السومرية نيوز /
الأنبار
أضطر أحمد جابر (43 عاماً) إلى إيقاف تعامله مع وكلاء توزيع الصحف اليومية في منطقة
الباب المعظم ببغداد مستعيناً بسائق تاكسي يجلب له يوميا بضع نسخ من صحيفة بغدادية
واحدة بعد تكدس نحو 70 ألف نسخة من صحف مختلفة في مخزنه قال انه جلبها ولم يشترها
أحد خلال الأشهر الماضية.
ويضيف جابر في حديثه لـ "
السومرية نيوز" "اتفقت حالياً مع
أصحاب المطاعم وكراجات غسيل السيارات لشرائها فهي غير مرغوبة هنا ولن أجلبها حتى
لو كانت وفق نظام "التصريف" حيث أبيع الموجود وأرجع المتبقي لهم".
يشير جابر ان "الناس هنا باتت لا تقرأ الصحف القادمة من
بغداد لعدة
أسباب أهمها أن تلك الصحف لا تتحلى بمصداقية كبيرة في نظر المواطنين وخاصة تلك
التابعة للأحزاب والكيانات السياسية والجهات الدينية كما أن الكثير منها يمجد الحكومة و يهمل مطالب الأنباريين
وحتى أن الكثير منها لا يتطرق لهذه المطالب فضلاً عن انتشار
الانترنت والفضائيات".
ويضيف "الآن باتت مكتبتي مقتصرة على بضع نسخ من صحيفة الصباح كونها
تحمل أخباراً رسمية حول الرواتب والتقاعد والتعيينات ومع ذلك فان نسخ الصباح لا
تصل بأي شكل من الأشكال إلى 30 نسخة يومية في عموم مدن المحافظة".
وتصدر في ثلاث صحف تباع بشكل جيد نسبياً وهي (الجزيرة) و(الأنبار اليوم) و(الأنبار
الجديد) والأخيرتان تابعتان للمحافظة ومجلس المحافظة.
الأنبار تنتقي ما تقرأ
ويقول نقيب الصحافيين في
محافظة الأنبار أحمد الراشد إن "الأنبار
باتت تنتقي ما تقرأ
فالمكتبات العمومية والخاصة عامرة بآلاف عناوين الكتب من فلسفة واقتصاد
وسياسية ودين في فورة ثقافية سريعة طرأت على المحافظة بعد التوسع في فتح الكليات
والمعاهد والمدارس الأهلية وآخرها جامعة
الفلوجة لكن عزوف المواطنين عن تقبل الصحف
الصادرة من بغداد يأتي بسبب ضعف الثقة بمصداقيتها خاصة ما يتعلق بالأخبار السياسية
والاقتصادية وتناول تلك الصحف ما يمكن وصفه بأنها أخبار قديمة فكل ما تتناوله
موجود قبل يوم على نشرات الأخبار في الفضائيات وفي وكالات إخبارية موجودة على
الانترنت".
ويضيف الراشد ان "المكتبات المخصصة لبيع الصحف في الأنبار كثيرة وجميع
أصحابها استعاضوا عن الصحف تلك بكتب ثقافية وفنية والمجلات أكثر رواجا من الصحف".
ويشير الراشد إلى ان "هذه الحالة ليست حكراً على الأنبار فحسب بل هي
ظاهرة في جميع مدن
العراق فالصحف الورقية تراجعت كثيراً خاصة مع اختفاء التحقيقات
والتقارير الخاصة والأخبار الحصرية لدى معظمها وباتت إلى حد بعيد متشابهه فيما
بينها".
تفعيل الدار الوطنية للنشر
ولا يوافق رئيس تحرير جريدة الثقافة الفلوجية فوزي الملحمي زميله الراشد في
أسباب عزوف المواطنين عن اقتناء الصحف البغدادية وقراءتها حيث يؤكد أن جزءا كبيراً
من المشكلة يكمن في عملية التوزيع وتأخر وصول الصحف حتى منتصف النهار قادمة من
بغداد إلى الأنبار وتضاعف قيمتها المالية بشكل يؤثر على جيب القارئ.
وطالب الملحمي في حديث لـ"السومرية نيوز" الحكومة بتفعيل الدار
الوطنية للنشر التوزيع مجدداً وبشكل عاجل لأن "هناك خللاً في إيصال الصحف إلى
جميع المحافظات فهي تتأخر بالوصول حتى الثانية عشر ظهراً او أكثر من هذا بكثير
ويتضاعف سعرها ويتعرض بعضها للتلف وهذا كله خسارة للبائع، وتفويت لفرصة القراءة لدى
القارئ"
ويتابع ان "القراء موجودون وبكثرة وخير دليل على ذلك أن الأنبار احتلت
مرتبة متقدمة في إقامة معارض الكتاب التي تشرف عليها وزارة الثقافة".
