السومرية نيوز/
البصرة
أعلنت الحكومة المحلية في البصرة، السبت، عن قرب إنجاز مشروع إعادة بناء دار الشاعر بدر شاكر السياب في قرية جيكور وتحويله الى متحف شخصي ومنتدى ثقافي، فيما أكدت شروع
مديرية الموارد المائية بكري وتقويم مسار نهر بويب الذي ذكره السياب كثيراً في شعره، وكاد أن يندرس في الأعوام الأخيرة.
وقال مستشار المحافظ لشؤون التراث والآثار هاشم محمد علي العزام في حديث لـ"
السومرية نيوز"، إن "مشروع إعادة بناء دار الشاعر الكبير بدر شاكر السياب لتكون عبارة عن متحف شخصي ومنتدى ثقافي شارف على الإنجاز"، مبيناً أن "الدار من المقرر افتتاحها بعد أسابيع قليلة، وقد أنجزت الشركة المحلية المنفذة للمشروع أعمال إنشاء الهيكل وتركيب الشبابيك والأبواب وصب الأرضيات تمهيداً لتغليفها بالطابوق الفرشي، وهو نوع قديم من الطابوق".
ولفت العزام الذي كان مديراً لهيئة الآثار والتراث في البصرة الى أن "الدار بحلتها الجديدة تحتوي على قاعة مخصصة لاستضافة الندوات والمهرجانات الثقافية والأدبية"، مضيفاً أن "بعض غرف الدار ستخصص لعرض مقتنيات السياب وأعماله الشعرية".
وكانت
وزارة الثقافة قررت استملاك دار السياب مقابل مبلغ زهيد في عام 1969. أما فكرة تطويرها فتعود إلى مطلع الثمانينات، عندما حاولت ترميمها هيئة الآثار والتراث، إلا أن الدار هدمت وفقدت أبوابها وشبابيكها نتيجة توغل قطاعات الجيش العراقي في المنطقة التي كانت مسرحاً لعمليات عسكرية خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، وفي عام 2002 شرعت وزارة الثقافة باعادة تأهيل الدار، لكن المشروع توقف كلياً في عام 2003 بسبب نشوب الحرب الأخيرة.
وتعتبر دار السياب من البيوت الأثرية كونها بنيت في عام 1800، وبحسب قانون الآثار العراقي فان المباني التي يعود وجودها إلى ما قبل 200 سنة تعتبر مواقع أثرية، وما دونها تصنف على أنها تراثية إذا كانت تتميز بمواصفات معينة.
وفي سياق متصل، أشار العزام الى أن "
وزارة الموارد المائية باشرت خلال الشهر الحالي إستجابة لطلب من الحكومة المحلية بكري وتقويم مسار نهر بويب المتفرع من
شط العرب، ويمتد حتى دار السياب"، معتبراً أن "عملية تأهيل النهر تعد مكملة لمشروع إعادة بناء الدار، لأن من يتواجد في الدار لابد من أن يسأل عن نهر بويب الذي ذكره السياب كثيراً في شعره".
ويقع دار السياب في قرية جيكور ضمن
قضاء أبي الخصيب، نحو 20 كم
جنوب مدينة البصرة، وتبلغ مساحتها 838 متراً مربعاً، وهي تتكون من طابقين، ويضم الطابق الأرضي ثماني غرف متجاورة يتوسطها فناء، كما كانت تحيط بالدار بساتين لأشجار النخيل وأنواع من الفواكه تمتلكها أسرة السياب، إلا أن الدار محاطة حالياً بعدد من البيوت التي أوجدها الزحف العمراني، كما كان ينطبق قبل اعمارها قول السياب في إحدى قصائده "خرائب فانزع الأبواب عنها تغدو أطلالاً"، وعلى بعد أمتار من الدار يمر بويب، وهو نهر صغير طالما ذكره السياب في قصائده.
يذكر أن بدر شاكر السياب يعد أبرز رواد حركة الشعر الحر في
العراق، وعلى المستوى العربي، وقد ولد عام 1926 في قرية جيكور، وهو ينحدر من عائلة بصرية ذات وجاهة اجتماعية، ودرس
اللغة العربية ومن ثم الإنكليزية في دار المعلمين في
بغداد، وعمل مدرساً ومن ثم موظفاً إدارياً في مؤسسات آخرها مصلحة الموانئ العراقية، وتوفي داخل المستشفى الأميري في
الكويت عام 1964 بعد صراع مرير مع المرض، ودفن جثمانه بمقبرة الحسن البصري في قضاء
الزبير، ومن دواوينه التي نشرها في حياته أزهار ذابلة، غريب على
الخليج، الأسلحة والأطفال، حفار القبور، والمعبد الغريق.
وقد واجه السياب مثل الكثير من الشعراء والأدباء العراقيين من مجايليه ظروفاً قاسية بسبب مواقفه السياسية، حيث اعتقل وفصل من الوظيفة مراراً، وفي عام 1952 اضطر إلى الهرب متخفياً بجواز سفر مزور إلى
إيران، ومنها انتقل إلى الكويت قبل أن يعود إلى العراق، وكان قبل إكمال دراسته منتمياً إلى الحزب الشيوعي ثم فصل منه ووجه له انتقادات لاذعة عبر سلسلة مقالات نشرها خلال عام 1959 في جريدة (الحرية) البغدادية تحت عنوان (كنت شيوعياً).