ولم تكن أي منظمة أو دولة، كبيرة كانت أم صغيرة، بمنأى عن ذلك.
كما لم يقتصر
الذكاء الاصطناعي التوليدي، إلى جانب نماذج كلود وجيميني والنماذج مفتوحة المصدر، على إضافة ميزات جديدة فحسب، بل أعاد ضبط وتيرة الابتكار، ووسّع فجوات الأداء، وكشف عن قلة المؤسسات المجهزة لتحويل التجارب إلى واقع عملي.
وفي مختلف القطاعات - من التعليم والمؤسسات إلى شركات الأدوية والقطاع العام - ثبتت صحة فكرة واحدة، أن المنظمات التي تزدهر مع الذكاء الاصطناعي لا تبدأ بالأدوات، بل تبدأ بالأشخاص.
ويستكشف هذا التقرير من موقع entrepreneur، أثر أول 1000 يوم من الذكاء الاصطناعي، واستكشاف عملي متعدد التخصصات لما غيّره الذكاء الاصطناعي بالفعل، وما ينتظرنا، وما يجب على القادة فعله الآن لبناء التوافق والثقة والزخم في عصر الأنظمة الذكية.
بدأت العديد من المؤسسات رحلتها في مجال الذكاء الاصطناعي بالاستعانة بمصادر خارجية لتكنولوجيا المعلومات.
وسُلّمت أدوات توليدية مثل ChatGPT إلى مديري تكنولوجيا المعلومات، وطُلبت خرائط طريق، وأُعلن عن مشاريع تجريبية، وقورنت المنصات، في غضون ذلك، تباطأ الزخم.
وفي المقابل، بدأت المؤسسات الأكثر تكيفًا بإشراك الموظفين مباشرة في الاستعانة بالأدوات، ونظرت إلى سير العمل، لا إلى مجموعات التقنيات.
وكان واضحا من خلال الاستخدامات الأولى أن الذكاء الاصطناعي ليس لوحة معلومات أو روبوت دردشة.
إنه محفز على مستوى النظام، يمس كل قسم -
الشؤون القانونية، والموارد البشرية، والمالية، والعمليات، والتسويق.
كما أنه يثير تساؤلات حول الأخلاقيات والمساءلة ومستقبل العمل، ويتطلب من المؤسسات التوقف عن التفكير المنعزل والبدء في العمل عبر هذه الأقسام.
لم تأتي بعض أكثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي تأثيرًا في الألف يوم الماضية من
القيادة العليا أو الاستشاريين الخارجيين، بل جاءت من داخل المؤسسات.
موظفون لاحظوا أوجه القصور، واختبروا أدوات توليدية، ووجدوا سبيلًا أفضل للمضي قدمًا في ممارستهم، هؤلاء رواد الأعمال الداخليون، الذين يعيدون بناء مؤسساتهم من الداخل إلى الخارج.
وخلال جلسات استراتيجية تابعها خبراء موقع entrepreneur ، غالبًا ما كان موظف دعم العملاء هو من يبني قاعدة معرفية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، أو محلل الامتثال الذي يستخدم نماذج لغوية واسعة النطاق لأتمتة التوثيق، أو الأستاذ الذي يُعيد ابتكار نظام التقييم.
ولم تعتبر هذه ممارسات فردية من جانب الموظفين معزولة من الإدارة وسياساتها، بل هي المعيار الجديد للابتكار.
وتُبرز المؤسسات الأكثر مرونة هذه الجهود مبكرًا، وتُكافئ سلوك من يقوم بها من موظفين، وتُوسّع نطاق ما يُجدي نفعًا.
فهي لا تكتفي بالمبادرات الرسمية، ولكنها تبني ثقافات تُستبدل فيها الموافقة بالمشاركة، وتتحرك بسرعة - ليس بتهور، بل بثقة.
الذكاء الاصطناعي يضاعف الثقافة
وفيما يخص مرونة تبني الذكاء الاصطناعي، لوحظ أن الذكاء الاصطناعي لا يُغير الثقافة في المؤسسات، بل يعكسها.
فالمؤسسة القائمة على الصرامة والتحكم ستمارس المزيد من الشيء نفسه فيما يخص انتشار استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بين موظفيها.
أما المؤسسة القائمة على الفضول والتعاون والشفافية، فستنمو وتتعلم أسرع، وستُصبح رائدةً في السوق.
وتتعامل المؤسسات ذات الأداء العالي بمبدأ واضح في هذا السياق، التوافق يسبق التسارع. حيث تسأل الموظفين عما يُبطئهم، ثم تتصرف بناءً على الإجابات، وتستبدل الهياكل التنظيمية الجامدة بفرق متعددة الوظائف، وتنتقل من السياسات إلى النماذج الأولية.
والحوكمة ليست مجرد فكرة ثانوية، بل هي جزء لا يتجزأ من العملية، ولا تُشكّل الأقسام القانونية والموارد البشرية والامتثال عوائق، بل يكونون في هذه الحالة شركاء في نموذج العمل الجديد، ومعًا، تبني هذه الأقسام أنظمةً أخلاقيةً وشاملةً وقابلةً للتطوير منذ اليوم الأول.
وبالنسبة لهذا النموذج من الشركات، الذكاء الاصطناعي لا يكون مجرد مجموعة أدوات، بل هو تحد قيادي، والمؤسسات التي تُواجهه بإجابية تبني الثقة والتحول لعملية التبني بالتوازي.