لكن الملحمي أضاف "ان على الصحف التفرد بالخبر والمعلومة فقد باتت
متشابهة إلى حد كبير وكأنها تصدر من غرفة واحدة".
التلاعب بأعصاب المواطنين
وفي الفلوجة رأى الصحافي مجيد
الجبوري ان "صحف بغداد تتلاعب بأعصاب
المواطنين من خلال نشر أخبار رئيسة عن زيادات مالية في الرواتب وإيراد الجداول عن
ذلك وعن تعويض الضحايا والكثير من الأمور التي يتلهف الناس اليها لكنها في الحقيقة
مجرد معلومات من مصادر مجهولة تعتمدها
الجريدة لدفع الناس إلى شرائها، إضافة إلى تخصيصها الصفحة الأولى لتمجيد
صاحب الحزب او الكيان الذي تصدر عنه الصحفية".
والمطلوب بحسب الجبوري "هو أن تعيد تلك الصحف النظر بأساليبها في
تحرير الأخبار واختيار الدقيق منها واعتماد التحقيقات الصحيفة الاستقصائية
والتقارير اليومية التي لا يمكن للمواطن مشاهدتها في التلفزيون فضلاً عن كبح جماح
صعود سعرها فهي تصل إلى الأنبار بسعر يبلغ في بعض الأحيان خمسة آلاف دينار في الوقت
الذي لا تعدل قيمتها ربع دينار والسبب المواصلات وصعوبة الوصول ونقاط التفتيش
وغيرها، والمواطن يفضل شراء طعام لعائلته على شراء صحيفة ذات معلومات غير أكيدة يمكن
له ان يطالعها على الانترنت او ببساطة يكتفي بمشاهدة الأخبار في التلفاز
مجاناً".
وختم الجبوري حديثه بالاستدراك "علينا الإنصاف فليس جميع الصحف مشمولة
بهذا الوصف فهناك صحف جيدة لكن مع الأسف ضاع الجيد بين السيئين".
صحف الأحد تصل الاثنين
ويقول مسؤول توزيع الصحف في مدينة القائم 380 كم
غرب الرمادي صهيب عبد
الله ( 32 عاماً) توقفت عن جلب الصحف إلى هنا منذ عامين والآن أتعامل مع المجلات
والجرائد الأسبوعية والشهرية فقط فالصحف اليومية لا تصل و"إن فكر أحد بإيصال الصحف
فسيكون عليه استخدام طائرة نفاثة فمن المستحيل اليوم وصول صحف
البصرة للفلوجة
مثلاً، ونحن الآن نكتفي ببيع الصحف الصادرة بالأنبار او تلك التي تأتي من بغداد
بإصدار أسبوعي او شهري".
ويضيف عبد الله في حديثه لـ"السومرية نيوز" ان "الحكومة
متورطة بإهمال الجانب الثقافي في العراق فهي لم تقدم شيئاً يذكر سواء بدعم وصول
الصحف الحكومية الصادرة منها الينا او تلك الخاصة وهو من واجباتها ضمن قانون
المطبوعات العراقي"
ويتابع عبد الله "ان البطالة تجعل الجميع راغباً بالقراءة لكن لا وجود
لما يقرأونه سوى الكتب والمجلات ومواقع الانترنت".
التنجيم أصدق إنباء من الصحف
وتمنى المواطن عمر محمد (30 عاما) أن يرى "صحيفة جريئة تنتقد الوضع
الحالي وتبصر الناس بطريقهم وتدعو للمحبة والتآلف بين العراقيين لكن جل تلك الصحف
تبث الشائعات والتفرقة والتصريحات النارية من كلا الطرفين وبصراحة
لو كنت عاملاً
بمجال الصحافة لكنت أسست صحيفة اقتصادية تمس حياة الناس فهي أكثر قبولاً من أخبار
الحكومة والبرلمان".
وختم محمد حديثه قائلاً "أنا أفضل
قراءة طالعي والتنجيم على قراءة
وعود تحسن الكهرباء والخدمات والتعيينات فتنبؤات المنجمين قد تتحقق أما وعود
الحكومة فلا".