السومرية نيوز/النجف
يصيبك الذهول للوهلة الأولى وأنت ترى حشداً من مراجع
النجف الدينية يتواجدون في غرفة واحدة ليس على بابها حاجب أو بواب، أغلبهم منهمكون في أعمال مختلفة تصرفهم عن النظر إليك أو الإحساس بوجودك أصلاً.
أحد المراجع يضع كتبه ومولفاته بين يديه، وآخر منهمك بالكتابة وهو جالس على الأرض لا ترى منه حركة بعض ملابسه، مرجع آخر أمسك بورقة وقلم ليكتب بياناً يدعو فيه الجماهير إلى
الثورة على النظام الحاكم.
وما ان تغادرك المفأجاة حتى تتذكر أن هؤلاء المراجع جميعهم فارقوا الحياة منذ سنوات عدة، وإن ما شاهدته مجرد تماثيل من الشمع، لكنها صنعت بعناية واتقان لتحاكي الصورة الواقعية أو تكاد، والتماثيل جمعت في بعض غرف "متحف الشمع " في متحف التراث النجفي، في خطوة هي الأولى من نوعها في
العراق تبنّتها لجنة التأليف والتوثيق والنشر لمشروع النجف عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2012 قبل أن يتم تأجيله بقرار حكومي.
رجال دين وشعراء وقادة في غرفة واحدة
ويوضح المشرف على المتحف الشيخ علي ميرزا
الأسدي، في حديث لـ"
السومرية نيوز"، أن المحتف "يضم تماثيل صنعت من الشمع لأكثرمن 50 شخصية دينية وأدبية وقيادية، بينهم عدد من المراجع الذين احتضنتهم النجف خلال السنوات الماضية".
ويضيف "من بينها تماثيل للسيد أبو القاسم الخوئي، والسيد محسن
الحكيم، والمقدس الأردبيلي، والشهيدين
محمد باقر الصدر ومحمد صادق
الصدر، والأخوند، والسيد أبو الحسن الأصفهاني، وآخرون"، مشيراً إلى "وجود تماثيل لشاعر العرب الأكبر
محمد مهدي الجواهري، والشيخ
عبد الواحد آل سكر أحد قادة ثورة العشرين، وشخصيات أدبية واجتماعية ودينية أخرى".
ويشير الأسدي إلى أن "كلفة المشروع قاربت الأربعة مليارات دينار وهو من ضمن فعاليات النجف عاصمة الثقافة الاسلامية للعام 2012 قبل أن يتم تأجيله"، مبيناً أن "التماثيل صنعت في
إيران من قبل فنانين إيرانيين محترفين".
تمثال لأحد المراجع
وثائق المستعمرين
ويضم المتحف النجفي الآلاف من الوثائق الرسمية المتنوعة من الأرشيف الانكليزي والعثماني والقاجاري أبان سيطرتهم على العراق.
ويقول محمد علي ميرزا الأسدي، وهو أحد المشرفين على المتحف الذي يديره والده ان "المتحف النجفي يضم أكثر من 25 ألف وثيقة من الوثائق البريطانية الخاصة بالعراق والنجف على وجه الخصوص".
ويضيف في حديث لـ"السومرية نيوز"، أنها عبارة عن "وثائق حكومية ومراسلات ومخاطبات رسمية ووصف لبعض الأحداث"، مردفاً أن "قسم الأرشيف يضم أيضاً العشرات من الوثائق العثمانية أبان السيطرة العثمانية على العراق والتي امتدت حتى الحرب العالمية الاولى، ونحو أربعة آلاف وثيقة تعود إلى أيام
العهد القاجاري الإيراني، ذات الصلة بأوضاع العراق وشؤونه المختلفة".
أطول نسخة للقرآن في العالم
في إحدى زوايا المتحف، وما بين عجلتين كبيرتين ثمة لفافة ضخمة من الورق جلس قبالتها الخطاط حسين الخرسان مفترشاً الأرض، ليخط أطول نسخة للقرآن الكريم في العالم، على أمل الدخول في موسوعة غينيس للأرقام القياسية.
يقول الخرسان "منذ عدة أشهر ونحن نواصل كتابة أكبر نسخة من
القرآن الكريم في العالم، ونأمل دخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية"، مشيراً إلى أن "طول النسخة قيد الإنجاز يزيد على اثني عشر ألف متر"، متحدثا عن إنجاز "ثلث العمل تقريبا حتى الآن".
ويذكر الخرسان "نستخدم ثلاثة نماذج من الخط العربي في كتابة هذه النسخة، وقد قسمنا الكتابة إلى مربعات تفصل بينها فواصل زخرفية قديمة"، مؤكداً "العمل يحتاج إلى مزيد من الوقت لإنجازه".
فوتوغرافيا النجف
المتحف ضم أيضاً العديد من الصور التي توثق أحداث النجف ورجالاتها وأعلامها الكبار على مدى مئات السنين، يقول المشرف على المتحف علي مرزا الأسدي.
ويبين الأسدي "قسم الصور الفوتوغرافية ضم أكثر من 1800 صورة كبيرة، و21 ألف صورة صغيرة، وثقت تاريخ النجف الطويل"، موضحاً أنه "ضم صوراً لزيارات الملوك وشخصيات رسمية مهمة للمدينة ولمراجعها، فضلاً عن مشاهد للنجف في مراحل مختلفة برجالاتها وشخصياتها الدينية والاجتماعية".
ويسترسل "لدينا كذلك قسم الألبومات الصورية الذي يضم نسخاً من أقدم الصور في تاريخ العتبات
المقدسة والتي يعود تاريخها إلى عام 1872، أي منذ زمن الشاه ناصر الدين القاجاري الذي اصطحب معه كاميرا وصور بها العتبات المقدسة في رحلته إلى العراق".
غير أن البعض أخذ على الصور في المعرض خلوها من التعريف أسفلها وهو ما ربطته إدارة المتحف بتوقف صرفيات مشروع النجف عاصمة الثقافة.
النجف القديمة
الزورخانة والتراث الشعبي
بيت القوة أو الزورخانة كما هو أصل التسمية في اللغة الفارسية، وهي عبارة عن لعبة استعراض للقوى كانت إحدى الممارسات المعروفة في النجف، وثقت هي الأخرى في المتحف النجفي التراثي.
يقول المسؤول عن غرفة الزورخانة في المتحف، وأستاذ
كلية التربية الرياضية في جامعة الكوفة ناظم محمد، "الزورخانة كانت تمارس في النجف وفق طقوس خاصة، حيث تنشد التواشيح والأشعار ذات الطابع الديني الحماسي على
أنغام قرع الطبول".
ويضيف "اللعبة كانت تمثل محطة لاستعراض القوة والفتوة من قبل الشباب النجفي آنذاك"، مبيناً "وبما أن اللعبة اختفت أرتاينا الاحتفاظ بها في المتحف النجفي كجزء من تراث المدينة"، لافتاً إلى أن هناك غرفة خاصة تضم المعدات والطبول والمستلزمات الأخرى للعبة الزورخانة.
وناشد القائمون على المتحف بدعم حكومي له بعد توقف تخصيصات النجف عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2012.