السومرية نيوز /
نينوى
"قطعت شرايين يدي، تناولت السم والنفط الأبيض، أحرقت نفسي، لم افلح بالانتحار"، هذا ما أقدمت عليه
هدى محمد بسبب سوء معاملة زجها، ما أدى إلى إصابتها بعوق جسدي وتشوهات نتيجة الحروق، فيما تكشف صحة نينوى أن الدائرة سجلت 11 محاولة انتحار في يوم واحد، وعزت السبب لإصابة 80% من الموصليين بـ"الكرب النفسي".
وأعلنت
دائرة صحة نينوى، الجمعة، أن حالات الانتحار في المحافظة سجلت ارتفاعا خلال الأشهر الماضية، مشيرة إلى أن
العراق من أكثر البلدان تسجيلا لحالات الانتحار حرقا.
ويقول
مدير مركز العلاج النفسي التابع لدائرة صحة نينوى
محمد صالح القيسي في حديث لـ"
السومرية نيوز"، إن "80 % من المواطنين في نينوى مصابين بالكرب النفسي ما بعد الصدمة والذي يحدث نتيجة الخوف والتهديدات الأمنية التي يعيشها المواطن الموصلي في ظل التدهور الأمني وارتفاع معدلات البطالة التي نتجت عنها ارتفاع المشاكل العائلية"، مشيرا إلى أن "هذه الأمور أسهمت في ارتفاع حالات الانتحار في نينوى وبشكل مفاجئ حيث وصلت في أعلى نسبة لها في بعض الأيام إلى 11 حالة انتحار غالبيتها الحرق".
ويضيف القيسي أن "العراق هو البلد الأكثر تسجيلا لحالات الانتحار حرقا والذي يعد من أقسى أنواع الانتحار"، مبينا أن "أكثر الحوادث المسجلة في قسم الحروق في صحة نينوى هي عبارة عن حالات انتحار فاشلة يدعي ضحاياها أنها حوادث عن طريق الخطأ".
ويتابع القيسي أن "هناك أطفالاً بعمر تسع سنوات يتمنون
الموت وهذه أقسى الأمراض النفسية التي تصيب الإنسان نتيجة الحروب والخوف وعدم الشعور بالأمان" ، داعية الحكومة إلى "تفعيل ودعم الطب النفسي من خلال إنشاء مراكز تخصصية للعلاج النفسي ونشر ثقافة العلاج النفسي على انها ضرورة للماصبين بحالات نفسية".
ويشير القيسي إلى أن "هناك عزوفا من قبل المواطنين عن مراجعة مراكز الطب النفسي لأنهم يعتبرون تلك المراكز مخصصة للمجانين فقط، في حين أن علاج المرض في مراحله البدائية أسهل مما هو في مراحله المتقدمة والتي قد تدفع الإنسان لارتكاب جرائم بحق نفسه أو الآخرين".
حاولت الانتحار ثلاث مرات ولم انجح
من جانبها هدى محمد (18 عاما) متزوجة ولها ولد واحد تقول في حديث لـ"السومرية نيوز" "أقدمت على الانتحار ثلاث مرات وفشلت في الانتحار والخلاص من الحياة ففي المرة الأولى قمت بقطع شرايين يدي ولكني تمكنت من النجاة من الموت بعد علاجي من قبل الأطباء وفي المرة الثانية قمت بتناول السم والنفط الأبيض عن طريق الفم وكذلك لم أوفق في الانتحار والموت والمرة الأخيرة قمت بصب الوقود عليّ وإحراق نفسي وأيضا لم أمت فقد تمكن الأطباء من علاجي من الحروق لكني أصبت بعوق جسدي وتشوه نتيجة الحروق".
وتعزو هدى سبب إقدامها على الانتحار إلى سوء معاملة زوجها وهو جندي في الجيش العراقي "كان كلما يأتي من عمله يقوم بضربي وتعذيبي وتخويفي بسحب السلاح في وجهي وفي بعض الأحيان كان يقوم بحبسي في
الحمام وكأنه يطبق علي عقوبة كان يطبقها على الناس في خدمته وبعد أن رزقت بولد قام بأخذه مني وطلقني".
فيما قالت والدة هدى في حديثها لـ"السومرية نيوز"، إن "الظروف العائلية التي تعيشها عائلتها المتمثلة بوفاة زوجها وترك خمسة فتيان وطفلين دون معيل أسهمت في حدوث الكثير من المشكلات داخل العائلة ومنها مشاكل هدى".
حالات الانتحار في ارتفاع مستمر
من جهتها تقول رئيس لجنة المرأة والرعاية الاجتماعية في
مجلس محافظة نينوى ليال محمد، إن "حالات الانتحار دائما في ارتفاع وان اغلبها من النساء وسببه واحد على الرغم من تفرعاته يتمثل في العائلة ومشاكلها المعيشية والبطالة والغلاء إضافة إلى المشاكل الداخلية بين أفراد العائلة الواحدة".
ودعت إلى "بث التوعية الثقافية للفرد والأسرة عن طريق وسائل الإعلام وكذلك الندوات والبرامج التوعوية للقضاء على هذه الظاهرة التي تفشت في مجتمعنا"، وطالبت الخطباء " بتوعية الناس من خلال منابر الجمعة
بخطورة هذه الظاهرة في الدنيا والآخرة لكي نسهم في التقليل منها او القضاء عليها ".
يشار إلى أن العراق يفتقر إلى إحصائيات دقيقة عن عدد حالات الانتحار بسبب الضغوطات الاجتماعية والتعتيم الإعلامي، في ظل غياب البرامج الحكومية الكفيلة بالكشف عن أسبابها ووضع الدراسات لمعالجتها.
يذكر أن عدداً من المدن العراقية، شهدت خلال الفترة الماضية حالات انتحار يعزوها أطباء نفسيون إلى الضغوط النفسية والتغيرات التي شهدها
المجتمع العراقي بعد أحداث عام 2003.