحاد الإسلامي الكردستاني ورجال دين وشيوخ عشائر ونخب.
وقال محافظ كركوك في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "على الجميع أن يقدم التنازلات للتوصل إلى رؤية مشتركة ترضي الجميع وتعزز تآخيهم وتلاحمهم وتكون فاتحة خير من أجل وحدة كركوك ومستقبلها"، مبيناً أن "أساس تلك الرؤية ينبغي أن يكون العدالة والمساواة والقانون والدستور بعيداً عن لغة التطرف الديني والقومي والمذهبي والتأكيد على القيم الإنسانية السامية والسماوية التي جاء بها الدين الإسلامي كما المسيحي".
وأكد كريم، على ضرورة "عدم السماح بتحويل الخلافات بين مكونات كركوك إلى صراع وتناحر يرسخ الفرقة بين الأخوة"، مستدركاً أن "الحوار والاحترام والتفهم المتبادل هو السبيل الوحيد للتفاهم، لآن التناحر والخوف لا يمكن إن تصنع وطناً".
ودعا محافظ كركوك
نجم الدين عمر كريم، الجميع إلى "رص الصفوف وترك الخارج في الخارج والاعتماد على بعضنا البعض، للحفاظ على كركوك والارتقاء بواقعها وتأمين طموحات أهلها بعيداً عن التطرف والتكفير"، لافتاً إلى أن "التعددية الدينية والقومية واقع ايجابي وأساس للعيش المشترك".
ورأى المحافظ، أن "الديانات لا بد أن تسهم في تعزيز العيش المشترك وقبول الآخر وتفكيك خطاب الكراهية لتحقيق العدالة وبناء الثقة وتعزيز العلاقات بين مكونات كركوك"، مشدداً على أن "كركوك اليوم أحوج ما تكون إلى تعدديتها الدينية والقومية والثقافية التي لا ينبغي أن تؤدي للانقسام والاقتتال لآن الحل يكمن في تغليب لغة الحوار وعدم تسييس الدين"، بحسب رأيه.
من جانبه قال القيادي في الجبهة التركمانية العراقية، ورئيس مجلس المحافظة، حسن توران، في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "مكونات كركوك أثبتت أنها قادرة على الوصول إلى حلول توافقيه لمشاكلها"، مضيفاً أن "تلك المشاكل يمكن أن تحل من قبل أهل كركوك الذي لا ينبغي أن يسمحوا بتدخل الآخرين في شؤونهم أو فرض الحلول عليهم".
وتابع توران، أن "المجتمعين ضربوا للسياسيين في بغداد مثلاً عليهم الاقتداء به بعد فشلهم في عقد اللقاء الوطني منذ أربعة أشهر"، مؤكداً أن "وحدة كركوك تشكل قوة لمكوناتها".
يذكر أن الكتل السياسية في البلاد لم تتوافق بعد على عقد المؤتمر الوطني الذي دعا إليه رئيسا الجمهورية
جلال الطالباني، والبرلمان أسامة النجيفي، في (27 من كانون الأول 2011)، لتدارس الأزمة التي تعصف بالعراق وإيجاد الحلول الناجعة لها.
على صعيد متصل قال نائب محافظ كركوك، راكان سعيد
الجبوري، في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "حسن النية والحوار والتفاهم كان سائدا لدى الجميع في المؤتمر"، عاداً أن "اللقاء شكل خطوة في الاتجاه الصحيح لتوحيد الرؤى الخاصة بانتخابات مجلس المحافظة لاسيما أن كركوك بحاجة ماسة إليها لإيجاد حالة من التوازن لممثلي المكونات".
وأضاف الجبوري، أن "هنالك ضرورة لوجود ضمانات حقيقية من شأنها أن منع هيمنة أي مكون على شؤون المحافظة أو الاستحواذ على المناصب المهمة فيها حتى وإن فاز بغالبية مقاعد مجلسها"، مطالباً بضرورة "تجاوز الأخطاء التي شهدتها كركوك من جراء عدم توزان في إدارتها".
يذكر أن كركوك لم تشهد انتخابات مجالس المحافظات التي جرت خلال العام 2009، بسبب الخلافات بين مكوناتها، وتم تشكيل مجلس المحافظة عقب سقوط النظام السابق في نيسان من العام 2003 من ممثلي القوميات الرئيسة الأربع فيها، مع مراعاة حالة التوافق بغرض تنظيم أمور المحافظة وملء الفراغ الإداري والتشريعي فيها.
وتنص المادة 23 من
قانون انتخابات مجالس المحافظات على أن تجري انتخابات
محافظة كركوك والأقضية والنواحي التابعة لها بعد تنفيذ عملية تقاسم السلطة الإدارية والأمنية والوظائف العامة بما فيها منصب رئيس مجلس المحافظة والمحافظ ونائب المحافظ بين مكونات محافظة كركوك بنسب متساوية بين المكونات الرئيسة.
وكان عضو لجنة الأقاليم والمحافظات في مجلس النواب، عبد الله غرف، أعلن في (22 من نيسان 2012)، عن وصول مقترح قانون بشأن انتخابات
مجلس محافظة كركوك إلى مجلس النواب، متوقعاً إقراره قريباً ليتسنى إجراء الانتخابات خلال العام 2012 الحالي.
وتعد محافظة كركوك، 250 كم شمال العاصمة بغداد، التي يقطنها خليط سكاني من العرب والكرد والتركمان والمسيحيين والصابئة، من أبرز المناطق المتنازع عليها التي عالجتها المادة 140 من الدستور العراقي، وفي الوقت الذي يدفع العرب والتركمان باتجاه المطالبة بإدارة مشتركة للمحافظة، يسعى الكرد إلى إلحاقها بإقليم
كردستان العراق، فضلاً عن ذلك تعاني كركوك من هشاشة في الوضع الأمني في ظل أحداث عنف شبه يومية تستهدف القوات الأجنبية والمحلية والمدنيين على حد سواء.
وتنص المادة 140 من الدستور العراقي، على تطبيع الأوضاع في محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها في المحافظات الأخرى، مثل
نينوى وديالى، كما وتركت لأبناء تلك المناطق حرية تقرير مصيرها سواء ببقائها وحدة إدارية مستقلة أو إلحاقها بإقليم
كردستان العراق عبر تنظيم استفتاء، إلا أن عراقيل عدة أدت إلى تأخير تنفيذ بعض البنود الأساسية في المادة المذكورة لأسباب يقول السياسيون الكرد إنها سياسية، في حين تقول بغداد إن التأخر غير متعمد، علماً أنه سبق للجنة الوزارية المختصة بتطبيق المادة، أن نفذت بعض فقراتها، مثل تعويض المتضررين، فيما لم تنفذ أهم الفقرات وهي الاستفتاء على مصير أي من المناطق المتنازع عليها.